"لا تطفئ الشمس ".. بين العتمة والنور

343

في كل رمضان بنستنى عمل درامي مميز ، يخرج برة اطار الدراما الاجتماعية والمكررة عالشاشة ، بعيد عن مسلسلات الحارة  اللي مبقتش حارة زمان بتاعة الحلمية والمواردي و كرموز ، وبقت حارة "السبكي" بقيمها وبتشوهها ، وبعيد كمن عن مسلسلات الفساد ورجال الأعمال والكومباوندات والقصور ، ومستندات راحة وجاية .

مع الوقت بنلاقي ان الأعمال المميزة ، محتاجة كاتب مميز ، كاتب روائي مش سيناريست مسلسلات ، بينحت حتة من هنا على حتة من هنا وينجز المسلسل .

وكان من حظنا السعيد السنة دي اننا عندنا عملين من النوعية دي ، مسلس "واحة الغروب" ومسلسل " لا تطفئ الشمس " .

برغم ان واحة الغروب عمل مميز ، كاملة أبو ذكري أبدعت فيه ، الا ان "تامر حبيب" عرف يسرق منها السوشيال ميديا بمسلسله .

مسلسل " لا تطفئ الشمس " قرر يتعامل مع رواية "احسان عبد القدوس" بمرونة عالية جدا ، وعرف ازاي يجيبها بأبطالها بأحداثها يعشوا في زماننا ، ويغير فيها اللي محتاجة .

المسلسل اللي بيقول "لا تطفئ اشمس " خلى ضوء الشمس بيضرب في مجتمعنا ينوره ، مفيش حاجة في العتمة ، نور الشمس فضح عورات المجتمع وطلعهالنا عالشاشة .

الشمس اللي مبتطفيش ، حطيتنا في مواجهة نفسنا وأفكارنا ومجتمعنا ، حطيتنا في مواجهة التناقضات اللي بنعمي دايما عينينا عنها .

في بعض الناس هاجمت المسلسل لما لقوه مبيصورش الحياة المثالية ، والأبطال اللي مبيغلطوش ومثال للضمير والرحمة ، أو أبطال تانيين مثال للشر المطلق ، زعلوا من أفكار اعتبروها دخيلة بيبثها المسلسل .

المسلسل جمع تناقضات ضخمة في عيلة واحدة ، وكسر فيها كل اتابوهات المجتمعية اللي الناس بتخاف تشير اليها بس .

صحيح بدأ بداية تقليدية متعودين عليها ، طالب ابن ناس في كلية هندسة بيحب أخت الميكانيكي ، وبنت كبرت في السن ومتجوزتش ، وبنت بتحب أستاذها اللي متجوز ، شاب خام ميعرفش حاجة في الحياة ، وبنت رقيقة بتحب زميلها اللي جاي من الأرياف .

تامر حبيب بدأ بالتابوهات دي ، وبعدين اشتغل في تكسيرها واحدة واحدة في حلقاته .

طالب هندسة بيقرر يعيش حياته زي ما هو عايز ويخرج عن طوع العيلة ويتجوز أخت الميكانيكي ويشتغل في ورشة .

تابوه "فتحي عبدالوهاب" أستاذ الجامعة اللي بيصاحب تلميذته ، وبيفضل يحبها ويحب زوجته ، من غير ما تكون في مشكلة ، انفجرت في حدوتة "أمينة خليل" اللي اتجوزت وحبت واحد تاني على جوزها ، وقالت انها بتحبهم الاتنين .

نموذج الرجل اللي بيحب اتنين تابوه عادي جدا في المجتمع ، لكن فكرة البنت المتجوزة اللي بتحب اتنين ، صدمة كبيرة .

التعرض لمشكلة المثلية الجنسية ، عند زوج "جميلة عوض" ، اللي مرتبط بواحد صاحبه ، لكنه لازم يتجوز بنت "كيوت" عشان صورته قدام المجتمع اللي مش هيقبل أبدا بميوله الجنسية ، ومش هيعترف بيها من أساسه .

المسلسل في كل مشهد منه يا اما بيفضح واحدة من تناقضات المجتمع ، أو بيعالجها .

  حواديت كتير في المسلسل بتخرج عن المألوف ، كبير العيلة الوقور مدعي الضيلة وتصرفاته ، الأم اللي بتحب وتتجوز في سن متأخرة ، صديق السوء "شيرين رضا" ، اللي مش ظاهرة انها كده خالص ، لكنها صديقة وفية عايشة لنفسها  ومتعتها بس . 

باختصار ، المسلسل كاشف وفاضح لينا ولمجتمعنا ، بطريقة تقولك اختار حياتك بنفسك .

لسه المسلسل مخلصش ، لكن رسالته الأهم اللي وصلتني ، اتصالح مع نفسك ، عيوبك ومشاكلك ومميزاتك ، افهم نفسك وتعامل معاها 

اتصالح مع نفسك ومع الناس اللي حواليك ، متحاولش طول الوقت تنقد حياتهم وتحاول تغيرها ، سيبهم يختاروا الشكل الأنسب ليهم وأنت كمان اختار .

من ناحيتي بقول شكرا لتامر حبيب شكرا احسان عبدالقدوس ، شكرا لفري عمل المسلسل .

نتمنى نشوف أعمال بالجرأة دي وبالفكر ده ، نتمنى الخروج عن امألوف ميكونش في "عبده موتة " و "ناصر الدسوقي" ، الخروج يكون توغل جوا التناقضات اللي عايشينها ، ومواجهتنا بيها ، بدون تهوين أو تهويل .

تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك