عقابهم ضعفين.. السجن والمجتمع

358

في ظل نظم يكمم الأفواه فلا يريد أن يسمع سوى صوت من يؤيده ويثني عليه،  

ويرى وأن كل من يعارضه هو خارج عن القانون –من وجهة نظره- ، ومع وجود حالة من الكبت الفكري التي أصبحت تتزايد مع مرور الوقت، قد يجول بخاطر كل من يريد التعبير عن رأيه بحرية وخصوصاً إن كان رأيه معارضاً لسياسات الدولة، 

حجم التنكيل والعقاب الذي سيوقعه النظام عليه مقابل رفضه السكوت على سياسات يراها خاطئة، حينها يخطر بباله انه سيسجن في وقتاً ما فإن لم يكن اليوم فغداً


ولكن ما لا يتوقعه أن هذا لن يكون عقابه الوحيد، فقد يحاكم أما قاض أو اثنين 

ولكنه لايعلم أنه عندما يصبح حراً رة أخرى سيخرج ليصتدم بألف قاض لم يمنحوه البراءة بعد، فهناك جيل يرى أن النو جريمة فهم بالفعل قد أعتادو على الظلام في وقت ما قبل ثورة يناير المجيدة، إما خوفاً أو تخازلًا فهم من خرج في عصرهم أمثالًا منها "خليك جنب الحيطة-من خاف سلم"، فمنهم من أعتاد على ذلك الأمر، ومنهم من حاول أن يقاوم فكانت السجون مأواهم، ومنهم من يعلم الحقيقة ولكنه لا يسطتيع البوح بها خوفاً من البطش به، ولكن هذا النوع الأخير قد حاول التأقلم بالفعل مع فكرة الحرية بعد ثورة يناير، فهم شعرو بشيئًا جديد عليهم ولو لوقت قصير، ولكن عندما عاد القمع من جديد عادو إلى خوفهم " الطبع غلاب"  

فماذا يحد عندما يصبح مسجون الرأي طليق كيف يستطيع التأقلم معهم من جديد؟ 


يتعرض معتقلي الرأي لكثير من الإيذائات النفسية والبدنية داخل السجن، فمنهم من يقضي عقوبة وقعت عليه بالفعل، ومنهم من ينتظر أن يخلى سبيله في كل جلسة 

فهو محبوس إحتياطيًا ولم توقع عليه العقوبة بعد، يعيش في كل لحظة منتظراً الوقت الذي سيصبح فيه طليقًا، ينتظر الوقت الذي ينتهي فيه معاناته داخل السجن ومعاناة أسرته في زيارته هذا بالطبع إن لم تكن الزيارات ممنوعه عنه، عندما يخرج من السجن ليعود إلى حياته الطبيعية مرة أخرى يأتي لوم الأهل له بأن كل ما حدث لأنه لم يستمع إلى كلامهم منذ البداية، وأن هو المذنب وليس من قام بحبسه! 



ولايتوقف الأمر عند الأهل فط بل يأتي دور الفصل التعسفي فعلى الرغم من نص القانون بأنه لا يجوز فصل العامل إلا في حالة الحكم عليه في "قضايا مخلة بالشرف تؤدي إلى فقدان الثقة فيه"

وبالطبع هيا ليست الحالة في قضايا المعتقلين بتهمة سياسية أو بتهمة التظاهر، 

ولكن يتم فصل معتقلي الرأي بطرق تعسفيه لإنقاعهم عن العمل لمدة مع إنهم مقيد حريتهم

ومع العلم أن الغرض من السجن عموما ليس العقوبة فقط ولكن الإصلاح والتهذيب ومساعدة المسجون على الإندماج مرة أخرى في نسيج المجتمع بعد تأهيله، 

ولهذا السبب أنشائت السجون فلماذا يتم فصل العامل؟!  

ألم يصبح مؤهلاً وقادراً على الإندماج في المجتمع؟!

فيلجئ البعض إلى العمل غير الرسمي من أجل تخطي عقبة الأوراق الرسمية

حيث انه لا توجد أي إجراءات ملموسة لإعادة دمج من خرجوا بالفعل أو من سيخرجون قريباً في المجتمع، ولا توجد كيانات سياسية قادرة على استيعابهم ودمجهم في المجتمع من جديد ولذلك يلجئ الكثيرون للسفر إما لصعوبة العمل والإندماج من جديد بعد خروجهم أو للملاحاقات الأمنية التي ستصيبهم في كل حدث فهي عادة أمنية قديمة


السجنون في مصر عالم سلبي بكل معنى الكلمة، وتجربة صعبة يتلاشاها أصحاب الرأي قدر المستطاع، فللأسف السجون لدينا ليست للإصلاح والتهذيب، ولكنها للسلب فقط، سلب الحرية وسلب الأمل والمستقبل فهمتها الأولى والأهم العقاب فلا تريد سوى أن تخرج شخصاً منكسراً يفكر ألف مرة في الكلمة قبل كتابتها أو البوح بها

تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك