المعايير هناك تختلف

1025

فيه اس ساعات بتستغرب من اخبار اعتقال او حبس بعض المشاركين فى تظاهرات القدس أو تظاهرات التنديد بالقرارات الامريكية أو الاعتداءات الاسرائيلية, بيستغربوا ويقولوا ليه بيمسكوا شباب وطنى بيهتف للقدس او للقضية الفلسطينية؟ ليه بيمسكوا شباب ضد التطبيع أو ضد الجرائم الاسرائيلية؟


ناس طيبيبن قوى بصراحة.


لكن السلطة والاجهزة ليهم معايير مختلفة للحكم على الأمور والحكم على الوطنية, وطول عمرهم بيقبضوا على شباب ضد التطبيع  أو شباب بيشجب ويتظاهر ضد الوحشية الصهيونية أو شباب متضامن مع لقضية الفلسطينية أو شباب ضد الامبريالية والهيمنة الأمريكية.... عادى جدا.. وكمان اللى بيتقبض عليهم  بيتعذبوا عادى, وكمان بيتم معاملتهم كخونة وعملاء ومخربين وارهابيين  رغم انهم ضد الصهيونية و الامبريالية... عادى جدا.  وبيتقال عليهم برضه اعداء الوطن.. عادى جدا.. والكلام دا بيحصل من السبعينات وناس كتير جربته.


 


السلطة واجهزتها ليها معاييرها للحكم على الوطنية , زي ما برضه كل فصيل او اتجاه فكرى له معاييره فى الحكم على الأمور , يعنى مثلا التيار القومي أو الناصرى بيكون حكمه على الأمور من منطلق القضية الفلسطينية  و الموقف من الولايات المتحد (أو هكذا يفترض) , فطالما انت بتتكلم عن القضية الفلسطينية وبتغني للقضية اللسطينية وطالما انت بتتكلم عن نظريات المؤامرة  يبقى انت كده وطنى , وفيه  كذلك فصيل من القوميين بيبقى معيار الوطنية  عنده هو فكرة دعم (محور الممانعة والمقاومة وحسن نصرالله والمليشيات الايرانية) , فطالما بتؤيد أفعال محور المقاومة والمليشيا الايرانية فذا انت وطني تستحق الحياة, غير كده تبقى خاين وعميل.


وفيه قوميين مثلا لو قولت مثلا كلمة اسرائيل ولم تقل الكيان الصهيوني, فاذا انت خائن وعميل وتستحق القتل... وهكذا.


لكن قضايا مثل الديمقراطية وحقوق الانسان ومواجهة السلطوة .. فدى كلها تعتبر هامشية لدى قطاع كبير من الناصريين, واحيانا ممكن تسمع تنظيرة الحقوق الجماعية مقدمة على الحقوق الفردية, ودى تنظيرة قديمة لكن لسه بتستخدم عموما لغاية دلوقتي من قبل الانظمة السلطوية


طبعا مش حابب أعمم , ولكن حتى التيار القومي ممكن نقول ان برضه فيه تنوع, واحيانا بقابل ناصريين ضد نظريات التخوين وضد التعصب بشكل عام,وممكن برضه تقابل شخص أو اكثر ناصريين او قوميين ولكن ضد السلطوية وممكن ينتقدوا أخطاء عبدالناصر والانظمة المشابهة.. فيه والله.


خلاصة القول إن القوميين والناصريين ليهم معايير للحكم على وطنية الآخر.


كذلك الاسلامين , صحيح إن مصطلح الوطنية مالوش اعراب كبير لدى المشروع الاسلامى عموما , لكن بشكل عام يمكن القول إن مواضيع زى الحاكمية واستعادة امجاد الخلافة وتطبيق الشريعة هى جوهر الحكم على الأمور لدى  التيار الاسلامي الواسع أو لدى المشروع الاسلامي عموما أو لدى فصائل الاسلام السياسي, من أول داعش والقاعدة والسلفية والاخوان وما بينهم.


المنطلق الديني والهوية الدينية هو معيار الحكم على كل الامور ومعيار الحكم على الاشخاص والتيارات هل كويس ولا مش كويس, ايمانه قوى ولا ايمانه ضعيف , يستحق النصرة أم لا يستحق, طبعا كل دا بدرجات, وبرضه لا يجب التعميم لإن برضه هتلاقى من ينتمي للتيار الاسلامي ويرفض تكفير الاخر ويرفض التعصب والتمييز على حسب الدين , فيه والله وإن كان مش التيار الغالب.


 


وبرضه ممكن نقول التيار الاشتراكي او كل الفصائل والافكار اللى على اليسار بيكون موضوع العدالة الاجتماعية هو المعيار للحكم , وبرضه بدرجات  واختلافات ووجهات نظر متعددة داخل التيار الواسع اللى  يمثل اليسار بكل تنوعاته وتدرجاته , لكن المعيار فى الحكم عموما هو السياسات الاقتصادية  وتوزيع الثروة وقضايا العدالة  الاجتماعية , مع اختلاف الطرق  أو درجة الراديكالية.


 


وفيه المنظور الليبرالى للحكم على الامو اللى بيعلى من قيمة الحريات الفردية وبتكون هي المعيار الاساسى , وحتى ده فيه بضه  درجات وتطورات كثيرة  طوال القرون السابقة.. وهتلاقى فيه ناس بتدافع عن الحقوق والحريات بجد كقيم انسانية, وهتلاقى اللى يعنيه الحريات الشخصية فقط ولا يهتم بالحقوق الطبيعية ويطلق على نفسه ليبرالى فى الوقت نفسه, رغم ان تغاضيه عن انتهاكات الحقوق يتنافى مع الليبرالية.


وبدون الاطالة علشان المواضيع دى فيها اراء وجدال وتنظيرات لم تنتهي منذ مئات السنين ولن تنتهي , نعود للموضوع الأصلى وهو المعايير اللى بتحكم عليها السلطة فى مصر , وهي معيار الولاء فقط وليس غير.


 


يعنى مهما كنت ضد اسرائيل والصهيونية وامريكا والغرب وكل الدنيا, أو مهما كنت شايف إن مصر أولا او مصر وبس, ومهما كانت درجة وطنيتك حتى لو كانت متطرفة , لكن ليك أراء معارضة اذا فأنت خاين وعميل وبتاخد تمويل خارجى وعندك اجندات وحروب جيل رابع وكده.


 


لكن لو انت مؤيد للسياسات وللحكومة وللنظام , فانت عندهم وطني ومواطن صالح , حتى لو كنت مؤيد للتطبيع , أو حتى لو كنت رجل اعمال بيتعامل مع اسرائيل.. والامثلة كتير على ده على فكرة, او حتى لو كنت بتتعامل مع نيتانياهو شخصيا, مفيش مشكلة طالما مؤيد للنظام وبتطبل لكل الخطوات, فانت فى نظرهم شخص عاقل مؤيد لمصلحة البلد , اللى هى مصلحة السلطة ورئيس الجمهورية على طول طبعا, لإن الدولة هى رئيس المهورية وحكومته , ورئيس الجمهورية  وحكومته هم الدولة  طبعا , وكل القرارات بتصب فى مصلحة المواطن المصرى والعربى, حتى لو كانت فى جوهرها  تنفيذ لأهواء ومصالح صهيونية حقيقية.


 


ولذلك لا تتعجب لما تلاقي فى السجون شباب بينادى بمصرية الجزيرتين, أو بيقول ان القدس عربية, أو بينادى بعدالة اجتماعية , أو بينادى بالشفافية ومحاربة الفساد,أو بينادى بنظام عادل للتامين الصحي , أوبيقول تحيا مصر ... فدول اسمهم  " اعداء الوطن " طبقا لمعاييرهم.


تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك