في البدء كان الخوف
الخوف هو أبو المشاعر في حياتنا ، الخوف اللي بيتحكم في باقي المشاعر في زمن شبه زمننا وأرض شبه بلادنا .
الخوف اللي بيسيطر على الحب ، وبيظهر الكراهية ويخفيها .
الخوف اللي بيبطل الحق ويكسر الخير ويمسخ الجمال .
في بلدنا كتير اختلافات بين البشر وعضهم ، في الشكل والفكر والدين والعادات ، بيجمعنا كلنا خوف .
خوف قديم متجذر ، بيجري في مياه نيلنا وأوردة أجسادنا .
أنظمة الحكم دايما بتستغل مشاعر الخوف وترعاها وتنميها ، ولما بتلاقي نسخ من المواطنين مبتخافش كفاية ، لازم تجبرهم يخافوا .
أم الجرايم في بلدنا هي انك تكون مبتخافش ، الدولة تسامحك على السرقة والنصب الفساد حتى القتل والتعذيب ، طالما بتخاف من الحاكم وتعمله حساب .
من الحاجات المشهورة في العشوائيات ، بطش الدولة بالبلطجية والمسجلين اجرام لما بيتجاوزوا الحد ,
تجاوز الحد هنا مش معناه انهم عملوا جرايم كبيرة في حق الناس ، ولكن انهم تعدوا الخط الأحمر المحدد سلفا من الشرطة ، وهنا بيتم عقابهم بشدة .
الأمثلة أوضح وأشهر في دواير السلطة ، وانقلاب الدولة على رجالتها لما بيتجاوزوا حدودهم ، أو خوفهم يقل .
نهايتك لما تفتكر انك كبرت على الخوف من الدولة ، مهما كانت درجتك في سلم الحكم .
الخوف بيتسقي في بلدنا للمواطنين من بداية عمرهم ، الخوف من الأب والأسرة ، ثم التقاليد والمجتمع ، ثم السلطة .
لو نجيت من الخوف في محيط الأسرة ، هتقابل الخوف وهتعرفه في المدرسة ، فرض الأخلاق والأفكار واجبار الأطفال على التطابق ، قتل الاختلاف من بدايته .
لو اتكتبلك ونجيت من المدارس بأنك اتعلمت تعليم دوي ، سواء داخل مصر أو خارجها .
هتقع في ايد الحرس الجامعي مع بداية الدراس الجامعية ، وسلطات غير محدودة في ايد الأساتذة ومسئولي الجامعات .
لو حصل وفلتت من الجامعة ، فيه جرعة رئيسية هتاخدها في التجنيد الاجباري ، لازم هتخرج منها بعد ما دقت طعم الخوف وضهرك اتحنى .
الأزمة دايما انك لو مخدتش جرعة الخوف كاملة قبل الجامعة ، أو كنت محصن بشكل ما منها .
طريقك من أول الجامعة مش هيروح غير لرفض حالة الخوف في المجتمع .
هتحلم ان الناس تكسر خوفها وتغير حياتها ، وهنا تبقى بداية طريق ان النظام يركز معاك .
لو مكنتش جرعة الخوف خلال حياتك كافية ، هتاخد جرعة مكثفة مخصوص .
في لحظة تقرر فيها انك تمارس العمل العام ، أو انك متظهرش الخوف لممثل ادولة في أحد الكماين .
وشاية من مخبر جبان كفيلة انها تستوجب الجرعة .
الظابط مش محتاج غير انه يبص في عينيك عشان يشوفك خايف ولا لا ، عشان ياخد قراره انت محتاج لجرعة التخويف ولا مش محتاج .
لو لمح نظرة فيها شجاعة وجرأة وتحدي ، بتروح للمكان اللي بتتعلم فيه الخوف وبتمارسه .
كتير من الشباب اللي خاضوا التجربة ، بيحكوا عن الرعشة اللي بتصيب جسمهم بعد خروجهم من السجن ، مع سماع صوت سارينة الشرطة ، العرق البارد اللي بيسري في جسمهم لما نظراتهم بتتلاقى مع فرد شرطة .
بمجرد ما تتعلم تخاف ، بيكون النظام نجح في دوره ويخرجك للمجتمع ، نسخة من كل الناس .
النظام فرض حظر تجول لمدة 3 شهور وأصر عليه في بداية حكمه ، مكنش ليه هدف أمني سوا اعلان الخوف والاذعان .
توفيق عكاشة أبرز اعلامي النظام وصانعي شرعيته في 30 يونيو ، بيتنقل على كرسي متحرك بسبب اصابته بجلطة بعد اطاحة النظام بيه .
سليمان الحكيم اللي كتب مقال سابق بعنوان "اغضب يا سيسي " ، النظام بيهدم بيته بالجرافات عقابا على عدم خوفه دلوقتي .
رأس النظام نفسه لازم يخاف من نظامه ، وقت ما يبطل يخاف النظام بيطيح بيه هو كمان .
السيسي في تسريب ليه : اللي قبله كان بيحسبها ألف رة قبل ما ييجي يصلي معانا العيد .. يقصد صلاة مبارك للعيد مع الجيش .
النظام كمان بيخاف أكتر ان الشعب يبطل يخاف ، عشان كده دروس الخوف مستمرة والجرعات لازم الكل يشربها ، والفحوص بتتم كل لحظة .
ولازم كمان الناس تشوف خوفها ويظهر قدامها ، قرارات اقتصادية قاسية جدا بتتاخد بكل تجبر ، الأهم من تطبيق القرارات ، تأديب الشعب اللي ثار .
والأهم من تأديبه ، ان اللي شاركوا في الثورة يشوفوا نفسهم وهم خايفين يرفضوا البطش ده ، ميقدروش غير انهم يقولوا "كنا رجالة" .
اللي مش هيخاف على نفسه هيخاف على اهله وأولاده ، اللي مبيخافش من السجن هيخاف من الجع .
مؤيدين النظام مينفعش يكونوا بيأيدوا عن حب أو ولاء ، لازم كمان يونوا خايفين .
يخافوا على فلوسهم ومصالحهم اللي هتتأثر ، ويخافوا من مصير تدمير البلد .
لما واحد بيقولك خايف تكون سوريا ، هو مش خايف من الارهابيين في سوريا بس ، هو خايف أكتر من الحاكم ، لأنه عارف ان النظام عنده أهون يدمر البلد ، من انه يسيب السلطة .
في عز تأييده للنظام بيكون خايف ومرعوب .
الدرس الأول للبشرية كان لعنة ابليس