close

اللواء الذي يحكم جامعة حلوان: تجاوزات مالية بالملايين وعقودٍ مخالفةٍ للقانون

الكشوفات الرسمية بجامعة حلوان تُظهر حصول أمينها العام على نحو 915 ألف جنيه خلال أقل من عام، بينها مكافأة استثنائية بقيمة 177 ألف جنيه، رغم مخالفة تعيينه لقرارات مجلس الوزراء.
Picture of آية ياسر

آية ياسر

في نوفمبر الجاري، فوجئ عدد من موظفي جامعة حلوان وأعضاء هيئة التدريس بعثورهم على منشورات متناثرة داخل مباني الجامعة أثناء ساعات العمل، تتهم رئيس الجامعة الدكتور السيد قنديل، وأمين عامها اللواء محمد عبد الحفيظ أبو شقة، بالتورط فيما وصفته بـ”الصفقات المشبوهة” وممارسات فساد وتنكيل بالعاملين من خلال عقود وقرارات جزاء ونقل تعسفية. واعتبرت المنشورات أن تعاقد الجامعة مع اللواء أبو شقة وما يتقاضاه من أجر يتم على حساب حقوق العاملين، كما نددت بالجزاءات التعسفية والعقود الجديدة الخاصة بالموظفين المؤقتين.

هذه المنشورات سرعان ما أصبحت محور النقاش داخل أروقة الحرم الجامعي، بعدما كانت الاتهامات الموجهة لإدارة الجامعة تُتداول همسًا بين الموظفين وأعضاء هيئة التدريس. وتضمنت بيانًا واستغاثة عاجلة وُجهت إلى جميع المسؤولين، ووقّعها عدد ممن عرّفوا أنفسهم بـ”العاملين المقهورين في جامعة حلوان”، احتجاجًا على ما اعتبروه “نزيفًا للمال العام ونزيفًا للعاملين” سواء من المثبتين أو المتعاقدين.

واتهم البيان أمين عام الجامعة اللواء محمد عبد الحفيظ أبو شقة بالاستيلاء على أموال الجامعة دون وجه حق، موضحًا أنه يتقاضى راتبًا شهريًا قدره 50 ألف جنيه يُصرف كاملًا دون إخضاعه للضرائب، بما يجعله فعليًا يعادل نحو 75 ألف جنيه، وهو ما يتجاوز الحد الأقصى للأجور الذي أقره مجلس الوزراء عام 2014. كما أشار البيان إلى صرف مكافأة الوافدين له رغم عدم أحقيته فيها، مؤكدًا أن قيمتها تجاوزت مليون جنيه ووصلت إلى نحو مليون ومئتي ألف جنيه.

وجاء في البيان، الذي حصلت “زاوية ثالثة” على نسخة منه، أن أمين عام الجامعة يستغل بوفيهات الجامعة ويُديرها لحسابه الخاص بالتعاون مع رئيس الجامعة، من خلال موظفين تابعين للجامعة بدلًا من طرح هذه البوفيهات في مزايدات علنية قانونية. واتهم البيان الطرفين باستغلال البوفيهات والكافتيريات المنتشرة داخل الحرم الجامعي، وكذلك تلك التابعة لقاعات العروض ودار الضيافة، بطرق غير قانونية وغير خاضعة لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات أو وزارة المالية.

 

نسخة من المنشورات التي عُثر عليها داخل مباني جامعة حلوان أثناء ساعات العمل، وحصلت عليها "زاوية ثالثة"
نسخة من المنشورات التي عُثر عليها داخل مباني جامعة حلوان أثناء ساعات العمل، وحصلت عليها “زاوية ثالثة”

وزعم البيان أن إعلان جامعة حلوان عن وظيفة أمين عام الجامعة لم يكن سوى غطاء قانوني لتمكين اللواء محمد عبد الحفيظ أبو شقة من شغل المنصب بشكل دائم، وذلك بالاتفاق مع لجنة القيادات التي جرى تشكيلها، بحسب البيان، بعناية من قِبل رئيس الجامعة الدكتور السيد قنديل لضمان اختياره. وأوضح البيان أن أياً من الشروط المنصوص عليها في قانون تنظيم الجامعات أو قانون الخدمة المدنية لا تنطبق عليه، وفي مقدمتها شرط الخبرة لمدة عشر سنوات على الأقل في الشؤون الجامعية والإدارية.

وأضاف البيان أن اللواء أبو شقة، الذي يشغل وظيفة مدنية يُحظر فيها استخدام الألقاب العسكرية بنص القانون، تم انتدابه إلى المنصب بقرار رقم 172 الصادر في 24 مايو 2023، والذي نص على قيام محمد عبد الحفيظ محمد أبو شقة، الوكيل بهيئة الرقابة الإدارية، بأعمال أمين عام الجامعة لمدة عام اعتبارًا من 1 يونيو 2024، رغم عدم امتلاكه أي خبرة سابقة في الشؤون الجامعية. واعتبر البيان هذا التعاقد باطلًا ومخالفًا للقانون، مشيرًا إلى أن رئيس الجامعة الدكتور السيد قنديل أصدر القرار رقم 1888 بتاريخ 29 مايو 2025، الذي قضى بتجديد إعارة أبو شقة واستمراره قائمًا بأعمال أمين عام الجامعة لمدة شهر ثانٍ اعتبارًا من 1 يوليو 2025.

وفي 27 يوليو الماضي، أعلنت جامعة حلوان، من خلال الإعلان رقم (2) لسنة 2025، عن حاجتها لشغل وظيفتين قياديتين هما أمين عام الجامعة بالمستوى الممتاز، ومدير عام الإدارة العامة للإدارات القانونية بالمستوى الوظيفي مدير عام، وذلك استنادًا إلى أحكام قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1216 لسنة 2017، فضلًا عن القانون رقم 47 لسنة 1973 المنظم لأعمال الإدارات القانونية.

وأكد الإعلان أن التعيين في هذه الوظائف مشروط باستيفاء جميع متطلبات شغلها، وألا يصدر قرار من السلطة المختصة بالتعيين إلا بعد اجتياز البرنامج التدريبي المقرر بنجاح. كما نص الإعلان على أن تُقدَّم الطلبات شخصيًا باسم الأستاذ الدكتور السيد قنديل، رئيس الجامعة، على النموذج المعد لذلك، إلى اللجنة الدائمة لاختيار القيادات بمقر الإدارة الرئيسية في الدور الرابع، خلال مدة أقصاها شهر من تاريخ نشر الإعلان.

 

حصلت "زاوية ثالثة" على صورة طبق الأصل من الإعلان رقم (2) لسنة 2025 الصادر عن جامعة حلوان
حصلت “زاوية ثالثة” على صورة طبق الأصل من الإعلان رقم (2) لسنة 2025 الصادر عن جامعة حلوان

عقب ذلك أرسلت هيئة الرقابة الإدارية كتابًا رسميًا، موقعًا من أحمد محمد نور الدين، وكيل هيئة الرقابة الإدارية، إلى رئيس جامعة حلوان، الأستاذ الدكتور السيد قنديل، بشأن ترشيح أحد وكلائها لشغل وظيفة أمين عام الجامعة، وجاء في الكتاب، المؤرخ بتاريخ 12 مايو 2024، أن الهيئة ترشح السيد محمد عبد الحفيظ محمد أبو شقة للإعارة من هيئة الرقابة الإدارية لتولي مهام أمين عام الجامعة، وذلك لمدة عام اعتبارًا من 1 يونيو 2024.

 

نسخة من كتاب وكيل هيئة الرقابة الإدارية، إلى رئيس جامعة حلوان بشأن ترشيح أحد وكلائها لشغل وظيفة أمين عام الجامعة

 

وفي 23 مايو 2024 أصدر رئيس جامعة حلوان القرار رقم 1704 الذي كلّف بموجبه محمد عبد الحفيظ محمد أبو شقة، عضو هيئة الرقابة الإدارية، بالقيام بأعمال أمين عام الجامعة لمدة عام اعتبارًا من 1 يونيو 2024. وتضمّن القرار موافقة هيئة الرقابة الإدارية على إعارة أبو شقة من الفئة العالية بالهيئة لتولي مهام منصبه، مع اعتماد راتب شهري قدره 50 ألف جنيه مصري، إضافة إلى المكافآت والبدلات المقررة لقيادات إدارة الجامعة.

نسخة من القرار رقم 1704، بتكليف محمد عبد الحفيظ محمد أبو شقة، عضو هيئة الرقابة الإدارية

وفي 29 مايو 2025، أصدر رئيس جامعة حلوان، القرار رقم 1888، والذي نص على تجديد إعارة السيد محمد عبد الحفيظ أبو شقة لمدة شهر اعتبارًا من 1 يونيو 2025، على أن يتم تكليفه للقيام بأعمال أمين عام الجامعة بنظام التعاقد اعتبارًا من 1 يوليو 2025 بعد العرض على مجلس الجامعة.

 

نسخة من القرار رقم 1888، بتجديد إعارة السيد محمد عبد الحفيظ أبو شقة 
نسخة من القرار رقم 1888، بتجديد إعارة السيد محمد عبد الحفيظ أبو شقة 

 

وزعمت المنشورات التي أُلقيت على الموظفين، أن رئيس الجامعة قد فوض الأمين العام، بشكل غير قانوني في إدارة كل كبيرة وصغيرة داخل الجامعة للواء، خوفًا منه أو للتهرب من المسئولية أو يتفرغ لإدارة شركته الخاصة، وأنه رغم انتهاء مدة ندب محمد أبو شقة، غير القانونية، الذي تم التعاقد معه بعقد مخالف للقوانين برقم 1888 بتاريخ 29 مايو 2025، لم يجدد العقد بعد انتهائه، مضيفًا أنه رغم ذلك يُنكل بالعاملين بتوقيع جزاءات وخصومات تعسفية، ويصدر أوامر بنقلهم من أماكن عملهم، تعسفيًا، مستشهدًا بالأمر التنفيذي رقم 77، الصادر بتاريخ 19 أغسطس 2025، والأمر التنفيذي رقم 78 بتاريخ 20 أغسطس 2025، واللذان وصفهما بمذبحة نقل الكفاءات وذوي الخبرة من أماكنهم.

نوصي للقراءة: جامعة حلوان: مصير معلّق وعلاج ممنوع للعمال المؤقتين


انتقادات بشأن صلاحيات أمين عام الجامعة

من جهته كشف مصدر أكاديمي في جامعة حلوان، – رفض ذكر اسمه-، عن أن هناك حالة من الغليان سادت بين موظفي الجامعة وأساتذتها، الذين اطلعوا على مستندات تثبت تقاضي اللواء محمد أبو شقة، أمين عام الجامعة، مبالغ طائلة كمكافأت، بشكل يتجاوز الحد الأقصى للأجور الذي يسمح به القانون، مؤكدًا لـ”زاوية ثالثة”، أن إحدى مكافآت الوافدين التي حصل عليها الأمين العام وصلت إلى مئتي ألف جنيه، بينما يبلغ راتبه خمسون ألفًا، بجانب تقاضيه مكافآت أخرى بقيمة مئة وسبعين ومئة وثمانين ألفًا، بإجمالي مبالغ تجاوزت المليون وثمانمائة ألف جنيه في أقل من اثني عشر شهرًا.

ويوضح المصدر أن اللواء أبو شقرة، استُعين به خبيرًا وطنيًا، وأنه لا يجوز له تولي منصب أمين عام بشكلٍ دائمٍ وفق رد مجلس الوزراء، على استفسار من وزير التعليم العالي حول الموافقة على تعيين السيد محمد عبد الحفيظ أمينًا عامًا للجامعة، وكان رد مجلس الوزراء وقتئذٍ هو الاكتفاء بالاستعانة به خبيرًا وطنيًا فقط، أي لا يجوز له تولي منصب أمين عام الجامعة، مبينًا أنه ورغم صدور هذا القرار في الشهر الرابع، فإنه لا يزال قائمًا بأعمال أمين عام الجامعة، ولكنه لا يتقاضى راتبه الأساسي من الباب الأول في الموازنة حتى لا يخالف قرار الوزير، وبدلًا من ذلك يتقاضى مكافآت فقط بشكل غير رسمي بينما راتبه الرسمي موقوف.

وينص قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 63 لسنة 2014 بشأن تنظيم الحد الأقصى للدخول للعاملين في أجهزة الدولة، الصادر في 19 يناير 2014، على أنه لا يجوز أن يتجاوز صافي الدخل الشهري لأي عامل في الجهاز الإداري للدولة أو وحدات الإدارة المحلية أو الهيئات العامة أو الشركات التابعة لها، أو من يتقاضى من أموالها، خمسةً وثلاثين ضعف الحد الأدنى للأجور، وبما لا يجاوز اثنين وأربعين ألف جنيه شهريًا، ويُطبق هذا الحد على جميع العاملين، سواء كانوا دائمين أو مؤقتين أو مستشارين أو خبراء وطنيين، وبغض النظر عن مصدر دخلهم، سواء من الجهة الأصلية أو من جهات أخرى، ويشمل القرار جميع صور الأجور والمكافآت والحوافز والبدلات ومقابل حضور اللجان ومجالس الإدارة، ولا يُستثنى إلا المبالغ التي تُصرف مقابل نفقات فعلية كبدل السفر أو مصروفات الانتقال أو الإقامة، متى صُرفت وفق القواعد المعمول بها.

ويُحتسب الحد الأقصى الشهري على أساس متوسط ما يتقاضاه العامل خلال العام مقسومًا على اثني عشر شهرًا، على أن يُحوّل إلى الخزانة العامة أي مبلغ يزيد على الحد المقرر، وتتم المحاسبة في نهاية ديسمبر من كل عام، وقد استثنت المادة الثانية، من القانون، العاملين في هيئات التمثيل الدبلوماسي والقنصلي والتجاري وغيرهم ممن يمثلون الدولة في الخارج من تطبيق هذا الحد الأقصى، كما استثنت الهيئات ذات الطبيعة الخاصة التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس مجلس الوزراء، وألزمت الجهات الحكومية والهيئات والشركات التابعة للدولة التي تصرف مبالغ للعاملين بإبلاغ الجهة التابع لها العامل خلال ثلاثين يومًا من تاريخ الصرف بجميع المبالغ التي يتقاضاها، كما أوجبت على مراقبي الحسابات بوزارة المالية والجهاز المركزي للمحاسبات التحقق من إتمام الإبلاغ، محمّلة المسؤولية التأديبية للعامل المختص في حال المخالفة.

قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 63 لسنة 2014، بشأن الحد الأقصى للأجور

 

ويُبيّن المصدر الأكاديمي أن بعض العمال والموظفين ألقوا منشورات، على زملائهم داخل الجامعة، تفضح أمر المستندات التي تُدين الأمين العام للجامعة، وقد حقق أبو شقة مع العمال لمعرفة كيفية وصول هذه المنشورات، – بحسب قوله-، زاعمًا أن الأمين العام يدير (بوفيهات) الجامعة الموجودة في المباني الإدارية لحسابه الشخصي، بينما كان من المفترض أن تطرح مناقصات يتنافس عليها الموردون، كما يتهمه بأنه يُشغّل فيها العمال مقابل ألف جنيه أو ألف وخمسمائة جنيه شهريًا، بغض النظر عما إذا كان ذلك يؤثر على عملهم الأساسي كعمال نظافة، مضيفًا: “هذه المقاصف تعمل بالأمر المباشر، ولا أحد يعلم إلى أين تذهب عائداتها؟”، – بحسب تعبيره-. 

 ويعتقد المصدر أن صلاحيات أمين عام الجامعة قد تخطت سلطة رئيس الجامعة نفسه، بشكل يبعث على الريبة، لحد إلغاءه قرارات اتخذها رئيس الجامعة نفسه، مثل: قرارات نقل بعض الموظفين، وأن أي موضوع يُحال إلى رئيس الجامعة يكتب عليه “يُحول إلى أمين عام الجامعة محمد أبو شقة”، حتى في الأمور الأكاديمية التي لا شأن له بها.

واطلعت “زاوية ثالثة” على نسخة من الأمر التنفيذي، رقم 78، الصادر عن أمين عام جامعة حلوان، بتاريخ 20 أغسطس 2025، بإصدار القرار رقم 1773، بتاريخ 1 يونيو 2024، بتفويض الأمين العام في بعض اختصاصات السيد أ.د / رئيس الجامعة.

وعلى الرغم من أن التفويض الصادر بتاريخ 1 يونيو 2024، كان يفترض أن يستمر لمدة عام، ثم ينتهي في 30 يونيو 2025، إلاّ أن الأمر التنفيذي جاء بتاريخ 20 أغسطس 2025، أي بعد انتهاء التفويض بشهرين، وبحسب مصادرنا فإن الأمر التنفيذي يعد باطلًا لأنه صدر بناءًا على تفويض قديم لأمين عام الجامعة من رئيس الجامعة، ولم يجدد وكان قد انتهى قبل وقت صدور القرار.

صورة من الأمر التنفيذي (رقم 78) الصادر عن أمين عام جامعة حلوان

وكان وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الدكتور محمد أيمن عاشور، قد أصدر خطابًا رسميًا، إلى الأستاذ الدكتور السيد قنديل، رئيس جامعة حلوان، بتاريخ 22 سبتمبر 2025، أشار فيه إلى الكتاب الصادر عن الجامعة بتاريخ 3 فبراير 2025 بشأن التعاقد مع السيد محمد عبد الحفيظ أبو شقة للقيام بأعمال أمين عام الجامعة لمدة عام اعتبارًا من 1 فبراير 2025.

وأوضح الوزير في خطابه، – الذي اطلعت عليه زاوية ثالثة -، أنه قد ورد إلى الوزارة كتاب من رئاسة مجلس الوزراء – رئيس هيئة مستشاري مجلس الوزراء بخصوص الموضوع ذاته، متضمنًا ما يفيد بأنه تم عرض الأمر على رئيس مجلس الوزراء، الذي وجّه بالموافقة على التعاقد مع المذكور للعمل كخبير وطني بجامعة حلوان، وليس كأمين عام للجامعة، واختُتم الخطاب بطلب من وزير التعليم العالي إلى رئيس الجامعة بالاطلاع على ما ورد من رئاسة مجلس الوزراء واتخاذ ما يراه مناسبًا في هذا الشأن.

صورة من خطاب وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الدكتور محمد أيمن عاشور، للأستاذ الدكتور السيد قنديل، رئيس جامعة حلوان، بشأن التعاقد مع السيد محمد عبد الحفيظ أبو شقة

ووفقًا لقرار رئيس جامعة حلوان رقم 1704، الصادر بتاريخ 23 مايو 2024، فإن الراتب الشهري أمين عام الجامعة، محمد أبو شقة، يبلغ 50 ألف جنيه، بخلاف المكافآت والبدلات المقررة لقيادات إدارة الجامعة، وتُظهر كشوفات رسمية لحركة المدفوعات والمعاملات المالية باسم محمد عبد الحفيظ محمد أبو شقة، أمين عام جامعة حلوان، حصلت “زاوية ثالثة” على نسخة منها، عن حصوله على مبالغ إجمالية ضخمة خلال فترة تقل عن عام، تضمنت دفعات شهرية منتظمة ومكافآت استثنائية، وأظهرت البيانات الموثقة أن الإجمالي الكلي للمبالغ المحولة إلى أبو شقة، بلغ 915,505.65 جنيه مصري (تسعمائة وخمسة عشر ألفاً وخمسمائة وخمسة جنيهات و65 قرشاً)، خلال الفترة من يوليو 2024 وحتى أبريل 2025.

 

الكشوفات الرسمية لحركة المدفوعات والمعاملات المالية باسم محمد عبد الحفيظ محمد أبو شقة، أمين عام جامعة حلوان
الكشوفات الرسمية لحركة المدفوعات والمعاملات المالية باسم محمد عبد الحفيظ محمد أبو شقة، أمين عام جامعة حلوان
الكشوفات الرسمية لحركة المدفوعات والمعاملات المالية باسم محمد عبد الحفيظ محمد أبو شقة، أمين عام جامعة حلوان
الكشوفات الرسمية لحركة المدفوعات والمعاملات المالية باسم محمد عبد الحفيظ محمد أبو شقة، أمين عام جامعة حلوان

وتوضح الكشوفات، التي حلصت عليها “زاوية ثالثة”، نمطًا متنوعًا للمدفوعات، يقسم إلى ثلاثة أنواع رئيسية، هي: المدفوعات الشهرية الكبيرة؛ يلاحظ تكرار مدفوعات بقيم تقارب 39 ألف جنيه، منها: 39,233.10 جنيه، 39,232.82 جنيه، 39,312.00 جنيه، 39,308.88 جنيه، 39,307.88 جنيه، و39,237.60 جنيه، ما يشير إلى كونها أجورًا أساسية أو حوافز دورية كبيرة، إضافة إلى المكافآت الاستثنائية؛ إذ تضمنت الكشوفات دفعتين غير اعتياديين، إحداهما بقيمة 177,099.54 جنيه في 23 مارس 2025، وهي أكبر دفعة مفردة مسجلة، وأخرى بقيمة 33,553.00 جنيه في 27 أغسطس 2024.

كذلك سجلت الكشوفات دفعات شبه منتظمة تتراوح بين 10 آلاف و11 ألف جنيه (مثل: 10,782.40 جنيه، 10,766.96 جنيه، 10,688.00 جنيه)، بالإضافة إلى عشرات الدفعات الأقل قيمة، بين مئات الجنيهات وبضعة آلاف، مثل 1,786.75 جنيه، 8,935.80 جنيه، و372.75 جنيه، ما قد يشير إلى بدلات أو مكافآت مهام محددة.

وتثير هذه الكشوفات تساؤلات حول أسباب حصول أمين عام جامعة حلوان على هه المبالغ، بجانب راتبه الشهري المقررة قيمته بـ 50 ألف جنيه، خصوصًا الدفعة التي قاربت 177 ألف جنيه، ما يستدعي تدقيقًا في لائحة المكافآت والحوافز المطبقة على مسؤولي الجامعات الحكومية.

نوصي للقراءة: مكافحة الفساد في مصر: كيف تحوّلت الاستراتيجيات إلى حبرٍ على ورق؟

أزمة العاملين المؤقتين بجامعة حلوان

تأتي واقعة المنشورات واتهامات الفساد المالي التي يوجهها موظفين بجامعة حلوان إلى أمينها العام، بعد أشهر قليلة من تعرض أكثر من 280 موظفًا مؤقتًا في الجامعة لانتهاك قانوني وإداري ممنهج، تمثل في عقود جديدة تُجردهم من صفة الموظف العام، وتهددهم بالفصل دون حماية أو حقوق، رغم أحقيتهم القانونية في التثبيت بموجب قوانين ولوائح سارية.

وكانت زاوية ثالثة قد نشرت، في يونيو الماضي، نسخة من العقد الجديد الذي تطلب إدارة الجامعة من العاملين توقيعه، والذي ينص على أن الطرف الأول، وهو جامعة حلوان ممثلة برئيسها أو من ينوب عنه قانونًا، يبرم اتفاقًا مع الطرف الثاني، الموظف، للقيام بأعمال وظيفية، ويقر الطرفان بالموافقة على هذا التعاقد، ووفقًا للبند الثاني، يلتزم الطرف الثاني بتنفيذ كل الأعمال التي يُكلف بها من الطرف الأول، بما يتفق مع طبيعة العمل، مع تقديم تقارير دورية عن الإنجاز، ويحدد البند الثالث مدة التعاقد، مع تأكيد أنه لا يُجدد تلقائيًا، بل يتطلب موافقة صريحة من الطرف الأول.

أما البند الرابع، فينص على أن العامل يتقاضى “مكافأة تعاقدية شاملة” تشمل كل المستحقات، وتخضع هذه القيمة للضرائب المنصوص عليها في القانون المصري. ويُلزم البند الخامس الطرف الثاني بالالتزام بأداء العمل بدقة وأمانة، وتخصيص وقت الدوام لإنجاز المهام، مع حظر قبول أي هدايا أو عمولات، وتحميله المسؤولية عن أي أخطاء تنفيذية، ينص البند السادس من العقد الجديد على أنه لا يحق للطرف الثاني المطالبة بالتثبيت استنادًا إلى هذا التعاقد، إلا في حدود اللوائح والقوانين الصادرة عن الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة ووزارة المالية. كما يُلزم العامل بعدم مخالفة أي من الأحكام القانونية أو اللوائح أو النظم الداخلية المعمول بها داخل الوحدة الإدارية.

ويحدد البند السابع، العقوبات التأديبية في حال مخالفة العامل لمقتضيات الواجب الوظيفي أو الظهور بما يخل بكرامة الوظيفة، وتشمل: الإنذار، خصم من المكافأة الشاملة لمدة لا تتجاوز عشرة أيام في المرة الواحدة أو ثلاثين يومًا في السنة، وخصم 15 يومًا مع توجيه إنذار بإنهاء التعاقد، وقد يصل الأمر إلى فسخ العقد نهائيًا.

فيما يحدد البند الثامن الحالات التي يجوز فيها إنهاء التعاقد، وتشمل: طلب الموظف إنهاء التعاقد وموافقة الجهة المختصة، الانقطاع عن العمل خمسة أيام متتالية أو عشرة أيام متفرقة دون عذر مقبول، ارتكاب مخالفة تمس كرامة الوظيفة العامة، أو انتهاء الغرض من استمرار التعاقد. في هذه الحالات، تُخطر الجهة الموظف بقرار إنهاء التعاقد قبل شهر على الأقل. وينص أيضًا على أن إنهاء التعاقد لا يعفي الطرف الثاني من أي مسؤولية تأديبية أو قانونية.

 

صورة من العقد الجديد للعمالة المؤقتة بجامعة حلوان، حصلت عليها زاوية ثالثة
صورة من العقد الجديد للعمالة المؤقتة بجامعة حلوان، حصلت عليها زاوية ثالثة

 

وتنص المادة 73 من قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016، على تعيين العاملين المؤقتين والمتعاقدين الذين تم التعاقد معهم قبل 30/6/2016 في أدنى الدرجات على بند الأجور الثابتة، وذلك بعد مرور ثلاث سنوات على الأقل على نقلهم على بند (أجور موسميين) في الباب الأول (أجور)، مع استيفاء شروط شغل هذه الوظائف.

ويتضمن مستند الصادر عن إدارة شئون أمانة مجلس جامعة حلوان، في يوليو الماضي، – حصلت “زاوية ثالثة” على نسخة منه، عرضًا لقرار مجلس الجامعة في جلسته رقم (569) المنعقدة يوم الثلاثاء الموافق 28 يونيو 2025، والمتعلق بالمصادقة على محضر الجلسة التي عُقدت بتاريخ 17 يونيو 2025، والموافقة على ما ورد بها من قرارات مالية وإدارية، مع إدخال عدد من التعديلات المحددة.

وقد تناولت التعديلات الموضوع رقم (23) الخاص بمذكرة اللواء القائم بعمل أمين عام الجامعة بشأن النظر في الموافقة على ما يلي: تجديد العقود لمن سبق لهم التوقيع على العقود اعتبارًا من 1 يوليو 2025، وعددهم 55 عقد توظيف و63 عقود استعانة، على أن يتم التوقيع على العقود من جانب السيد أ.د. رئيس الجامعة بصفته طرفًا أول، أو من يفوضه بالتوقيع، وإخطار الكليات والإدارات والمراكز والوحدات بأسماء من تم تجديد عقودهم لتفعيل وإضافة أسمائهم بجهاز البصمة بدءًا من 1 يوليو 2025، وإحاطة مجلس الجامعة بالتعديلات الواردة في جدول الاستحقاقات المالية الخاصة بفئة المكافأة الشاملة للعقود المؤقتة، بعد إقرارها من مجلس النواب وإصدار القانون الخاص بتحديد نسبة العلاوة الدورية للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية ومنح علاوة خاصة لغير المخاطبين به.

وجاءت التعديلات المالية كما يلي: كادر طبي (8500 جنيه بدلًا من 8900 جنيه)، مؤهل عال (6000 جنيه، بدلًا من 7000 جنيه)، مؤهل فوق متوسط ومتوسط (4500 جنيه بدلًا من 6500 جنيه)، سائقون من كافة المؤهلات (4500 جنيه بدلًا من 6350 جنيه)، خدمات معاونة، مؤهل وبدون، (5200 جنيه، بدلًا من 6200 جنيه).

 ويشير المستند إلى أن هذه القيم لا تشمل البدلات الأخرى التي تُصرف من قبل الإدارات والكليات والمكاتب الرئيسية وفق طبيعة العمل، مثل: بدل الجهد وبدل الكاوتش وغيرها، طبقًا لموافقات سابقة، كما تم تعديل الفقرة الخاصة بمعدل الزيادة السنوية لتصبح: الزيادة السنوية التي تقرها وزارة المالية والمقررة لأقرانهم المعينين.

في 30 يونيو الماضي حرر 63 موظفًا من المؤقتين بجامعة حلوان، محضر إثبات حالة في قسم شرطة حلوان (رقم 5067 إداري)، إثر تعرض أحد زملائهم، ويدعى حامد أحمد، لصدمة عصبية أفقدته الوعي، نُقل على إثرها للمستشفى، نتيجة اكتشافه تعرضه للخداع من قبل إدارة الجامعة، التي دفعته للتوقيع على عقد عمل جديد يتحول بموجبه إلى عامل باليومية، دون حقوق وظيفية، بدلًا من كونه موظفًا بالجامعة يعمل بموجب عقد مؤقت يجدد تلقائيًا.

وعقب ذلك أصدرت إدارة شؤون أمانة مجلس جامعة حلوان، في 10 يوليو 2025، قرارًا يقضي بعدم الإضرار بالموقف الوظيفي أو المالي لأي من الموظفين المتعاقدين الذين لم يوقعوا بعد على العقود الجديدة المعتمدة من المجلس، مع التأكيد على استمرار صرف مرتباتهم ومستحقاتهم المالية بانتظام لحين استكمال إجراءات التوقيع، وقد وقّع على القرار كلٍ من مدير الإدارة محمد محمود الدسوقي وأمين عام الجامعة، اللواء محمد عبد الحفيظ أبو شقة.

 

صورة من قرار إدارة شؤون أمانة مجلس جامعة حلوان، بعدم الإضرار بالموقف الوظيفي أو المالي للموظفين المتعاقدين، حصلت عليها “زاوية ثالثة

ورغم صدور القرار، يؤكد أحمد حسين (اسم مستعار)، أحد الموظفين المؤقتين في جامعة حلوان، لـ”زاوية ثالثة”، أنّ إدارة الجامعة لا تزال تمارس ضغوطًا على العاملين لتوقيع عقودٍ مخالفةٍ للقانون، مشيرًا إلى وجود قرارٍ سابقٍ من مجلس الوزراء ينص على عدم تحرير عقودٍ جديدةٍ بعد صدور قانون الخدمة المدنية.

يقول: “قدمنا شكاوى لمجلس الوزراء تتعلق بالضغوط التي مورست علينا لتوقيع عقود مخالفة للقانون، ونحن نمتلك قرارًا سابقًا من مجلس الوزراء ينص على عدم تحرير أي عقود جديدة بعد صدور قانون الخدمة المدنية، ورغم ذلك، لا يزال أمين عام الجامعة، حتى اليوم يخبر العمال البسطاء بأنهم خسروا القضية ويدعوهم لتوقيع العقود، هذا على الرغم من أن مجلس الجامعة قد انعقد وأصدر قرارًا ينص على عدم المساس بحقوق المتعاقدين المادية والإدارية، وبالفعل، بقي الموظفون الذين لم يوقعوا على العقود في أماكنهم ويتقاضون رواتبهم كالمعتاد، لكنه لا يزال يحارب لتنفيذ رأيه حتى آخر لحظة”.

ويوضح الموظف بأن الموظفون المؤقتون قد استنفدوا الوسائلَ القانونيةَ وأنهم ينوونُ متابعةَ حيثياتِ الحكمِ لإعدادِ استئنافٍ مدعومٍ بالمستنداتِ، مضيفًا: “كنا قد هددنا بإحضار أسرنا والاعتصام أمام بوابة الجامعة، لكن تدخل ممثل عن مكتب النائب العام الذي حضر اجتماع مجلس الجامعة وفرض عليهم إدراج عبارة “عدم المساس بحقوق المتعاقدين”.

وكانت النائبة سميرة الجزار، عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، تقدمت في مارس الماضي، بطلب إحاطة موجه لكل من رئيس مجلس الوزراء، المهندس مصطفى مدبولي، ووزير العمل محمد جبران، بشأن أزمة العاملين المؤقتين بجامعة حلوان، الذين فوجئوا بإنهاء تعاقدهم بعد 13 عامًا من العمل دون مبرر قانوني، وإجبارهم على توقيع عقود جديدة تتضمن بنودًا مجحفة تهدر حقوقهم الوظيفية والمالية.

ويشار إلى أن مجلس الوزراء، كان قد وافق مؤخرًا على مشروعي قراري رئيس مجلس الوزراء بشأن تعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972، الأول ينص على أن تستبدل عبارة “جامعة العاصمة” بعبارة “جامعة حلوان” أينما وردت في قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 أو أي قانون آخر.

ختامًا يمكن القول إن المنشورات التي تناثرت فوق رؤوس العاملين داخل جامعة حلوان، لم تكن سوى صرخة احتجاج مكتومة خرجت إلى العلن، تكشف عن بيئة يغيب فيها مبدأ الشفافية، ويتراجع فيها صوت الموظف أمام نفوذ المناصب العليا، وتتقاطع شبهات الفساد المالي مع التجاوزات الإدارية، وبينما يُحاكم الموظفون البسطاء بقرارات جزاء ونقلٍ تعسفية، يظل كبار المسؤولين بمنأى عن المحاسبة، 

الأمر الذي يستدعي أن تتدخل الجهات الرقابية ووزارة التعليم العالي لإجراء تحقيق جاد وعلني، حول شبهات الفساد الإداري والمالي الذي يهدد هيبة المؤسسات التعليمية وثقة العاملين فيها.

كما تسلّط الكشوفات الرسمية الضوء على جانبٍ معتم من منظومة العمل الإداري داخل الجامعات الحكومية، ففي وقتٍ تعاني فيه مؤسسات التعليم العالي من عجزٍ في الموازنات وتأخر في مستحقات العاملين، تكشف هذه البيانات عن تدفقات مالية متكررة لمسؤول واحد تقترب من المليون جنيه خلال أقل من عام، ما يفتح الباب واسعًا أمام تساؤلات مشروعة حول آليات الرقابة والمساءلة في إدارة المال العام.

 

وتؤكد زاوية ثالثة أن حق الرد مكفول كاملًا لإدارة جامعة حلوان. 

آية ياسر
صحافية وكاتبة وروائية مصرية حاصلة على بكالوريوس الإعلام- جامعة القاهرة.

Search