كيف تحول قتل الأبناء إلى "ترند" واقعي؟

425

يبدو أن نظرية: "الآباء لا يقتلون أبناءهم"، قد ولت بغير رجعة، ففي أول أيام عيد الأضحى المبارك عثر على الطفلين "محمد وريان"، غارقين في ترعة بمركز فارسكور بدمياط وسط سيناريوهات متضاربة انتهت باعتراف الأب بقتلهما.

اصطحب الأب طفليه إلى "ملاهي البحر"، ثم توجه بهما إلى منطقة البحر الجديد بالقرب من الملاهي، وألقى بطفليه، واحدًا تلو الآخر حتى تأكد من وفاتهما، وعاد إلى الملاهي زاعما اختطافهما على يد أشخاص بينهم خلافات مالية.

وبعد التحريات والتحقيقات، اعترف المتهم "الأب" بقتل أبنائه، فهو لا يستحق أن يكون أبًا.

ربما تقول إن الواقعة أمر فردي،إلا أن ما يحدث من تكرار الحوادث على أرض الواقع يشبه ما يمكن إطلاق اسم "ترند" عليه، فاستقيظنا أمس السبت على واقعة أخرى لأم،  ألقت بطفليها في ترعة البحر اليوسفي بمحافظة المنيا، جنو القاهرة.

فيما نجا طفل رضيع بينما غرق شقيقه الأكبر، بعدا ألقتهما الأم داخل الترعة، بسبب خلافات مع زوجها.

وبحسب وسائل الإعلام فإن الأم التي تدعى شيماء (24 عاما) ألقت بطفليها (5 سنوات و6 أشهر) داخل ترعة بحر تابعة لقرية صفط الخمار بالمنيا، بعد خلافات عائلية مع زوجها، المدعو رجب (33 عاما).


جريمتان متشابهتان في طريقة القتل، ومختلفتان في الدوافع بين عدم استحقاق الأبوة، والانتقام من الأب، وهو ما يعيد إلى الأذهان واقعة عيد الفطر 19 يونيو 2018، وهي الواقعة التي أبلغ فيها نجل الفنان المرسي أبو العباس عن مقتل زوجته وطفلتيها في شقتهما ببولاق.

في هذه الواقعة حضرت الشرطة، وكشفت المعاينة وجود بعثرة في محتويات الشقة، وسلامة المنافذ كافة، دون وجود كسر في الباب أو النوافذ، وعُثر على جثث الأم "هبة"، 38 سنة، بكدمات بالعين والصدر وبجوارها "إيشارب" داخل غرفة نومها، وابنتيها "جنة الله"، 14 سنة، مخنوقة بوسادة، و"حبيبة"، 10 سنوات، بسلك هاتف.

 وأثناء التحقيقات  اعترف  "الأب" المتهم بقتلهم معللًا السبب" قتلتهم علشان خايف عليهم"، بعد خسارته مبالغ طائلة بالبورصة، إضافة لتراكم الديون عليه.

ومن قتل الأبناء إلى التعذيب حتى الموت، ففي يونيو الماضي لفظ طفل أنفاسه الأخيرة داخل منزله جراء وصلة تعذيب على يد والده بمركز العياط، جنوب المحافظة، وكشفت معاينة الرائد كريم عليان، معاون مباحث العياط، أن جثة الطفل 9 سنوات، بها آثار ضرب متفرقة بالجسم، وتوصلت تحريات النقيب عبد الحليم الجيار إلى أن والده تعدى عليه بالضرب المبرح بسبب رفضه مساعدته في أعمال الفلاحة.

في السياق نفسه، يقول هاشم بحري، أستاذ الطب النفسي، في تصريحات صحفية، إن مرض الاكتئاب العقلي تصاحبه حالة حزن شديدة للمريض، ويرى المريض أنه هو وأولاده وزوجته سبب المشاكل في الحياة، ويبدأ في التخلص منهم وينتحر بعدها للتخلص من الآلام.

وأضاف "بحري" في مداخلة هاتفية لبرنامج "رأي عام" على قناة "ten"، في يوليو الماضي أن "الغيرة المرضية لدى بعض المرضى لا يمكن تغييرها مهما كان، فمثلًا لو شاكك في مراته لا يغير فكرته حتى يتخلص منها ومن أولاده".

وأوضح أن "قتل الأب لأبنائه وزوجته ناتج عن أمراض عقلية"، موضحًا أن "الإنسان الطبيعي يكون مجهدًا جدًا في درجة الحرارة العالية، والاكتئاب يزيد وبشدة مع ارتفاع درجات الحرارة".

وفي تصريح صحفي لبوابة الأهرام، قالت الدكتورة هناء أبو شهدة أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر، إن حالات قتل الأباء والأمهات لأطفالهم، والتى انتشرت فى الفترة الأخيرة لا نستطيع تصنيفها كونها ظاهرة فى المجتمع، فهى لازالت حالات فردية تؤكد سلوك غير طبيعي لهؤلاء.

وعزت أبو شهدة أسباب تلك الجريمة إلى أمراض نفسية يعانى منها مقترفوها كالاكتئاب والفصام وحالات، مشيرة إلى أن الضرب المبرح للأطفال من قبل الأباء ناتج عن أن تلك الشخصية تعاني اكتئاب عقلي.

وتابعت أستاذ علم النفس فى تصريحاتها لـ"بوابة الأهرام" قائلة إن الاكتئاب النفسي يمكن أن يزول بالعلاج أما الاكتئاب العقلي فمن الصعب زواله، ويقترف مريضه حوادث بشعة أخطرها على الإطلاق القتل لأقرب الناس حوله، مؤكدة على أن هؤلء يتعرضون لما يسمى بـ"الهزاء"، وهو أن يتحدث إليه عقله ويأمره باقتراف جريم القتل بأن يهيئ إليه أن قتل أطفاله ضرورة لابد منها والتخلص منهم سيريحه من مشاكل كثيرة يعانى مكنها.


تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك