الجهل السياسي من النظام إلى المجتمع

414

الأمية مرض مزمن تعاني منه المجتمعات العربية، فالمجتمع هو المنبع الذي يخرج أشخاصاً قادرون على تولي مناصب سياسية وقيادية، فيتحكمون بمصائردول وشعوب املة ويمثلون مجتمعهم أمام دول أخرى، قد تكون متفوقة عنهم علمياً، فثقافة هلاء تكون نابعة من ثقافة المجتمع،ورغم التقدم العلمي الذي شهده العالم في الفترة الأخيرة،فمازال  مفهوم الأمية في الدول النامية والوطن العربي هو عدم القدرة على القراءة والكتابة!


والمقصود بالدول النامية هذه المرة ليست الدول الفقيرة إقتصادياً إنما المقصود بالدول النامية هنا هي الدول الفقيرة ثقافياً، فأصبحت الأمية لا تتوقف على القدرة على القراءة والكتابة فقط، بل اصبح من يستطيع القراءة والكتابة لكنه لم يتمكن من الحصول على المستوى العلمي الذي يؤهله على استيعاب وفهم ما يقرأ أو يكتب أمياً أيضاً.


وللأمية أنواع كثيرة ولكن أخطرها الجهل السياسي، فإذا كنت لا تتولى أي مناصب سياسية فقراراتك تتحمل انت فقط عواقبها، ولكن

يختلف الأمر كثيراً عندما تكون في منصب سياسي ما، فقراراتك لن 

تتحمل أنت فقط عواقبها ولكن سيتحملها المجتمع ككل وسيتحملها أجيال أخرى في المستقبل فذلك الشخص في ذاك المنصب لأنه أردا فقط أن يكون فيه، فلا تجد لديه رؤية مستقبلية ولا براعة سياسية ولا دراسات لحل الأزمات، هو فقط في ذلك المنصب لأنه استطاع الوصول إليه، ففي تلك الدول لا تكون الكفاءة هيا المعيار الأساسي لتولي المناصب ولكن الثقة أم من كل شئ.


الخطأ السياسي هو خطأ فادح تترتب عليه كوارث اقتصادية وقد تكون بشرية في بعض الأحوال، فلا يكون إصلاح ذلك الخطأ إلا بعد حدوث الكوارث، والتاريخ أكبر شاهدًا على ذلك بل لن نذهب بعيداً 

فحاضرنا أكثر شاهداً، فعلى الرغم من إمتلاك مصر ثروات إقتصادية هائلة ولكنها تعاني من نسبة كبيرة من الفقر، بل أصبح هناك طبقة ليست بالقليلة تحت خط الفقر، وذلك نتيجة منطقية فعندما يكون الهدف من الوصول لمنصب سياسي معين هو المال والنفوذ فقط دون وجود أدنى معرفة بالمفاهيم السياسية وقيمة المنصب الذي يتولاه ذلك الشخص ودون وجود برامج إصلاحية قادرة على التطوير في برنامج زمني محدد، وهو ما يتجلى شدة في عدم القدرة على اتخاذ القرار أو صدور قرارات متضاربة من أصحاب تلك الماصب.


لقد ذكرت سابقاً أن الجهل السياسي هوالأخطر، فإن كنت جاهلاً في الطب وعانيت من مرض ما فهناك من ستذهب إليه ليعالجك، ومن الممكن أن تقيس ذلك الأمر على مجالات عديدة، ولكن بالنسبة للجهل السياسي فالأمر مختلف، فإن كنت ممن لا يسعون لأحد المناصب السياسية فهذا ليس مبرراً أن تكون جاهلاً بعلوم السياسة، فهناك حقوق سياسية واجب عليك ممارستها، وهي حقوق منحها لك الدستور، مثل الإنتخاب أو المشاركة في الأستفتاءات أو غيرها من الحقوق السياسية، فكيف ستشارك برأيك في تلك العملية الدستورية وانت لا تعرف أي شئ عن السياسة، بل ومازال هناك من أستقر في عقيدتهم أن السياسة جريم وليست علماً ينهض بالدول، وبالطبع ذلك نتيجةللقمع الذي تتعرض له المجتمعات من الساسة وقد عانينا ذلك الأمر كثيراً.


فعندما قامت ثورة يناير المجيدة بخلع نظام مبارك، شارك الشعب في إنتخابات جائت بفاشية دينية وعندما تكررت الإنتخابات مرة أخرى جئنا بفاشية عسكرية، فالحل لا يتعلق بمباشرة الحقوق السياسية فقط

ولكن يتعلق بالوعي والمعرفة في كيفية مباشرة تلك الحقوق،ومعرفة أن القرار الذي ستتخذه أمام الصندوق لن يؤثر بالسلب أو بالإيجاب

عليك أنت فقط،بل سيؤثرعلى مستقبلك ومستقبل الأجيال القادمة 

فالحل حتماً في نشر الوعي السياسي، الحل ليس أن تسقط نظاماً قط 

بل أن تكون لديك القدرة على إنشاء نظام جديد.


تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك