منتحروا الثانوية ..يعيشون فشلة ويموتون أغبياء وقاتلهم متعمد ولا يحاكم

532

منذ أيام قليله أعلنت أغلب البيوت لمصرية حالة الطوارئ اذ بدأت امتحانات نهاية العام الدراسي في المدارس الثانوية والجامعات ، و تمتلئ الصحف بأخبار الطلبة يوميا وترصد حالتهم بعد اللجان وانهياراهم ودموعهم وحالات الاغماء والغضب وأيضا حالات الانتحار . في محافظة المني انتحرت طالبه تبلغ من العمر 19 عاما بأخذها أقراصا سامه ، وذلك  بسبب أن والدها رفض أن تقوم بتقيسم المواد في امتحانات الثانوية العامة . خبر اخر من محافظة اخرى في نفس التوقيت ،  " سيبوني أموت في سلام " كانت هذه هي بداية رسالة الانتحار التي تركتها اسراء الطالبة في كلية الطب جامعة المنصورة قبل الأمس في غرفتها قبل ان تقرر الانتحار بسبب خوفها من الامتحانات. كعادة كل عام في مثل هذا الوقت ، وقت الامتحانات ، تزداد معدلات الاقبال على الانتحار بين الشباب والفتيات وعندما نقرأ عن التفاصيل نجد الناس تنعتهم بال(غباء) لانهم انهوا حياتهم باكرا لسبب تافه..  والأيدي تمتد لتربت على كتف الأب المكلوم والأم المصدومة الباكية ، ثم تشير بأصابع الاتهام الى الامتحانات ، في تغافل متعمد عن القاتل الحقيقي.. الأهل ، كل اب وام  صنعوا من ورقة الأسئلة شبحا أسموه ( بعبع الثانوية العامة ) ، كل من دق طبول الخطرفي البيت والذي من المفترض ان يكون ملجأ آمن وملاذ  من أي خوف فتحول الى منطقة حرب حقيقية  أبواب مغلقه وأسلاك شائكة وأجواء مشحونه مليئة بالتوتر والضغط . أوهام مغروسة في العقول انسقنا خلفها بلا تفكير .. أوهام ساعد المجتمع الجشع في بثها بلا حساب وهي انه لايوجد هدف اسمى في احياة من أن ( تجيب مجموع كبييييير في الثانوية ) و تدخل كلية قمة وما دون ذلك فهو فشل . كليات القمة تعني المال والمال أهم شيء.

 يبدأ الأمر منذ بداية العام الدراسي ، لا بل قبل ذلك أيضا .. يبدأ الأمر بانتقاء العاب معينة لأطفالهم في مناسباتهم وأعيادهم ، كأدوات الطبيب والجراح والمسدسات وبذلة الضابط والعروسة بفستان الزفاف، لعبة تحديد المصير وتعويض أمنيات الأهل الغير محققه تبدأ منذ الصغر ، ويستمر غرس البذرة في عقولهم تباعات بالدعاوي المختلفه ( يارب تطلع دكتور قد الدنيا ، أشوفك مهندس كبير مالي مركزك ، يارب نفرح بيكي ونشوفك عروسه ) فيتركز في عقول الطفال أن هذه المهام هي افضل ما في الحياة وانهم سيجلبون الفرح والسعاده لاهلهم اذا حققوا تلك الحلام وربما يملوؤن أيديهم بالمزيد من الحلوى والايس كريم . يكبرون قليلا ويزيد الوعي والادراك  بما يرون وما يسمعون وتبدأ نفوسهم وأرواحهم بالميل في اتجاهات مختلفه بشغف قد ينتج من بداية ولادة موهبة ما  داخلهم ، كرياضة معينه ، او موسيقى او غناء او كتابه او رسم ، فيظهر الأهل مجددا لتحطيم أي حلم آخر غير احلامهم ( هم ) لان كل هذه ملهيات ، عن ماذا ؟ عن المذاكرة بالطبع .. فانت الان خلقت لتذاكر تستيقظ لتذاكر وتاكل وتشرب وتنام لتذاكر ، حتى تحصل درجات مرتفعه وتدخل كلية قمه .... وماذا عن أحلامي في كذا ؟ لا ( ده مش هيأكلك عيش ولا هيجيبلك شقة ولا عربية ولا هيخليك تعرف تتجوز منى بنت عمك ) ويغلقون الأبواب عن أي تفكير اخر ، ويدفنون اي موهبة في مهدها بمنع ممارستها وعدم التشجيع عليها او الاهتمام بها ..اعوام واعوام تضيع في الدراسة لأشياء لا يريدونها ولا يريدون العمل بها وكأن العمر طويل جدا وكافي للعديد من التجارب والخبرات لنمضي ربيعه فيما لا نحب . ثم تأتي الثانوية والذي يبدأ الضغط النفسي فيها بأخذ شكل مختلف تماما .. قالوا عنها ( سنة الحسم ، عام تحديد المصير ، اهم سنه في حياتك ، عنق الزجاجه) والكثير من العبارات المفزعه التي لا تزيد من طين المراهق الا بله ولا تساعده الا بمزد من الخوف والقلق ، وان كانت هذه العبارات تسمع اكثر خارج المنزل ، الا ان النزل يتحول الى بيت رعب حقيقي ، المزيد من الضغط بطرق مختلفه  والترهيب ايضا بطرق مختلفه ،  ان كل مستقبلك متوقف على هذه السنه ، وساعة الامتحان يكرم المرأ او يهان ، ف( مافيش خروج مافيش هزار مافيش فسح ولا احتفال بالأعياد مافيش ممارسة لأي نشاط ولا اي شيء غير المذاكره مافيش صحابي مافيش تلفزيون مافيش سهر مافيش اي حاجه لحد الثانويه ما تخلص يا فاشل) وان لم تذاكر وتوصل الليل بالنهار فلن تحصد المجموع الذي يريدون ، وان لم يحدث ذلك فانت فااااااشل ..اما  الكلية التي يريدونها او انك تنعت بالفاااااشل طوال حياتك في كل الاوقات وامام كل الناس ، والضغط بالابتزاز العاطفي احد اهم الوسائل ايضا .. فتختفي الابتسامه من وجه الام وتستعيض عنها بالتجهم والبكاء احيانا ،  فان لم تحصد مجموعا مرتفعا كما نريد فستدخل الحسرة الى قلوبنا ونمشي مطأطئين الرؤوس في الشوارع و ( ليه يابني تقتل فرحتنا و تعمل فينا كده احنا قصرنا معاك في حاجه ؟ دانا صارف عليك دم قلبي دروس) .. وان لم تنجح وسائل الضغط في ادخالهم في حالة الخوف وقلق مزمن فان التهديد والترهيب بمستقبل اسود داخل المنزل كفيلة بادخالهم في اكتئاب حاد ورعب دائم .. فان لم تفلح انت مش هاتشوف الشارع بعينك وهعلقك من رجلك واكتفك واضرب فيك طول اليوم  ومافيش فلوس وشوف مين هيصرف عليك ولا انتوا ولادي ولا اعرفك و تقعدي في البيت و هنجوزك وقلبي وربي غضبانين ليوم الدين ..... 

اذن فهي نهاية العالم حقا ...اخر الدنيا و( الغلطة بفورة والربع درجه بتفرق ومصيري بين السطور ) فيلتصقون  بالكرسي امام الكتاب طوال العام ..يجلدون انفسهم  اذا قرروا ان يرتاحوا قليلا  ..ويؤنبهم ضميرهم  خلال دقائق تواجدهم في الحمام ، ضغوط متواصله بكاء مستمر ، قلة نوم وانعدام تركيز تشتت في التفكير وخوف من الفشل ، اعصاب منهارة وذهن مرهق واضطرابات في الأكل وكوابيس دائمة ، كل هذا يحدث بنسب متفاوتة عند هؤالاء المراهقين الذين لا يتعدى عمرهم 20 عاما ! في مقال تم نشرة على موقع ( كونسولتو) يقول استشاري الطب النفسي جمال فرويز أن " زيادة ضغط الأهالي على أبنائهم قد يؤدي إلى الانتحار، ووضح أن بعض طلاب الثانوية قد تكون أخطائهم في الامتحانات قليلة، لكنهم يتصورون أنها كارثية نتيجة للضغط الذي يمرون به، فيدفعهم ذلك إلى الانتحار، الذي يتصورن أنه أنسب الحلول"

لذلك ، الرفق الرفق بأبنائكم .. نجاحكم وسعادتكم ليست بفرض كلية محدده عليهم ، النجاح في الحياة يكمن في النجاح فيما نحب ومانريد ان نكون ، ودور الأب والام ليس بجعل اولادهم الأغنى بل الأفضل وان يشجعونهم على التفوق والتميز فيما يحبون هم وليس انتم.. يكفي ترهيبا وتخويفا من الدراسة والكتب

كيف يتزنون نفسيا مع كل هذا الغط والخوف والقلق المستمرين؟ كيف يستطيعون المذاكرة والحفظ والتركيز ؟ كيف وانتم تعلقون امالهم واحلامهم وكل مستقبلهم بورقه ؟ كيف تنعتونهم بالغباء اذا لم يجدوا سبيلا لانهاء معاناتهم الا الموت وكيف لا ترون انفسكم قتلة؟

تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك