close

تقاعس حكومي يُجمّد أول قانون مصري لحماية كبار السن

قانون جديد يمنح كبار السن حماية غير مسبوقة… لكن الحكومة لم تُصدر لائحته التنفيذية منذ أكثر من عام، ما جعله قانونًا معطّلًا بالكامل.
Picture of آية ياسر

آية ياسر

شهدت محافظة السويس، الشهرالماضي، واقعة اعتداء على أحد المسنين، أثارت موجة غضب واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد انتشار مقطع فيديو يُظهر شابًا يعتدي بعنف على رجل مُسنّ عاجز عن الدفاع عن نفسه.

وفي تحرك برلماني أعقب واقعة الاعتداء على أحد المسنين بمحافظة السويس، تقدّم الدكتور فريدي البياضي، – عضو مجلس النواب ونائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي-، بطلب إحاطة موجّه إلى رئيس مجلس الوزراء ووزيرة التضامن الاجتماعي، بشأن تأخر الحكومة في إصدار اللائحة التنفيذية لقانون حقوق المسنين رقم (10) لسنة 2022، رغم مرور أكثر من عامين على صدوره.

وأوضح النائب أن القانون صدر في 6 مارس 2022 ونُشر في الجريدة الرسمية، ونصّ على صدور لائحته التنفيذية خلال ستة أشهر من تاريخ العمل به، غير أن الحكومة لم تلتزم بذلك حتى الآن، مما عطّل تطبيقه وترك كبار السن دون الحماية التي أقرها لهم المشرّع، مشيرًا إلى أن البرلمان قام بدوره بإقرار القانون الذي يهدف إلى صون كرامة المسنين وتوفير الرعاية الصحية والاجتماعية والنفسية لهم، وتشديد العقوبات على من يعتدي عليهم، إلا أن الحكومة – بحسب قوله – “تتعامل مع الملف بلا جدية، في ظل غياب واضح للإرادة التنفيذية والسياسية”.

وانتهى مجلس النواب المصري من صياغة قانون رعاية حقوق المسنين رقم 19 لسنة 2024، في 4 أبريل من العام الماضي، وصدّق عليه وقتئذٍ الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وحظي القانون بإشادات واسعة من جانب عدد من الحقوقيين، باعتباره يحقق مكتسبات غير مسبوقة في ملف المسنين، من شأنها تقديم الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والصحية والنفسية لهذه الفئة؛ إذ يهدف القانون بشكل أساسي إلى حماية ورعاية المسنين (كل مصري أو مصرية بلغ ٦٥ عامًا)، وكفالة حقوقهم الشاملة لضمان حياة كريمة وآمنة لهم، كما تشمل أحكامه الأجانب المقيمين في مصر، بشرط المعاملة بالمثل.

القانون يُجرّم أشكال الإساءة المختلفة ضد المسن، سواء كانت مادية أو معنوية، مثل الاستغلال، الإهمال، الاعتداء الجسدي أو اللفظي، أو تقييد الحرية ويكفل احترام كرامة المسن وحريته في اتخاذ قراراته، ويمنع التمييز ضده بسبب السن، ويؤكد على حقه في المشاركة الفعالة في المجتمع؛ كما يُلزم الدولة بتوفير أقصى درجات الحماية للمسنين في أوقات الكوارث والأزمات والأوبئة، وتوفير أماكن إيواء آمنة لهم، ويمنح “المسن الأولى بالرعاية” الحق في الحصول على مساعدة ضمانية شهرية، في حال عدم حصوله على معاش تأميني، ويتيح القانون خدمة توصيل المعاش أو المساعدة المالية إلى محل سكن المسن مقابل رسم رمزي لا يتجاوز مائة جنيه، وفي حال عدم قيام الأسرة بواجبها، يحق للوزارة المختصة رفع الأمر إلى محكمة الأسرة لتعيين مكلف بالرعاية من الأقارب، أو تقرير إيداع المسن في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية.

ووفقًا للقانون تتم زيادة الرسوم المالية المفروضة على 19 خدمة، بقيمة خمسة جنيهات، لتمويل صندوق رعاية المسنين، وتشمل تلك الخدمات: إصدار وتجديد رخصة السلاح، وبطاقات حضور المباريات الرياضية والمسرح والسينما، والحفلات والمهرجانات الغنائية بجميع أنواعها، وطلبات الالتحاق بالكليات والمعاهد العسكرية والشرطية، واشتراكات الأندية الرياضية وتجديد عضويتها السنوية، وكذلك رسوم تصاريح العمل للمصريين، وكراسات الشروط والمواصفات للمناقصات والمزايدات التي تبرمها الجهات العامة، وعقود المقاولات والتوريدات، وتراخيص إنشاء المباني، وطلبات حجز قطعة أرض أو وحدة سكنية من الأراضي أو الوحدات التي تتيحها الدولة بالمدن العمرانية الجديدة، ورسوم قيد مؤسسات العمل الأهلي، والترخيص أو تجديد ترخيص عمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية، كما يفرض القانون مبلغ 100 ألف جنيه، مقابل الترخيص لإنشاء المؤسسات الاجتماعية لرعاية المسنين، والمؤسسات الاجتماعية التي تقدم خدمات اجتماعية وثقافية وترفيهية ودينية ورياضية لهم.

ورغم مرور أكثر من عام على إصدار مجلس النواب للقانون وتصديق الرئيس عليه، لم تٌصدر الحكومة بعد اللائحة التي ستفصّل آليات تطبيق القانون، وبدونها تظل العديد من أحكامه غير مفعلة، مما يعطّل تنفيذ القانون ويحرم المسنين من الحصول على مكتسباتهم.

وسبق أن تقدّم النائب فريدي البياضي، بطلبَي إحاطة حول القضية نفسها؛ الأول بعد مرور ستة أشهر من صدور القانون، والثاني بعد عام، وكانت إجابة الحكومة في المرتين أن “اللائحة جاهزة وستصدر قريبًا”، وهو ما لم يحدث حتى اليوم، بحسب ما يؤكد البياضي في حديثه معنا.

ويرى البياضي أن تأخر إصدار اللائحة التنفيذية  يمثّل استهتارًا صارخًا بحقوق كبار السن، وتجاهلًا غير مقبول لإرادة مجلس النواب، وأن تعطيل الحكومة لإصدار اللائحة يُعد انتهاكًا صارخًا للدستور، ومخالفة لمبدأ سيادة القانون الذي تقره (المادة 94)، من الدستور المصري، ولحق المواطنين في الضمان الاجتماعي والحياة الكريمة التي تنص عليها (المادة 17)، التي تُلزم الدولة بكفالة خدمات التأمين الاجتماعي وتضمن للمواطنين الذين لا يشملهم التأمين الاجتماعي الحق في الضمان الاجتماعي لضمان حياة كريمة لهم. كما تنص المادة على توفير الدولة لمعاش مناسب لصغار الفلاحين، والعمال الزراعيين، والصيادين، والعمالة غير المنتظمة، وتؤكد أن أموال التأمينات والمعاشات هي أموال خاصة محمية وتستثمر بشكل آمن وتديرها هيئة مستقلة، كذلك يتناقض مع الالتزامات الدولية التي تعهّدت بها الدولة، فضلاً عن كونه إهانة لسلطة مجلس النواب واستخفافاً بأدواته الرقابية.

يقول في حديثه إلى زاوية ثالثة إن “اللائحة، كان من المفترض أن تصدر في غضون ستة أشهر من إقرار القانون، الذي تكمن أهميته في كونه يمنح حقوقًا وامتيازات عديدة لكبار السن، وهو أقل ما يمكن تقديمه لهم من حقوق، فهو تكريم لكبار السن الذين خدموا الوطن، وقد وُضعت في القانون امتيازات جيدة، إلاّ أنه بدون لائحة تنفيذية، يظل القانون مجرد حبر على ورق، وكأن شيئًا لم يحدث”.

ويعتبر النائب أن واقعة “مسن السويس” الأخيرة تُبرز خطورة هذا التأخير، متسائلًا: “ما جدوى إصدار القوانين إذا ظلّت حبرًا على ورق؟ وهل كرامة كبار السن لا تستحق من الحكومة سرعة التنفيذ والمساءلة؟”

ويطالب النائب باستدعاء رئيس مجلس الوزراء إلى البرلمان لمساءلته بشكل مباشر عن هذا التقاعس غير المبرر، وإلزام الحكومة بتحديد موعد فوري ونهائي لإصدار اللائحة التنفيذية، مؤكدًا أن استمرار التأخير “إهمال جسيم يُفقد الدولة مصداقيتها في رعاية كبار السن.”

ويختتم البياضي حديثه قائلًا: إن “القوانين جاهزة والمجلس أدّى دوره، لكن إرادة الحكومة ما زالت غائبة. وغياب هذه الإرادة لا يقل خطرًا عن أي اعتداء يقع على كبار السن في الشارع.”

ونُشر القانون رقم 19 لسنة 2024،  في العدد (14) تابع (د)، من الجريدة الرسمية في 4 إبريل 2024، وقد نص في مادته الثانية على أن يصدر رئيس مجلس الوزراء اللائحة التنفيذية للقانون المرافق خلال ستة أشهر من تاريخ العمل به، وعلى جميع الجهات ذات الصلة به توفيق أوضاعها طبقًا لأحكامه خلال مدة لا تجاوز ستة أشهر من تاريخ صدور اللائحة التنفيذية للقانون المرافق.

 

نوصي للقراءة: أحلام الإسكان الاجتماعي في مصر: وحدات لا تُسلَّم وأموال لا تعود

القانون حبر على ورق

يوضح المحامي الحقوقي مالك عدلي، – رئيس المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية-، أن قانون رعاية حقوق المسنين، الذي صدر في شهر أبريل من العام الماضي، ولم تصدر لائحته التنفيذية حتى الآن، يتعلق برعاية فئة خاصة ومُقدَّرة في المجتمع، معتبرًا أن الأمر يستدعي مساءلة برلمانية، لأن القانون ينص على أن اللائحة التنفيذية يجب أن تصدر خلال مدة زمنية معينة، وهذه المدة قد انقضت، ولم تصدر اللائحة. إذًا، أصبح هذا القانون بحكم المُعطَّل. فالموضوع برمته يجب أن يكون محل مساءلة برلمانية وقانونية.

يقول لـ”زاوية ثالثة”: ” تأخر إصدار لائحته التنفيذية يعكس إما حالة من الإهمال الشديد، حيث أن السلطة تصدر قوانين كثيرة وربما تنسى الحكومة بعضها وسط زحام القوانين التي صدرت حديثًا، أو أن القانون نفسه كان قد أُعِدَّ أصلًا لغرض الاستهلاك المحلي، أي أنه لا توجد جدية في تنفيذه، لأنه بدون اللائحة التنفيذية، فهذا يعني أنه حبر على ورق، وهذه مشكلة كبيرة، وللأمر تبعات أخرى تتعلق بتمويل المجالس والمصروفات التي ينص عليها القانون، وهل أُدرِجَت في الموازنة العامة للدولة أم لا، وهل سيُطبَّق القانون أم لا. وهذا يخلق مشاكل وتعقيدات إدارية ومالية كثيرة، وهذه أمور تستوجب المساءلة، فمن المفترض أن هناك جهة مسؤولة عن إصدار اللائحة التنفيذية لهذا القانون، فلماذا لم تصدر؟ هذه الجهة هي التي يجب أن تُساءَل، لا نحن.

ويضيف عدلي: “عندما تصدر اللائحة التنفيذية، ستوضح لنا كيفية إنشاء هذا الصندوق، وما إذا كان صندوقًا نقديًا أم ماليًا، وأغراضه المالية، والخدمات التي يقدمها، وموارده، ومبانيه، وموظفيه، ومخصصاتهم، واختصاصاتهم. كل هذا تحدده اللائحة التنفيذية. فإذا لم تكن هناك لائحة، فعلى أي أساس سنحكم؟، طالما لا توجد لائحة تنفيذية، وهذا يعني أن هذا القانون موقوف التنفيذ، أو أنه مجرد حبر على ورق”. 

ويؤكد المحامي الحقوقي أن غياب اللائحة التنفيذية يعني عدم وجود أجهزة لإنفاذ هذا القانون، وعدم وجود إجراءات للتمتع بما ينص عليه من حقوق، وعدم وجود مبانٍ مخصصة لتقديم الخدمات التي يجب أن تُقدَّم من خلاله، وعدم وجود موظفين معنيين بتنفيذه، كل هذا تحدده اللائحة التنفيذية، وبما أنها غير موجودة، فبالتالي لا يوجد قانون على أرض الواقع.

 

نوصي للقراءة: تخوفات من إلغاء الدعم العيني.. ما الذي ينتظر الأسر الفقيرة؟

إهدار لحقوق المسنين في مصر

تسري أحكام قانون رعاية حقوق المسنين على المصري ممن بلغ سن الخامسة والستين ميلادية، كما تسري أحكامه على الأجانب المقيمين إقامة قانونية بجمهورية مصر العربية البالغين للسن المحددة للإحالة للمعاش وفقًا لقوانين الدول التي يتمتعون بجنسيتها بشرط المعاملة بالمثل، ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية وللاعتبارات التي يقدرها الاستثناء من شرط المعاملة بالمثل.

ويهدف هذا القانون، بحسب ما جاء في الباب الأول، إلى حماية ورعاية المسن، وكفالة تمتعه بجميع الحقوق الاجتماعية والسياسية والصحية والثقافية والترفيهية وغيرها من الحقوق، وتوفير الحماية اللازمة له وتعزيز كرامته وتأمين حياة كريمة له، ويتيح للمسنين الحماية الاجتماعية، عبر مجموعة متكاملة من التدابير والإجراءات التي تتخذها الدولة لمد شبكة الأمان الاجتماعي وتوفير حد أدنى من سبل الدعم النقدى أو العينى للمسن الأولى بالرعاية بما يضمن له حياة كريمة، والرعاية الاجتماعية من خلال توفير مجموعة من الخدمات الاجتماعية والأنشطة الترفيهية والثقافية وغيرها من الخدمات التي تلبي احتياجات المسن بما يتناسب مع ظروفه الاقتصادية والاجتماعية والصحية وميوله الشخصية.

كما يوفر القانون استراتيجية تعمل في إطار تنمية المجتمع، وتقوم على تأهيل المسن وتمكينه من ممارسة حقوقه وحرياته ودمجه وإتاحة فرص متكافئة له في المجتمع من خلال تضافر جهوده وجهود أسرته وأفراد المجتمع ومنظماته للمساعدة على هذا الاندماج، ويمنح المسن الأولى بالرعاية، بطاقة تعد بمثابة مستند رسمى يصدر عن الوزارة المختصة يثبت أن حامله يستحق الخدمات المقدمة للمسن الأولى بالرعاية وأنه من الخاضعين لأحكام هذا القانون، ويعطيه الحق في خدمة مرافق المسن، والتي تقدم من أشخاص مؤهلين عمليًا وفنيًا أو علميًا، ومعتمدين من الوزارة المختصة، يتم بمقتضاها المساهمة في تقديم الرعاية الشاملة اليومية للمسن ومساعدته في أداء وظائفه ومهاراته الحياتية داخل منزله أو في أحد المستشفيات أو في إحدى مؤسسات المسنين أو في غيرها من الأماكن التي يوجد بها، مقابل أجر يتحمله المسن أو المكلف برعايته.

من جهته يؤكد الدكتور علاء غنام، – رئيس وحدة الحق في الصحة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية-، لـ”زاوية ثالثة”، أهمية قانون رعاية حقوق المسنين والتي تكمن في كون كبار السن في المجتمع يمثلون فئة تحتاج إلى الحماية، وهذا القانون الجديد يوفر لهم هذه الحماية، خاصة في ظل الأزمات المختلفة التي يعاني منها المجتمع والبلاد.

ويتسائل غنّام عن الأسباب التي أدت إلى تأخر إصدار الحكومة المصرية للائحة التنفيذية لقانون رعاية حقوق المسنين الصادر في شهر إبريل من العام الماضي، معتبرًا أن هذا يُعد إهمالًا، وإهدارًا لحقوق المسنين في مصر، في وقت يتوجب فيه على أي أمة متحضرة أن تحمي أطفالها ومسنيها.

 

نوصي للقراءة: بعد مقتل لاجئة سودانية.. كيف تُترك اللاجئات في مصر بلا حماية؟

أول قانون مصري يهتم بكبار السن

المرشحة البرلمانية، نشوى الديب، – مديرة مؤسسة نشوى الديب للتنمية-، تؤكد أن اللائحة التنفيذية كان من المفترض أن تصدر منذ أكثر من ستة أشهر، إلاّ أنها تأخرت كثيرًا في إصدارها، وهذا الأمر يعطل العديد من المكتسبات التي منحها القانون لكبار السن، مشيرة إلى أن الجهات المعنية في الحكومة، مثل وزارة التضامن الاجتماعي، لم تذكر أي عقبات تعطل إصدار القانون ولائحته التنفيذية، بل إن الحكومة نفسها تقدمت بمشروع قانون موازٍ لمشروع القانون الذي تقدمت به مؤسسة نشوى الديب للتنمية، وكان من الجيد أن تهتم الحكومة المصرية بقضية كبار السن، وتتقدم بمشروع قانون يتضمن الكثير من الالتزامات التي تضعها الدولة على عاتقها تجاه المسنين، عازية التأخير في إصدار اللائحة التنفيذية إلى الانشغال بأمور أخرى.

تقول لـ”زاوية ثالثة”: “في الحقيقة، هذا القانون هو أول قانون مصري يهتم بقضية كبار السن، حيث يضع لهم مظلة حقوقية وقانونية واجتماعية وصحية وترفيهية. كما أنه يضع كبار السن في إطار الحياة الفعالة، دون النظر إليهم على أنهم أصبحوا عبئًا على المجتمع أو أنهم ينتظرون الموت”. وتضيف: “لقد منح القانون المسن دفعة قوية للحياة، من خلال حصوله على الكثير من الامتيازات، سواء في وسائل النقل، أو دور الترفيه، أو في مجال الصحة، بالإضافة إلى إلزام الدولة بالرعاية الاجتماعية للمسن المُعْوِز. كما يفرض القانون عقوبات شديدة على الإهمال في رعاية المسن، سواء كان هذا الإهمال من قِبَل الأسرة أو من قِبَل دور الرعاية”.

وتتابع النائبة السابقة بالبرلمان أن “القانون يتضمن أيضًا جزءًا كبيرًا يُلزِم دور الرعاية بالكثير من الضمانات، منها على سبيل المثال، أنه لا يجوز أبدًا لأي دار رعاية أن تجبر مسنًّا على الإقامة الإجبارية بداخلها، وهو أمر للأسف يحدث بشكل كبير في العديد من دور الرعاية، والقانون يتضمن أيضًا إنشاء صندوق لرعاية المسنين، وهذا أمر في غاية الأهمية. 

تقول نشوى: ” الرئيس السيسي وضع بنفسه مبلغًا كبيرًا في هذا الصندوق، أعتقد أنه 10 مليارات جنيه، لصالح كبار السن، والرئيس نفسه مهتم جدًا بالقانون وبالصندوق وبالموضوع برمته، لذا لا أعرف سبب تقاعس الحكومة عن إصدار اللائحة التنفيذية”. مطالبة الحكومة بسرعة إصدار اللائحة التنفيذية لقانون رعاية حقوق المسنين، وإلا فسيظل مجرد حبر على ورق دون أي تنفيذ، ولن يحصل كبار السن على أي من مكتسبات هذا القانون”.

وكان مسئول بوزارة المالية، قد كشف في تصريحات إعلامية سابقة، أن الحكومة خصصت 5 مليارات جنيه لصندوق رعاية كبار السن، كما تم إدراج حقوقهم واحتياجاتهم في برامج وسياسات مكافحة الفقر والحد منه، وبرامج التنمية المستدامة، كما تستفيد فئات كبيرة من كبار السن من البرامج الاجتماعية، التي سبق أقرتها الحكومة وفي مقدمتها برنامج “كرامة”، الذي يستفيد منه 700 ألف من كبار السن بإجمالي 4 مليارات و700 مليون جنيه.

ورغم ما يحمله قانون رعاية حقوق المسنين رقم 19 لسنة 2024 من وعود مشرّفة بحياة كريمة وآمنة لكبار السن، فإن غياب اللائحة التنفيذية بعد أكثر من عام على إقراره وتصديقه، يجعله فعليًا قانونًا معطّلًا، ومجرد نصوص على الورق دون آليات للتطبيق. ويبدو أن ما يُفترض أنه إنجاز حقوقي واجتماعي غير مسبوق، بات نموذجًا واضحًا على الهوة الواسعة بين إصدار التشريعات وتنفيذها فعليًا على الأرض. وفيما تتحدث الحكومة عن التزامها بالحماية الاجتماعية وبرامج الرعاية، تظل فئة المسنين – الذين أفنوا أعمارهم في خدمة المجتمع – في انتظار ترجمة هذه الوعود إلى واقع ملموس. 

وبينما يستمر تجاهل اللائحة دون تفسير، تتعالى أصوات المطالبات البرلمانية والحقوقية بمحاسبة الجهات المسؤولة، وإلزام الحكومة بالإفصاح عن أسباب التأخير، وتحديد جدول زمني واضح للتنفيذ؛ فإن تأخير اللائحة ليس مجرد خلل إداري، بل هو إهدار متعمد لحقوق فئة من أكثر فئات المجتمع هشاشة، وتقصير لا يليق بدولة تعلن التزامها بالعدالة الاجتماعية وكرامة الإنسان.

آية ياسر
صحافية وكاتبة وروائية مصرية حاصلة على بكالوريوس الإعلام- جامعة القاهرة.

Search