أسماء عصام تكتب: فتاة السكوتر

426

قالوا إيه علينا دولا وقالوا إيه؟ قالوا عليا بنت بس إزاي تركب سكوتر "مكنة، موتوسيكل ، ريس" ، إزاي بنت تركب دراجة نارية عمومًا أيًا كان نوعها إيه؟  في حين ان إحنا كل يوم بيجيلنا الدليفري بموتسيكلات و كمان دلوقتي أوبر و كريم وفروا فكرة إنك ممكن تطلب الرايد بتاعتك عن طريق أبليكشن و توصل لي مكان بدراجة نارية، لكن فكرة البنت في دماغ مجتمعنا العظيم إنها تعمل أي شئ مختلف و كأنه إجهار بالاختلاف شئ بيوجع جدا حقيقي!

إزاي جاتلي الفكرة ؟

مقدرش أقول إمتى بالظبط ، أنا بنت اتولدت في منطقة شعبية من الظاهر تحديدًا، معظم شباب الظاهر و باب الشعرية والجمالية والحسين وسيلة مواصلاتهم السريعة هي المكن أو الفزب اعتبارًا  بمسمى المنطقة، ابتدى حبي لـ"كائن الدراجة النارية"  بداية ما كنت بركبها ورا خالي ونروح أي مشوار قريب وكنت أزعل جدًا إننا وصلنا بدري كنت بحب ملمس الهواء و شعري طاير أكني طير حر، من هنا ابتديت أفهم ليه بيطلقوا على الدليفري بوي اسم الطيار فلان الفلاني ، هو طيار فعلا بيطير بين العربيات و ممكن يطلع علي الرصيف محترف فعلا عشان يوصلك أكلك سخن في أقرب وقت
.

 المهم أن الفكرة ابتدت تطرأ عليا من تاني بعد ما اتفرجت علي مسلسل المواطن إكس اللي كان بيجسد شخصية الشهيد خالد سعيد المسلسل كان  إنتاج 2011 بعد ثورة 25 يناير المبجلة،  ساعتها كانت كل القيود اتفككت و ابتدى فكر حر جديد و أماني جديدة نقدر نحلم بيها و ننفذها بدون أي قيود وأن دورنا إننا نوعي أهالينا ومجتمعنا وكل الكلام الحلو اللي كان في الوقت ده ، الشخصية الجميلة اللي شدتني في المسلسل ده كانت ليلى، صاحبة إكس،  ليلي كانت بتتاجر في الموتيسكلات مع إكس و كانت معاه وصديقته دايمًا المقربة.

مقدرش أقول إني كنت زي ابنات اللي تحب تركب ريس أو مكنة ورا الولد قد ما كانت أمنيتي الشخصية هي أني أنا اللي أخوض التجربة و أعملها بنفسي ، أيوة أنا مش الولد أنا بشوف إني زي ليلي و زي أي بنت تقدر تحلم وتتمنى وتحقق ده، إحنا عندنا قدرات خارقة مش عند حد ، إحنا نقدر نغير و نقود مجتمع كامل اتوجد ما بينا دكاترة و قضاة و طيارين نساء محلقين في الجو أكيد ممكن يبقي فيه محلقين في الأرض برضو .

 
وقتها اللي وقف الفكرة في عقلي كان الفلوس، وإني أقول لأسرتي إني عايزة أركب سكوتر كانت حاجة كبيرة عليا، قررت أكبر أكتر و اشغل على نفسي أكثر ، لحد ما أبقى صانعة قرار مقولش لحد هاتلي كذا أو عايزة كذا.

 
تنقلت من مجال عمل لآخر وحتى الآن  لم أجد ذاتي، لكن وجدت الحلم وحافظت علي تحقيقه: "السكوتر ".

2017 ، أعمل بجاليري مشهور بالزمالك و أقطن مع أسرتي في منزل بزهراء المعادي بالقرب من كارفور، لو كنت من أهل القاهرة ستعلم جيدا كم المعاناة اليومي اللي ممكن أن يحدث من المعادي إلى الزمالك ، 4 مواصلات يوميًا يتضمنهم مترو، أتوبيس هيئة عامة، و 2 مكيروباص، كم مواصلات يومي بياخ ما يقرب من ساعتين إلا ربع إلى ساعتين ونص .

و بالمناسبة المترو وصل سعر تذكرته لـ7 جنيه يعني مواصلاتي يوميًا هتعدي ال 40جنيه ، أي قدرة علي العمل ممكن تكون عندك بعد ما بتقضي يوميًا ما يقرب من 4 ساعات ذهاباً و إيابا ، أي قدرة على الإبداع؟

ممكن تاخد كورس تطور بيه من نفسك أو حتى أنك يبقى عندك قدرة تروح تلعب رياضة؟  اليوم شبه مختفي 7 ساعات عمل يوميًا دون يوم الأحد: إجازتي، و 4 ساعات مواصلات و 8ساعات نوم، أين ذهب يومي أو أين ذهب عقلي ، لم أستطع أن أجد عمل بالقرب من بيتي وأصبحت مجبرة على الذهاب إلى العمل يوميًا "عشان لقمة العيش" أنا حقًا من أسرة متوسطة والد ووالدة يعملون موظفين بمؤسسات دولة كبرى، ولكن لدي حلم بأن أكون أنا و لن أعتمد على شخص سواي
 .

إزاي أخدت الخطوة وواجهت المجتمع ؟

جمعت مبلغًا من المال ليس بقليل "عصرت على نفسي لمونة في المصاريف" دفعت نصف ثمن السكوتر و النصف الآخر ما زلت بقسط في ثمنه حتى الآن، اتصلت هاتفيا بأمي: " ماما أنا جيبت السكوتر و جاية بيه دلوقتي على عربية نقل"
.

نعم، كانت صدمة صراخ و كلام و حاولت أن اتناقش بعد الفعلة التي فعلتها ، قبلها بشهرين قولتلهم في البيت أنا هشتري اسكوتر هتساعدوني بدل ما استلف وأقسط ، لم يتكلموا واعتبرت عدم الرد موافقة، إذًا لماذا الصراخ الآن، طبعًا بعدها بفترة لم أجد منهم من يتحدث معي وكنت الشخص المغضوب عليه.

 اديتهم فترة للتأقلم، وواجهت المشكلة الكبيرة وهي الشارع ، سمعت و مازلت أسمع الكثير من الكلام البائس " إيه يا واد يا بت" ، "إيه اللي انتي عملاه ده ياحجة" ، " متاخديني لفة وراكي " ، غير العربيات اللي تحب تهزر معايا تروح حادفة عليا، في لحظة ممكن أموت بسبب هزارهم ، عملت حادثتين قبل كده مش بسبب هزار الناس لكن بسبب سوء الشارع و كل اللي حواليا من أصدقاء قالولي بيعيه بطلي تركبيه نادر لما كنت ألاقي حد يشجعني و يقولي كملي في حين أنا مش عايزة غير ده، والحادثتين مره كان بسبب أن فيه زيت عربيات مرمي في الأرض و المرة التانية بسبب كوبري السيدة عائشة أجمل كوبري في مصر!

حتى الآن  ميئستش، و مازلت مكملة بوصل شغلي و ابتديت كورس انجليزي و ورشة خط عربي كان نفسي فيها بقي عندي وقت و أحلام لسة هحققها و لسة بعافر و مؤمنة بجملة بحبها جدا و هي ‏"قد يكرهك الناس لأنك مختلف ولاتعيش وفق معايير المُجتمع ولَكن في أعماقهم يتمنون لو كانت لديهم الشجاعة لفعل نفس الشيء."

#فتاة_السكوتر

تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك