close

المياه لا تصل إلى الجميع: أزمة مستمرة في  المطرية

آلاف السكان في المطرية بالدقهلية يعيشون دون مياه شرب صالحة، ويشترون الصهاريج يوميًا، وسط وعود رسمية بحلول لم تنفذ منذ سنوات، وتحذيرات من تدهور غير مسبوق في البنية التحتية للمياه
Picture of آية ياسر

آية ياسر

تتجدد معاناة أسرة سيد زيدان، وآلاف الأسر الأخرى في أحياء تابعة لمركز المطرية بمحافظة الدقهلية، نتيجة الانقطاع المتكرر لمياه الشرب طوال أشهر الصيف.
وتبرز الأزمة بشكل خاص في حي “الجسر الواقي” المعروف محليًا بـ”البر الثاني”، ومنطقة “خلف السكة الحديد”، حيث يواجه السكان صعوبة شديدة في تأمين احتياجاتهم من المياه اللازمة للشرب والطهي والنظافة الشخصية وتنظيف المنازل والملابس.
يضطر الأهالي إلى تعبئة المياه من صنابير عدد محدود من المنازل في “الجسر الواقي”، والتي ما تزال تصلها المياه من الخط الرئيسي القادم من المطرية، ثم يحملونها في أوعية وزجاجات لمسافات طويلة، في ظل انقطاع المياه عن الخطوط الفرعية المتفرعة من هذا الخط.

يقول سيد لـ”زاوية ثالثة” إن الأزمة مستمرة منذ سنوات، لكنها بلغت ذروتها العام الماضي حين استمر الانقطاع أربعة أشهر، من يونيو إلى سبتمبر. وأضاف أن الانقطاع هذا العام دخل شهره الثاني، ولا تصل المياه إلى الحي لا ليلًا ولا نهارًا، باستثناء الخط الرئيسي الموازي لمدينة المطرية. وأشار إلى أن بعض الأهالي انقطعت عنهم المياه منذ أكثر من شهرين، ما اضطرهم إلى إرسال أطفالهم لجلب المياه من جيرانهم الذين ما زالت تصلهم.

ويتابع: “يعاني حيّان كاملان من هذه المشكلة، من بينها البر الثاني، الذي يقطنه نحو سبعين إلى ثمانين ألف نسمة. تنقطع عنه المياه سنويًا مع بداية الصيف. قدّمنا شكاوى متكررة إلى شركة المياه، ولكن دون جدوى. الرد المتكرر من الشركة أن الضغط ضعيف أو أن المياه التي تصل إلى الحي ضعيفة جدًا، دون تقديم أي حلول”.

ويرى سيد أن السلطات المحلية تصنّف “الجسر الواقي” كمنطقة عشوائية، ما يفسر – بحسب قوله – التهميش الذي يعانيه الحي. ويضيف أن الأرض التي أُقيم عليها الحي تم وضع اليد عليها قبل نحو أربعين أو خمسين عامًا، ثم بيعت لاحقًا بين المواطنين، في ظل غياب مشروعات الإسكان الحكومي في المطرية.
ويؤكد أن السكان يمتلكون عدادات مياه وكهرباء، ويدفعون الضرائب، وقاموا بتقنين أوضاعهم، إلا أن المحافظة لا توفر أعمدة إنارة أو خدمات أساسية لحي يسكنه أكثر من 70 ألف نسمة. ويختم بالقول إن الأهالي لجؤوا إلى نواب البرلمان، لكن الأوضاع المزرية التي يعيشونها ما زالت على حالها دون تغيير.

صور حصلت عليها زاوية ثالثة تُظهر معاناة الأهالي في أحد أحياء المطرية، بين محاولات الحصول على مياه الشرب، وتلوث المياه داخل المنازل، واستعداد مركبات تحمل خزانات لبيع المياه للمواطنين.
صور حصلت عليها زاوية ثالثة تُظهر معاناة الأهالي في أحد أحياء المطرية، بين محاولات الحصول على مياه الشرب، وتلوث المياه داخل المنازل، واستعداد مركبات تحمل خزانات لبيع المياه للمواطنين.

يقع مركز المطرية في محافظة الدقهلية، ويتبع له إداريًا عدد من القرى، إذ يضم وحدة محلية واحدة بقرية العصافرة، تتبعها قريتا الضهير وأولاد صبور، إلى جانب نحو 35 كفرًا ونجعًا. ويُقدّر عدد سكان المركز بنحو 203,851 نسمة، منهم 165,470 داخل المدينة نفسها، وفقًا لتقديرات يوليو 2024.

وتتعرض مدينة المطرية من وقت لآخر لانقطاعات متكررة في مياه الشرب أو انخفاض في ضغوطها، بسبب أعمال الصيانة أو التعديلات في الشبكات. ففي 6 أبريل الماضي، أعلنت شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالدقهلية عن تنفيذ أعمال تعديل مسار خطوط الطرد لمحطتي مياه الجمالية والمطرية، ما استلزم إيقاف مرفق مياه المطرية بالمنزلة. وذكرت الشركة في بيانها أنها ستقطع المياه من الساعة الثامنة صباحًا حتى الثانية ظهرًا عن مناطق متعددة، منها المنزلة والقرى التابعة، مثل الفيروسات، العامرة، الجديدة، الطويل، العزيزة، والنسايمة، مع تسجيل ضعف ملحوظ في ضغط المياه داخل مدينة المطرية وتوابعها خلال نفس الفترة.

وفي أغسطس من العام الماضي، أعلنت الشركة تنفيذ أعمال تغيير محبس لخط بقطر 600 مللي يربط بين محطة الجمالية ومدينة المطرية، ضمن جهود تحسين منسوب مياه الشرب في المدينة. وأوضحت أنها خفّضت عدد وحدات التشغيل من ست إلى أربع وحدات خلال تنفيذ الأعمال، ما أدى إلى انخفاض ملحوظ في ضغط المياه داخل نطاق الوحدة المحلية بالعصافرة ومدينة المطرية بالكامل. وأكدت الشركة أن الضغوط ستعود إلى معدلاتها الطبيعية فور انتهاء الأعمال.

 

نوصي للقراءة: حادث المطرية ـ بورسعيد.. تطوير بالمليارات والنتيجة جنازات جماعية 


أعباء مادية يومية

المعاناة نفسها تعيشها ياسمين محمد، مع زوجها وأطفالها، – المقيمين بمنطقة كوبري حمزة الريس، في حي الجسر الواقي أو البر الثاني -، منذ شهرٍ ونصف، نتيجة انقطاع مياه الشرب، قبيل عيد الأضحى الماضي، وحتى الآن، إذ باتت أسرتها مضطرة لتحمل أعباء مالية يومية، تثقل كاهلها، طيلة فصل الصيف، لشراء المياه اللازمة للشرب والطهي وأغراض النظافة، من الباعة المتجولون الذين ينقلون خزانات مياه بلاستيكية على دراجات نارية ثلاثية العجلات “تروسيكل”، بتكلفة 200 جنيه للواحد منها.

وتحكي ياسمين أن مهندسًا من الشركة القابضة لمياه الشرب قام بزيارتهم و إبلاغهم بضرورة تركيب خط مياه جديد يتم توصيله بالخط العمومي، وإثر ذلك قامت الشركة بمد خط رئيسي لبعض المنازل من الخط العمومي، على أن تحصل بقية السكان على وصلات من هذا الخط ، بتكلفة ثلاثين ألف جنيه تُقسّم على كل 5 منازل في المنطقة، ووعدهم موظفون بالشركة بأن المياه ستأتي بجودة جيدة، وعندما تم تركيب الخط، اضطر بعض الأهالي لدفع مبالغ إضافية لتركيب عدادات مياه جديدة، كما طُلب من آخرين دفع رسوم “مصالحة” للموافقة على التوصيل، بينما أُجبر البعض على دفع تكاليف إصلاح شبكة الصرف الصحي لديهم، بالإضافة إلى مبلغ الثلاثين ألف جنيه.

تقول لـ”زاوية ثالثة”: ” ما إن تم تركيب الخط، حتى تفاجئنا بتدفق مياه سوداء اللون، لا تصلح للاستخدام الآدمي، تتدفق من صنابير منازلنا، وتقدمنا بشكاوى، إلاّ أن الشركة قطعت المياه عنّا تمامًا.. فهل ننفق أموالنا على دروس الأبناء وعلى متطلبات المعيشة، أم على شراء المياه؟ لقد طفح الكيل حقًا. نشتكي مرارًا وتكرارًا ولكن لا أحد يستمع لنا.. هذا ظلمٌ بيّن”.

وتوضح أن هناك عدد قليل من المنازل في حي الجسر الواقي تصلها المياه، بينما الغالبية لا تصلها في الصيف، وأن منطقة كوبري حمزة الريس، بعد تركيب الخط الجديد، أصبحت بلا مياه تمامًا، ومع ذلك تجبرهم شركة المياه على سداد الفواتير كل ثلاثة أو أربعة أشهر، وعندما يخبرون المُحصل بأن المياه لا تأتي، يتحجج بزيادة الضغط على المياه، مضيفة: “لدينا مضخة مياه (موتور)، نضطر إلى تشغيل المضخة طوال الليل، ونستيقظ كل ساعة على أمل أن تكون المياه قد أتت، ولكن دون جدوى، فالمياه لا تصل إلى المنازل أبدًا.. لقد أصبحنا نعيش وكأننا في صحراء”.

وتتقاطع شهادة سيد وياسمين مع ما يرويه عبده الشاعر، المقيم بشارع صلاح الدين في حي العقبيين، والذي يطالب وغيره من أهالي مركز المطرية – المتضررين من انقطاع المياه خلال فصل الصيف من كل عام -، الحكومة بإنشاء محطة مياه خاصة بمنطقة المطرية، إلاّ أنه يكشف أن برلمانيون أبلغوا الأهالي بالموافقة على هذا المقترح واختيار الموقع، منذ سنوات، ولكن الوضع بقي على ما هو عليه ولم يطرأ أي جديد، وما زال الأهالي يعانون.

ويُبيّن أن منطقة المطرية تتزود بحصتها من المياه من محطتي الجمالية والمنزلة، ومع الزيادة السكانية في المطرية والمناطق المحيطة بها، أصبحت هذه الحصة غير كافية لتغطية احتياجات المنطقة بأكملها، حيث إن خط الإمداد الرئيسي ضعيف ولا يستوعب هذا العدد الكبير من السكان، مشيرًا إلى أن بعض الخطوط تنقطع عنها المياه طوال فصل الصيف، وهناك خطوط أخرى لا تصلها المياه على الإطلاق، بينما تعمل المياه في خطوط ثالثة على مدار الساعة دون انقطاع.

يقول لـ”زاوية ثالثة”: “هذا ظلمٌ بيّن. كيف يكون شارع بأكمله في المطرية بلا مياه، بينما الشارع المجاور له تصله المياه باستمرار؟، وعندما نتوجه بالشكوى إلى مجلس المدينة أو إلى شركة المياه، يعدوننا بأن المياه ستأتي غدًا، وعندما يأتي الغد يقولون بعد غد! وعندما نسألهم: من أين ستوفرون المياه؟ يجيبون: يمكنكم الحضور للحصول على صهريج مياه مجاني. ولكن عندما نطلب منهم إيصاله إلى المنطقة، يطالبوننا بإحضار شاحنة على نفقتنا الخاصة لنقله إلى منازلنا، رغم أن تكلفة استئجار الشاحنة تتراوح بين 300 و 400 جنيه للرحلة الواحدة. فهل من المنطقي أن أستأجر شاحنة كل يومين؟ هل أُنفق على متطلبات أسرتي أم على نقل المياه؟”.

ووثّقت زاوية ثالثة نحو 130 شكوى مختلفة من متضررين ومتضررات من أهالي مركز المطرية بالدقهلية، جراء انقطاع مياه الشرب أو وصولها إلى منازلهم ملوثة بمياه الصرف الصحي، وأبلغنا الأهالي بانقطاع المياه منذ عيد الأضحى في بعض المناطق ومنذ شهر ونصف في مناطق أخرى، وكانت أبرز الأماكن المتضررة هي: البر الثاني أو الجسر الواقي وخلف السكة الحديد العقبيين، وعلادية، والمثلث والمسطحات، كما اشتكى الأهالي من انقطاع المياه طيلة أشهر الصيف في شوارع (الجمال، الظاهر بيبرس، صلاح الدين، مستجد، جواد حسني، نجيب سرحان، شارع 20، شارع 23،  سعد زغلول، الغزالي، الحاجة عائشة، وائل الريس، بديع الصياد، نجيب سرحان، شارع معهد أبو النجا، الصوالح، سليمان ، بركات، الشارع التجاري، المستشفى، مسجد الفتح )، وفي مساكن الجسر الواقي في حي العقبيين ومحيط منطقة كوبري الريس والمنطقة الواقعة خلف كوبري مريم، عزبة حسونة عبد الفتاح، ومنطقة السعدني، أما في منطقة كوبري عبدالله وشارع مستجد 24 بمنطقة خلف القطار، فقد أبلغ الأهالي عن وصول المياه إلى منازلهم ملوثة بمياه الصرف الصحي.

 

نوصي للقراءة: أزمة المياه تتفاقم في مصر: انقطاعات متكررة وارتفاع في الأسعار

قرى محرومة من مياه الشرب

تؤكد مديحة الشوا، المقيمة في عزبة حسونة عبد الفتاح بمنطقة “الجسر الواقي” في مركز المطرية، في حديثها إلى “زاوية ثالثة”، أن مياه الشرب مقطوعة عن العزبة منذ أربع سنوات، رغم استمرار السكان في دفع فواتير استهلاك المياه للمجلس المحلي بانتظام.
تقول: “تقدمنا بأكثر من عشر شكاوى إلى المهندس محمد حسن، رئيس مجلس إدارة شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالدقهلية سابقًا، ولكن لا حياة لمن تنادي. نضطر أسبوعيًا إلى شراء صهريج مياه بتكلفة 650 جنيهًا لملء خزاناتنا، كما نشتري المياه المعدنية لاستخدامها في الشرب”.

وبحسب شهادات عدد من الأهالي الذين تحدثوا إلى “زاوية ثالثة”، فإن أزمة انقطاع المياه خلال أشهر الصيف أو وصولها ملوثة لم تقتصر على أحياء مركز المطرية، بل امتدت إلى قرى محيطة به. في بعض هذه القرى، لا تصل مياه الشرب إلى الغالبية العظمى من المنازل على مدار العام، منذ أكثر من أربع سنوات.
من أبرز هذه المناطق قرية “العصافرة” التابعة لمركز المطرية، ويبلغ عدد سكانها نحو 19,015 نسمة وفقًا لإحصاءات عام 2006، وقرية “الجماملة” التابعة لمركز المنزلة، التي يُقدّر عدد سكانها بـ2,048 نسمة حسب ذات العام.

في هذا السياق، تقول غادة سليم، المقيمة في قرية الجمامِلة، لـ”زاوية ثالثة”، إن مياه الشرب مقطوعة تمامًا صيفًا وشتاءً، ولا تصل إلا إلى خمسة منازل فقط في القرية. تضيف أن المياه التي تصل إلى هذه المنازل تكون ملوثة ولها طعم كريه، وتشبه – على حد وصفها – مياه الصرف الصحي.
وتشير إلى أن هناك دعوات متداولة بين الأهالي لتنظيم وقفة احتجاجية على الطريق للمطالبة بتمديد خط مياه متصل بترعة السلام، يمر بالقرية ويغذّي منطقة “البر الثاني” في مدينة المطرية.

وتتابع: “تقدم الكثير من الأهالي بشكاوى، ولكن دون جدوى. ما يحدث مأساة حقيقية. في العام الماضي، توفي أخوان أثناء محاولتهما جلب المياه من ترعة السلام، التي يعتمد عليها كثير من السكان لتأمين احتياجاتهم. البعض يشتري المياه للطهي، فيما يتوافد آخرون من أنحاء القرية إلى المنازل الخمسة التي تصلها المياه، لملء قوارير مياه الشرب، فهي المصدر الوحيد المتاح لهم”.

من ناحيته يُبيّن إسلام خيري نور الدين، نقيب المحامين الفرعية بالمطرية والأمين العام المساعد لمجلس نقابة شمال الدقهلية، أن مشكلة انقطاع المياه في المطرية كانت قد بدأت في منطقة واحدة وهي “البر الثاني”، ولكنها امتدت حاليًا لتشمل أربع مناطق لا تصلها المياه، وهذه الأزمة التي استمرت لأشهر ولم تحدث تحركات برلمانية كافية لحلها، ولكن، حدث أخيرًا تحرك في 13 يوليو الجاري من قبل الأجهزة التنفيذية، ممثلة في رئيس مجلس المدينة والشركة القابضة لمياه الشُرب، وقد وعدوا بأنه سيتم فتح صمام معين في إحدى المحطات، وسيكون هناك تطور جديد في حل الأزمة خلال أيام قليلة.

يقول لـ”زاوية ثالثة”: “أزمة انقطاع المياه، مستمرة منذ ستة إلى ثمانية أشهر، لقد بدأت في منطقة لدينا تُدعى “البر الثاني”، ثم امتدت لتشمل ثلاث أو أربع مناطق أخرى تعاني حاليًا من انقطاع تام للمياه، المشكلة ليست موسمية ولا تقتصر على الصيف فقط، ربما يحدث ذلك خلال الصيف في مناطق محددة، مثل: منطقة “البر الثاني”، وهي كانت في الأصل أرضًا زراعية وتم البناء عليها بشكل عشوائي قبل وبعد ثورة يناير، وهي تابعة للهيئة العامة للتعمير والتنمية الزراعية، وقد تم إدخال المرافق إليها مؤخرًا”.

نوصي للقراءة: عطش شمال سيناء: أزمة مياه تمتد وتتمدَّد

وعود رسمية بحل الأزمة

النائب مجدي الأمير، عضو مجلس النواب عن مركزي المنزلة والمطرية وقسم المنزلة في محافظة الدقهلية، وعضو في حزب مستقبل وطن، أفاد لـ”زاوية ثالثة” بأن هؤلاء السكان المتضررون من انقطاع المياه يقطنون في مناطق عشوائية، ومع زيادة الكثافة السكانية، تفاقمت مشكلات المياه والصرف الصحي بتلك المناطق، لاسيما أن ضغط المياه يضعف في فصل الصيف بشكل عام، وعندما تصل المياه إلى المناطق البعيدة، فإن ذلك يستغرق وقتًا أطول، لذا تواجه تلك المناطق في مركز المطرية بالدقهلية المشكلة ذاتها كل عام خلال فصل الصيف، معتبرًا أن مشكلة انقطاع المياه شائعة في الأماكن المهمشة.

يقول النائب: “الأهالي تقدموا بالفعل بشكاوى لنا كبرلمانيين وللأجهزة المعنية، ويجري الآن العمل على تنفيذ حل للمشكلة، لقد تم مؤخرًا تركيب مضخات مياه جديدة، والأهالي يأملون في بناء محطة مياه خاصة بمركز المطرية، ونحن نعمل على تحقيق ذلك. لقد قدمنا مقترحات بهذا الشأن، وهناك محطة أخرى قيد الإنشاء حاليًا، ولكن هذه الأمور تستغرق بعض الوقت، وليس هناك مشكلة بلا حل”.

وبشأن انقطاع المياه في قريتي العصافرة التابعة لمركز المطرية، والجماملة التابعة للمنزلة، بيّن النائب مجدي الأمير، أن كلتهما على نفس خط المياه الذي يفترض به الوصول إلى المناطق المتضررة في المطرية، مشيرًا إلى أن الحل سيكون على مستوى الخط بأكمله، إذ أن مصدر المياه واحد، وإذا تم حل المشكلة من المصدر، فسيشمل الحل الجميع.

ويضيف: “كنا نناقش هذه المشكلة طوال اليوم بالأمس، ونحن نبذل قصارى جهدنا، والأهالي لهم كل الحق في الحصول على حقوقهم مهما كانت الظروف،  نأمل أن يتم تركيب المضخات الجديدة وإجراء التحويلات اللازمة، ونسعى جاهدين لحل هذه المشكلة في القريب العاجل”.

فيما حاولت “زاوية ثالثة” التواصل هاتفيًا مع رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة مياه الشرب والصرف الصحي بالدقهلية، المهندس خالد حسين نصر، لسؤاله بشأن الأزمة، ونظرًا لانشغاله، أجاب مدير مكتبه على اتصالنا، وأوضح لنا أن الشركة تلقت بالفعل شكاوى من المواطنين بشأن انقطاعات المياه، وقامت من فورها بنقلها إلى المهندس محمد حسن، مدير منطقة مياه الشرب والصرف الصحي بالمطرية، والذي قام باتخاذ إجراءات لمحاولة حل الأزمة، متعهدًا بعودة ضخ المياه إلى بعض تلك المناطق، بدءًا من الإثنين الموافق 14 يوليو، على أن يتم الضخ لبقية المناطق تبعًا، عازيًا سبب الإنقطاع إلى زيادة الضغط على شبكة المياه في فصل الصيف وفترات الأعياد، والذي يأتي بالتزامن مع  كون تلك المناطق واقعة على أطراف شبكة مياه الشرب التي يتم رفعها من محطة مياه المنزلة إلى مركز المطرية، بينما القرى التابعة لمركزي المطرية والمنزلة فيفترض أن تصلها المياه بنظام المناوبة؛ إذ تصل المياه لكل قرية في أيام معينة من الأسبوع وتنقطع في أيام أخرى، لوجودها على أطراف الشبكة، مؤكدًا أن إنشاء محطة مياه جديدة داخل مركز ومدينة المطرية يتطلب ميزانية ضخمة، وأن إدارة الشركة تنتظر أن تأتي الموافقات الرسمية على ذلك المشروع، وهو الأمر الذي يستغرق وقت.

بينما يعزي المهندس محمد حسن، مدير منطقة مياه الشرب والصرف الصحي بالمطرية، انقطاع مياه الشرب عن بعض المناطق جاء بسبب زيادة استهلاك المياه في فصل الصيف، والذي ينخفض ويعود لمعدلاته الطبيعية بعد انتهاء شهر أغسطس، وكون أحياء البر الثاني وخلف السكة الحديد هي بالأساس مناطق تم بنائها بشكل عشوائي وشهدت زيادة سكانية كبيرة، إضافة إلى وجود أعطال في بعض مواسير المياه المؤدية لبعض المنازل أو مضخات المياه “المواتير”، متعهدًا بحل المشكلة في أسرع وقت ممكن.

يقول لـ”زاوية ثالثة”: “منذ 48 ساعة ونحن متواجدون على الأرض ونعمل على حل المشكلة، ومكتبي مفتوح للشكاوى وتلقي البلاغات من المواطنين، لأن المياه من حقهم جميعًا وأتفهم معاناتهم الإنسانية الناتجة عن انقطاع المياه، لكننا لم نتوقف عن ضخها، إلاّ أن الاستهلاك العالي يؤدي لضعف في ضغطها، ونرسل فنيين أعطال سباكة لصيانة مواسير المنازل والمواتير المعطلة، ونرسل سيارات المياه للمناطق المتضررة، لكن يتعذر عليها الدخول إلى الحواري والأزقة الضيقة بالمناطق الشعبية”.

ويضيف: “المياه تخرج من المحطة نقية ومطابقة للمواصفات ونحن لا نتهاون بشأن أي بلاغ أو شكوى بشأن تغير لون أو طعم أو رائحة المياه، وبمجرد تلقي البلاغ نرسل الفنيين إلى مكان الإبلاغ ونتلق عينات نرسلها إلى المعامل، ويكون السبب متعلقًا بمواسير المياه الداخلية للمنزل صاحب الشكوى”.

وبشأن قرية الجماملة يشرح المسؤول أن خط المياه الواصل للقرية قطره 60 سم، ويتفرع منه فرعين، أحدهما يصل للنصف الأول من القرية وتصله المياه بشكل طبيعي، أما النصف الثاني فلا تصله مياه، مرجحًا أن المشكلة متعلقة بمواسير أحد بيوت القرية التي تعرقل عملية الضخ خلال فترة الصيف، نافيًا ما يقوله الأهالي بشأن وصول المياه إلى 5 منازل فقط طيلة العام.

وبسؤاله عن أزمة انقطاع المياه في بعض أحياء ومناطق مركز المطرية، أوضح الدكتور أحمد أنور العدل، نائب محافظ الدقهلية، في تصريح لـ”زاوية ثالثة” أنه كان من المفترض أن تتم عملية رفع لكفاءة خطوط المياه المتجهة من مركز المنزلة إلى مركز المطرية، وإجراء توسعات فيها منذ خمس أو ست سنوات، لتتناسب مع الزيادة السكانية بتلك الأحياء، ولكن هذا لم يحدث، مؤكدًا أن الشركة القابضة لمياه الشرب والأجهزة التنفيذية بالمحافظة تتعاون فيما بينها حاليًا، للعمل على إيجاد حل لهذه المشكلة، كي تعود المياه إلى طبيعتها في أسرع وقتٍ ممكن.

وفي ظل وعود النواب، وتصريحات المسؤولين، تبقى أزمة انقطاع مياه الشرب عن أحياء مركز المطرية وقرى الدقهلية المجاورة، مأساةً يومية تعيشها آلاف الأسر، تنال من كرامتهم، وتصادر أبسط حقوقهم الإنسانية، التي يكفلها الدستور المصري، والذي تنص المادة 79 منه على أن “لكل مواطن الحق في غذاء صحي وكافٍ، وماء نظيف”، كما ينص أيضًا في المادة 46 على أن “لكل شخص الحق في بيئة صحية سليمة”. 

وفيما تتحدث الجهات المعنية عن مشروعات قيد الدراسة أو مضخات قيد التركيب، ينتظر سكان “البر الثاني”، و”خلف السكة الحديد”، و”العصافرة”، و”الجماملة”، وغيرهم، حلًا جذريًا يضع حدًا لمعاناتهم الإنسانية والاستنزاف المادي الذي يتعرضون له، في أسرع وقتٍ ممكن، ويضمن عدم تكرار الأزمة في السنوات المقبلة.

آية ياسر
صحافية وكاتبة وروائية مصرية حاصلة على بكالوريوس الإعلام- جامعة القاهرة.

Search