في ذكرى ميلاد ناصر .. كيف تحول المصريون من عمال وفلاحين إلى فواعلية؟؟

483


عقب ثورة 23 يوليو، قام جمال عبد الناصر بالعمل على تحسين أوضاع الاقتصاد المصري ، فبعد تنظيم القطاع الزراعي وتطويره، اتجه إلى تطوير القطاع الصناعي، بإنشاء المجلس الدائم لتنمية الإنتاج القومى فى سبتمبر 1952، أصد المجلس خطة الاستثمارات العامة فى يوليو 1953 وهى خطة طموحة لمدة 4 سنوات بدأت بمقتضاها الدولة فى استصلاح الأراضى.

وعمل عبد الناصر على إنشاء المشروعات الصناعية ، كان على رأس تلك الصناعات صناعة الحديد والصلب، بالإضافة إلى إنشاء شركة الأسمدة كيما، ومصانع إطارات السيارات الكاوتشوك، ومصانع عربات السكك الحديدية سيماف، ومصانع الكابلات الكهربائية، وبعد السد العالى، وفى الستينات، تم مد خطوط الكهرباء من أسوان إلى الإسكندرية، كما تم بناء المناجم فى أسوان والواحات البحرية، وعمد على إنشاء هذه المشروعات على التمويل الذاتي دون الحصول على قروض أجنبية أو معونات.

وأعلن البنك الدولي في تقريره رقم 870 أن مصر استطاعت عبر تلك الإجراءات تحقيق نسة نمو من عام1957 – 1967  بلغت ما يقرب من 7 % سنويا، ما يعنى أن مصر استطاعت فى عشر سنوات من عصر عبد الناصر أن تحقق تنمية تماثل أربعة أضعاف ما استطاعت تحقيقه فى الأربعين سنة السابقة عليه.

وبالرغم من مرور مصر بظروف مأساوية في عهد الزعيم الراحل والتي كانت تتمثل في النكسة ، لكن مصر حافظت على نسبة النمو الإقتصادى قبل النكسة، بل أن هذه النسبة زادت فى عامى 1969 و 1970 وبلغت 8 % سنويًا، وأستطاع الاقتصاد المصرى عام 1969 أن يحقق زيادة لصالح ميزانه التجارى لأول و أخر مرة فى تاريخ مصر بفائض قدرها 46.9 مليون جني بأسعار ذلك الزمان. 

بالإضافة إلى ذلك تحمل الاقتصاد المصرى عبء إعادة بناء الجيش المصرى من الصفر وبدون مديونيات خارجية كانت المحلات المصرية تعرض وتبيع منتجات مصرية من مأكولات وملابس وأثاث و أجهزة كهربية، كما رصدت  تقارير البنك الدولى بعض مظاهر التحول الاجتماعى العميق الذى شهدته مصر مابين عامى (1952 -1970)، حيث زادت مساحة الأرض الزراعية بأكثر من %15.

 بالإضافة إلى الصناعات التي استطاعت أن تنافس السوق القومى بمنتجات جيدة، واكد تقرير البنك الدولي حينها أن النظام فى عهده كان بحاجة ملحة إلى كسب ظهير شعبى، الأمر الذى دفعه لوضع خطة اقتصادية حقيقة يعمل من خلالها على كسب الفئة المستضعفة من الشعب.

ورأى باحثون أن عهد عبد الناصر وفكره الاشتراكى ساعده فى تلك النهضة التى كان لها تأثيرا عظيما على الاقتصاد المصري حينها، لافتا إلى غياب الفكر الاشتراكى عن الدول والأنظمة الحالية وإنما تم استبداله بفتح السوق، وأصبحت الدول تعتمد على الرأسمالية البحتة، ما جعل المصانع والشركات أغلبها تقع فى أيدى القطاع الخاص والمحتكرين.

كما يرى باحثون أنه : “إذا كان النظام يريد تحقيق نهضة صناعية حقيقة، عليه الابتعاد عن الشو الإعلامى، وعمل خطة اقتصادية حقيقية ومدروسة، وأن يتعاون مع القطاع الخاص، ويجعل من نفسه رقيبا عليهم؛ حتى يتم تقديم منتج ذو جودة وبأسعار مناسبة كما كان يحدث فى عهد عبد الناصر، لكن فى الحقية، القطاع الخاص الآن يقدم أسوأ جودة للمنتج بأسعار مرتفعة، ما ولّد حالة نفور من الصناعة المصرية وتسبب فى هبوط الاقتصاد المصرى.

من جانبه، قال وائل توفيق، القيادى العمالى والكاتب الصحفي، إن الزعيم الراحل عبد الناصر تعامل بذكاء مع ثورة 23 يوليو بمحاولة كسب رضا شعبى من خلال تحقيق نهضة صناعية ناجحة، مؤكدا أن الصناعة فى عهد عبد الناصر حققت نجاحات كثيرة، كان أبرزها حالة الثقة التى صنعها مع الشعب من خلال وعود نفذها على أرض الواقع بمشاريع صناعية عملاقة وزيادة الأيدى العاملة من فئات الشعب البسيطة، ومنافسة السوق القومى بمنتاجات مصرية جيدة الجودة.

وأوضح “توفيق” أن النظام الحالى لم تقدم خططا صناعية حقيقة، كما أنه خلق حالة من العداء مع العمال، بالإضافة إلى خصخصة المصانه والشركات، على عكس ما فعل الزعيم الراحل عبد الناصر.

ويعتمد النظام الحالي في مصر على القطاع العقاري كمحرك لتحقيق النمو الاقتصادي ، فتوسع في انشاء الطرق والكباري والمدن الجديدة ومشروع تفريعة قناة السويس ، وأنفقت الدولة مليارات الدولارات معتمدة على قروض خارجية وصلت بالدين المصري إلى حوالي 85 مليار دولار.

ليكون الاستثمار العقاري في عهد السيسي ، بديلا للنهضة الصناعية التي حققها ناصر في الستينات ، وتكون سرعة الانجاز هدفا للدولة بغض النظر عن التكالي والجدوى الاقتصادية للمشروعات.









تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك