السياسة والقانون فى تعديل الدستور ١

431

فى غضون شهر يناير عام 2014 دعا النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والأنتاج الحربى الفريق أول عبدالفتاح السيسى (انذاك) جموع الشعب المصرى للنزول والمشاركة فى الأستفتاء على دستور 2014 بعد أن قام الرئيس الأسبق محمد مرسى بإصدار إعلان دستورى على اثره ولأسباب أخرى قامت ثورة 30 من يونيو والى أنحاز فيها الجيش إلى الشعب بعد مطالبته بالأنضمام إلى الشعب والتدخل فى إزاحة هذه الجماعة عن الحكم ،وعلى جانب اخر من المشهد دعا كذلك الكثير من الشخصيات العامة والقيادات الطبيعية وزعماء الأحزاب وغيرهم مما أصبحوا نواب حاليا فى البرلمان المصرى .

وبحلول شهر يناير عام 2019 تعالت النداءات بضرورة تعديل الدستور، ولم يمر سوى شهر حتى تقدم إئتلاف دعم مصر بطلب رسمى موقع من 150 عضو بتعديل الدستور إلى رئيس مجلس النواب والذى بدوره أحاله إلى اللجنة العامة بالمجلس والتى لم تكاد أن تنتهى من قرائته حى وافقت على تلك التعديلات بعد يومين لتحال إلى الجلسة العامة ليبدى الساة النواب ارائهم فى تلك التعديلات وفى حال موافقة الثلثين من الأعضاء يتم عمل إستفتاء شعبى على تلك التعديلات ليقرر الشعب المصرى إما تمرير التعديلات أو رفضها ليستمر العمل بالدستور دون تعديلات الأمر الذى يفرض على البرلمان فى هذه الحالة تقديم إستقالته.

والحقيقة أننا فى موقف لا نحسد عليه بين امال تتحطم امام طغيان وإنحراف تشريعى يقوم به مجلس النواب المصرى،فمنذ انعقاد هذا المجلس لم نرى له انحياز للمواطن المصرى وحرياته بل العكس وجدناه دائما إلى جانب السلطة فىتشابه علينا الأمر لم نعد نعرف من و تنفيذى ومن تشريعى ورقابى فمن قانون التظاهر إلى قانون المجتمع المدنى إى إقرار برنامج الحكومة المحمل ببرنامج الأصلاح الأقتصادى ومن ورائه صندوق النقد عام وراء عام دون أى تعديل أو مراجعة لمدى تطابقه مع نصوص الدستور والذى أقر نسب للصحة والتعليم  والبحث العلمى من إجمالى الناتج القومى ،بل والأكثر من ذلك أنه خالف مواد الدستور والتى ألزمته بنصوص صريحة بالعمل على إعداد قوانين مكملة للدستور مثل الأدارة المحلية والعدالة الأنتقالية و مفوضية عدم التمييز ..الخ ،بل والأكثر من ذلك هو قيام المجلس بالامتناع عن تنفيذ حكم قضائي صادر من أعلى محكمة مصرية هي محكمة النقض بمجب اختصاصها المنصوص عليه في الدستور بالفصل في صحة عضوية المجلس وهو الحكم الخاص بالنائب الدكتور عمرو الشبكي

هذا الدستور المصرى العظيم الذى أقسم السيد رئيس الجمهورية ومن وراءه أعضاء مجلس النواب على إحترامه نرى الان بعد أن اهملوه على مدار أكثر من ثلاث سنوات منذ انعقاد هذا المجلس يسعون الان ويتخذون خطوات جدية نحو تعديل دستور لم يفعل ولم يطبق حتى الان ولن أغالى حين أقول أننى أجزم أن هناك أعضاء فى هذا المجلس لم يقرءوا هذا الدستور ولا يعلموا ماذا يضم داخل نصوصه لأنهم إن علموا سيدركوا أنه المواد المراد تعديلها لا يملك المجلس تعديلها بالأضافة إلى عدم قانونية وتوافق هذه التعديلات المقترحة مع سياق وشكل الدستور والأتفاقيات الدولية الموقعة عليها مصر وأخيرا مع المبادئ الدستورية المستقرة .

فالمادة 226 من الدستور نصت على (وفى جميع الأحوال، لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة إنتخاب رئيس الجمهورية، أوبمبادئ الحرية، أوالمساواة، ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات) ولكى نتعرف على ما المقصود بالمزيد من الضمانات يجب علينا الرجوع إلى مضبطة الدستور المصرى والتى تضم مناقشات أعضاء لجنة الخمسين وسنجد أن المقصود من هذه المادة هو عدم إطالة مدة رئيس الجمهورية لكى نتحرر من تلك المساخة التى أحاطت بحكامنا منذ 1952 فى عمل تديلات دستورية مشبوهة الغرض منها دائما الأستمرار فى الحكم وهو ما يمكن فهمه من سياق الدستور ،وإذا كان رد المجلس على هذا الأمر بأنه لا يوجد قيد على الشعب فى تعديل الدستور فأننا نريد تصحيح له الفهم بأن هذا القيد ليس على الشعب المصرى وإنما على من يريد التعديل فهناك فارق بين الهيئة التأسيسية التى تضع الدستور وبين مجلس النواب أو رئيس الجمهورية عند تعديل الدستور فيكون لزاما على المعدل دائما الألتزام بشكل وسياق ومفهوم الدستور فلا يتجاوزه وهو ما يتأكد لنا من خلال مناقشات أساتذتنا أعضاء لجنة وضع دستور 1954 حين أرادوا ضمان عدم العبث بالنظام الجمهورى فيما بعد فأنهم توصلوا إلى هذا المبدأ الدستورى فى التفرقة بين صانعى الدستور ومعدلوه  وصلاحيا كل منهما ولذلك فأنه لايمكن لهذا المجلس الحالى على سبيل المثال تعديل المواد الخاصة بنظام الحكم ليتحول إلى ملكى مثلا أو شكل العلم المصرى ... الخ إذا إقتراح خمس النواب هو وضع مادة جديدة وهي أن مدة الرئاسة ست سنوات ويجوز للرئيس الحالي الترشح دون إحتساب الفترتين السابقتين وهو لا يجوز للمجلس حيث أنه يملك حق التعديل وليس إضافة مواد وهو كما بينا سابقا لايجوز إلا لهيئة تأسيسية وهذا بموجب الدستور ذاته الذي أعطى للمجلس حق التعديل دون الإضافة

أما وإن قرر المجلس أن هذا الأمر غير ملزم له وأنه يح له تعديل الدستور فى المواد الخاصة بإنتخاب رئيس الجمهورية  فإننا نكون أمم تعسف فى إستخدام الحق فلقد إستقرت كافة المبادئ الدستورية والقانونية على أن هذا التعديل لا يجب أن يشمل الرئيس الحالى وأنه يكون على من بعده وذلك تفاديا للأنحراف التشريعى فالنص المقترح فى التعديلات المقدمة والذى ينص على أن (يجوز لرئيس الجمهورية الحالي عقب انتهاء مدته الحالية إعادة ترشحه على النحو الوارد بالمادة 140 المعدلة من الدستور) هو نص مخالف للقانون والدستور حيث أن القاعدة القانونية يجب أن تتسم بالعمومية والتجريد فهى لعامة الناس ولا تخاطب أحد والظاهر من هذا النص أنه يسمى رئيس الجمهورية الحالى فى نص دستورى مما يرتب عليه البطلان

يستكمل،

تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك