عن الذكورية والفقر كمسببين من مسببات الأستبداد.

412

المسبب الأول: هي فتاة متوسطة الطول، قسمات وجهها تتسق مع دائريته، وأحمرار وجنتيها البارزتين يفضح الخجل الذي يعتريها عندما تراه ويراها، وحيويتها تشي بأنها بالكاد أكملت العقد الثاني من عمرها، لم يك في بالها قبل ذلك، وإن كانت رأته عن كثب وهو يقدم مساعدة لأمرأة طاعنة في السن، أمام باب الجامعة (بعد الأنتهاء من اليوم الدراسي)؛ فشكل هذا في نفسها ناحيته نوعاً من الإعجاب لاسيما أنها من الفتيات التي تحمل لافتة (كن إنساناً ولو مت وأنت تحاول)، ناهيك عن أنزوائه وعدم أحتكاكه بأي زميلة من الزميلات، لذا فعندما لاحظته وهو يسترق النظر إليها في إحدى المرات أنابها إحساس داخلي بأنها الفتاة الذي أصطفاها قلبه دوناً عن كل زميلاتها، وسيعاً تثبتت من هذا الإحساس – بأنها سيدة قلبه المستقبلية- عندما رأته يسترق النظر ناحيتها في مرات أخرى، فلم تتوان عن مبادلته هذه النظرات التي كانت في البداية نظرات عابرة تعبر عن الإعجاب بأخلاقيات شاب يندرج بإنسانيته من وجهة نظرها تحت مظلة لافتتها – كن إنساناً ولومت وأنت تحاول- ولكن تزايد النظرات يبلورتزايد الأهتمام الذي يشي برغبتها في تحين الفرصة لمحاولة الحديث معه للتيقن من الإحساس الذي راود قلبها في البداية، ولكنها ترجو أن يكون حقيقياً في الوقت الراهن وليس من قبيل الأطياف. 


أما هو فلم تك في البداية البته تشغل باله، ولكن سحرعينيها جذبه ناحيتها ف أول مرة ألتقت عينيه مع عينيها، فمنذ اللحظة هذه لم يتردد في إختلاس النظرات ناحيتها، وهو لايدري ما هذا، فبدون أن تهمد لهنيهة؛ دارت التساؤلات في رأسه كالمكوك هل نظرتها الساحرة تبلورت في صورة سهم إعجاب وإنغرس في قلبه؟ أم أنه يريد أن يغذي نعرته الذكورية التي تتوق إلى لفت أنتباه الفتيات؟ (ما أحمقني؟!) كان دائماً يقول لنفسه هذه العبارة؛ عندما يقف أمام مرآة نفسه، ويرى أطياف صلفه المنبثق من ذكوريته المستبدة، ثم يتبعها بتساؤل وجيه دائماً ما يطرحه على نفسه؛ (وهل القيام بعمل تمليه الفطرة الإنسانية عليّ محل للتباهي أيها الأحمق المزيف؟) بالطبع لا، كانت هذه إجابته، فكان لا يفوق من وطأة السؤال الأول حتى يسأل نفسه سؤال ثاني، (ألهذه الدرجة بت وضيعاً فترتدي ثوب الإنسان في مجتمع يعج بالجلادين حتى تكون محل أنتباه الجميع لا سيما الفتيات؟) فكان يجيب (ما هذه الترهات!)، ثم يسترسل في الإجابة، ربما قسوت على نفسي أكثر من اللازم، ولكن هذا لا ينال من الحقيقة التي تقول أن جذب أنتباه هذه الفتاة المنزوية -مثله- كان بمثابة أنتصاراً لنعرته الذكورية، فالرغبة في التقرب منها فترت بإرضاء ذكوريته المريضة التي تنحو ناحية حب الأستئثار الذي لا يقف على الأشياء المادية فقط بل أمتد إل رغبة جارفة في الأستئثاربمشاعرأي فتاة تسترعي أنتباهه، حتى ولو وقف هذا الشف إلى حد هيمنة هيئته على بال الفتاة، وإن كان هذا سيدغدغ مشاعرها ويقتل أحلامها التي تربو يوماً بعد يوم،عندما تعلم أن المشاعرالموجهه حيالها ليست صادقة وحقيقتها أنها إرضاء لذكوريته المستبدة المعششه في رأسه.


المسبب الثاني: في اللحظة التي توصلت فيها إلى نتيجة تتمثل في أن الفقر يرتبط بعلاقة طردية مع الأستبداد أي كلما زادت المساحات التي يجتاحها الفقر كلما زادت نسبة أنبلاج نماذج أستبدادية توصل صديق عزيز إلى نتيجة أخرى ذائعة وهي أن الأستبداد يرتبط بعلاقة طردية مع الفقرأي كلما فرض الحاكم المستبد سطوته على الشعب الذي يحكمه وعصف بدولة القانون وميكانيزمات اديمقراطية زادت نسبة المساحات التي يجتاحها الفقر.


فبالنسبة للنتيجة الأولى؛ لا يوجد ثمة شك أن الفقر – الشعور بالإحتياج- عامل جوهري يترتب عليه في بعض الأحيان رسو قناعات مكيافيلية في نفس من يعاني منه (الغاية تبرر الوسيلة) بل أن الفقر في أحياناً كثيرة أخرى يقتل الإبداع ويجعل من يعاني منه يلهث وراء لقمة العيش ويشيح وجهه عن الإبداع والجمال أما إذا كان صاحب طموح فلا يجد غضاضة في التملق والتزلف لأي شخص في السلطة في سبيل تبوأ المناصب وإذا تبوأ أي منصب من المناصب لا يكف عن التزلف لرؤوساه بل تترسخ القناعات المكيافيلية التي أوتيت بثمارها وساهمت في حصوله على المصب فتذهب المسوغات – أسلك سبلهم لكي تصل إلى ما تصبو إليه وبعد ذلك طبق مبادئك- التي كان يستخدمها لإراحة ضميره بها في غضون تزلفه وتملقه أدراج الرياح، ويكون شغله الشاغل عدم التزحزح قيد أنملة عن المنصب الذي يشغله إن لم يترق في درجات المجد المزعوم؛ فبالتالي تنتصرالنتيجة الأولى لمقولة أحد أصدقائي التي تتمثل في المثل الشعبي (ربنا يكفيك شر الجعان لما يشبع والمعفن لما ينضف). 

ولكن في آنٍ واحد تضح نسبية النتيجة الأولى – المزعومة- عندما نشاهد الواقع الذي يتمثل في أن هناك أناس يعيشون في ظرو معيشية موسرة ورغم ذلك لم يتوانو عن التملق والتزلف لمن في السلطة وسلك سبل غير مشروعة لأجل الوصول إلى مآربهم، وهناك أناس يعيشون في ظروف معيشية مضنية؛ ورغم ذلك متمسكين بأهداب مبادئهم ومحتفظين بأنفتهم وكبرياءهم.  


كما أن مما لا يدع مجال للشك أن ترسيخ حكم الفرد والعصف بمبادئ الديمقراطية وإنتهاك حقوق الإنسان تعضد النتيجة الثانية؛ لذا فالنتيجة التي توصلت إليها تحتمل إلى التأويل، ومن الممكن أن تكون بمثابة محض تخرصات، أما النتيجة الثانية فالتاريخ شاهد عيان عليها.

تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك