close

وفاة لاعب بارالمبي تكشف الإهمال المؤسسي بحق ذوي الهمم في مصر

وفاة لاعب تنس الطاولة البارالمبي سمير السيد خلال بطولة في بورسعيد تكشف واقعًا صادمًا يعيشه الرياضيون من ذوي الهمم في مصر: صالات غير مجهزة، وإهمال طبي جسيم.
Picture of آية ياسر

آية ياسر

أثارت وفاة لاعب تنس الطاولة البارلمبي، سمير السيد الطنطاوي، مساء الأربعاء، الموافق 24 سبتمبر الماضي، خلال مشاركته في بطولة الجمهورية لتنس الطاولة بالصالة المغطاة بالمدينة الرياضية في بورسعيد، حالة من الغضب والاستياء الشديد لدى ذوي الهمم من الرياضيين، والذي حمّلوا مسؤولية وفاة اللاعب للإهمال وعدم ملائمة البنية التحتية والمرافق في المدينة لاحتياجات ذوي الإعاقات الحركية وأجهزتهم التعويضية.

اللاعب البالغ من العمر 51 عامًا، توفي عقب تعرضه لأزمة صحية مفاجئة داخل الصالة الرياضية، حيث شعر بآلام حادة في الصدر وضيق في التنفس عقب انتهاء المباراة، قبل أن يتم نقله بسيارة إسعاف إلى المستشفى ليلقى حتفه متأثرًا بحالة غيبوبة وضيق تنفس. فيما أثارت الواقعة جدلًا واسعًا حول ظروف البطولة، بعدما صرحت لاعبة المنتخب المصري فايزة محمود بأن الصالة عانت من انقطاع متكرر للتكييف خلال المنافسات، الأمر الذي انعكس على أداء وصحة اللاعبين وأسفر عن حالات إغماء عدة استدعت تدخلًا طبيًا متكررًا.

 وفي بيان رسمي، أعرب الاتحاد المصري لتنس الطاولة عن حزنه العميق لرحيل اللاعب، مؤكدًا أن ما حدث قضاء وقدر، ومشيرًا في الوقت نفسه إلى سرعة تعامل الطاقم الطبي مع الحالة، فيما أصدر نادي العزيمة بالإسماعيلية نعيًا رسميًا للفقيد قدم خلاله التعازي إلى أسرته وزملائه.

وتؤكد لاعبة تنس الطاولة البارالمبية نورهان محمود الحسيني، أن أجهزة التكييف داخل الصالة كانت تُشغَّل لفترات وجيزة ثم تُغلق، رغم وجود عدد كبير من اللاعبين الذين يبذلون مجهودًا بدنيًا شاقًا في ظل ارتفاع درجات الحرارة، ما تسبب في حالات اختناق وضيق تنفس، معتبرة أن ذلك تسبب في وفاة زميلها سمير السيد، مؤكدة في تصريحات مع زاوية ثالثة، أن هذا الوضع المتردي لم يسبق للاعبين أن واجهوه في بطولات أُقيمت من قبل في القاهرة أو الإسماعيلية، حيث كانت المرافق أكثر تجهيزًا والتهوية أفضل.

وتوضح اللاعبة أن زميلها المتوفى كان قد أجرى جميع الفحوصات الطبية المطلوبة وسلّمها لاتحاد تنس الطاولة قبيل البطولة، مستبعدة احتمالية معاناته من مشكلات صحية سبقت الوفاة، مشيرة إلى أن هذه الفحوصات تكلّف كل لاعب من ذوي الهمم أكثر من ألف جنيه، يتحملها على نفقته الخاصة، متهمة المدير التنفيذي لاتحاد تنس الطاولة، هشام أبو حشيش، بوصف اللاعبين ذوي الإعاقة بأنهم “مجانين ومنافقون يستغلون إعاقتهم”، مؤكدة أنه قال ذلك علنًا أمام نحو 200 لاعب بعد وفاة زميلهم مباشرة، في وقت كان يُنتظر منه الدفاع عنهم لا إهانتهم.

تقول لـ”زاوية ثالثة”: “الحمامات في مدينة بورسعيد الرياضية غير مناسبة لمستخدمي الكراسي المتحركة، إذ لا تتسع أبوابها لدخول معظم الكراسي، الأمر الذي دفع بعض اللاعبين من ذوي الهمم إلى استخدام بدائل محرجة مثل الحفاضات أو زجاجات المياه، لكن الاتحاد لم يتحرك لإجراء أي إصلاحات إلا بعد وفاة اللاعب، حيث تم استدعاء سباك لتوسيع الأبواب وإجراء تعديلات شكلية لتفادي المساءلة، وقد وثقنا ذلك بمقاطع فيديو”.

وتؤكد الحسيني أن أرضية الملعب بالصالة المغطاة بالمدينة الرياضية في بورسعيد، لم تكن ملائمة للاعبين من ذوي الإعاقات الحركية، إذ كانت زلقة وتعرقل حركة اللاعبين، فضلًا عن الإضاءة المباشرة القادمة من الأبواب المفتوحة، التي أثرت على تركيزهم، مشيرة إلى أن هذه الظروف جعلت بيئة اللعب غير آمنة وغير مناسبة لمنافسات حساسة مثل تنس الطاولة.

وتضيف اللاعبة: “على مستوى البطولات، نحتاج إلى توفير بيئة مناسبة لنا تشمل أرضيات آمنة، أجهزة تكييف فعّالة، حمامات مجهزة لذوي الإعاقة، أماكن مخصصة للصلاة، وقرب الصالات من أماكن تناول الطعام، هذه حقوق أساسية لا يجب تجاهلها، أما الأندية فمعظمها لا توفر للاعبي البارلمبي المعدات الأساسية مثل المضارب والكرات أو الطاولات الحديثة، ما يضطرهم إلى شراء احتياجاتهم على نفقتهم الخاصة رغم ارتفاع التكلفة، في ظل دعم ضعيف لهم من وزارة الشباب والرياضة، وتردي التجهيزات في الأندية البارالمبية.

وتشير الحسيني إلى صعوبة الأوضاع الاقتصادية للاعبين من ذوي الإعاقة، مشيرة إلى أن معاش “تكافل وكرامة” الذي يحصلون عليه ضئيل للغاية ولا يتجاوز الألف جنيه، في وقت لا تعد فيه فرص العمل المتاحة ضمن نسبة الـ5% المقررة لذوي الإعاقة، كافية لتغطية أعدادهم في مصر، وقد تكون الوظائف المتاحة غير مناسبة لطبيعة إعاقاتهم، لافتة إلى أن الأعطال المتكررة في الكراسي المتحركة تمثل عبئًا كبيرًا عليهم، إذ تصل تكلفة البطارية الواحدة إلى نحو 4 آلاف جنيه، ما قد يحرم اللاعب من التمرين لأشهر. مؤكدة أن اللاعبين رغم كل هذه التحديات، يتمسكون بحبهم للرياضة ويعتبرون المشاركة في البطولات فرصة للقاء زملائهم وتحقيق إنجازات رياضية، لكن ما جرى في بطولة بورسعيد الأخيرة كان صادمًا وكسر من عزيمتهم.

ظروف “غير آدمية” 

بدوره يشرح سامح عيد، لاعب منتخب مصر البارالمبي لتنس الطاولة والحاصل على ميدالية أولمبية، أن أبرز التحديات التي تواجه الرياضيين من ذوي الهمم في مصر تتعلق بغياب البنية التحتية المناسبة داخل الصالات والملاعب الرياضية، موضحًا أن كثيرًا من الصالات غير مجهزة لدخول الكراسي المتحركة، كما أن الحمامات غير مهيأة، وهو ما يضع اللاعبين في مواقف إنسانية صعبة، خاصة السيدات، وهذه المعاناة ظهرت بوضوح في بطولة الجمهورية التي أُقيمت مؤخرًا في المدينة الرياضية ببورسعيد، إذ اضطر بعض اللاعبين إلى تحمل ظروف غير آدمية لغياب التجهيزات الأساسية.

وتعليقًا على واقعة وفاة اللاعب البارالمبي سمير السيد، يؤكد سامح لـ”زاوية ثالثة” أن الصالة لم تكن مكيفة رغم وجود أكثر من 220 لاعبًا ولاعبة بداخلها، ما تسبب في حالات اختناق وإغماء، في وقت كانت فيه سيارة الإسعاف الموجودة غير مجهزة بأي أدوات إسعاف أولية.

 يقول: “المدير التنفيذي لاتحاد تنس الطاولة تهكم على لاعبي تنس الطاولة البارالمبيين ووجّه لنا عبارات مسيئة، وقد تقدمنا بمحاضر رسمية ضد الاتحاد بسبب الإهمال والتنمر، ونطالب بالانفصال عن الاتحاد المصري لتنس الطاولة والعودة إلى مظلة اللجنة البارالمبية، وهو مطلب يدعمه أكثر من 12 ناديًا بارالمبيًا”، مطالبًا وزير الشباب والرياضة بفتح تحقيق عاجل في الواقعة، ومحاسبة المسؤولين عن الإهمال، إلى جانب ضرورة دعم أسرة اللاعب، الذي فقد حياته خلال البطولة وترك أبناءً في مراحل تعليمية مختلفة.

ويعرف القانون رقم 71 لسنة 2017، اللجنة البارالمبية المصرية، بأنها “هيئة رياضية ذات شخصية اعتبارية خاصة، وتضم اتحادات الألعاب الرياضية البارالمبية بالإضافة إلى اتحادات الألعاب الرياضية الأولمبية المدرجة في البرنامج البارالمبي، والمسؤولة عن تنظيم وتطوير الأنشطة الرياضية لذوي الاحتياجات الخاصة في مصر.”

ويكشف عيد عن صعوبة توفير الأدوات الرياضية الخاصة باللاعبين من ذوي الهمم، وخاصة الكراسي المتحركة، غير متوفرة، لافتًا إلى أنه يستخدم الكرسي نفسه منذ مشاركته في دورة لندن الأولمبية عام 2012 وحتى اليوم، بسبب عدم توفير بدائل من اتحاد تنس الطاولة، مؤكدًا أن قطع الغيار والبطاريات الخاصة بالكراسي إما غير موجودة أو باهظة الثمن، وهو ما يعوق مشاركة كثير من اللاعبين في التدريبات والبطولات، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها.

ويشير اللاعب إلى أن نظام المكافآت في وزارة الشباب والرياضة يعتمد على اللوائح الرسمية، حيث يحصل اللاعبون على مكافآت عند تحقيق إنجازات في البطولات الكبرى، بينما يعاني غير المنضمين للمنتخبات من غياب أي دعم مادي، فضلًا عن ضعف إمكانيات الأندية البارالمبية، موضحًا أن المقارنة بين الرياضيين من ذوي الهمم والأسوياء لم تعد عادلة بعد أولمبياد طوكيو 2020، حيث ظهرت فجوات واضحة في الدعم والتمويل.

ويؤكد عيد أن المنتخب البارالمبي لتنس الطاولة يفتقر إلى الرعاية الطبية الأساسية، إذ لا يوجد طبيب ملاعب أو أخصائي تغذية أو تدليك يساعد اللاعبين على الاستشفاء، وهو ما يزيد من معاناتهم مع الإصابات، مشيرًا إلى ما وصفه بـ”التهميش” الذي يتعرض له لاعبو البارالمبياد، حيث يتم تنظيم بطولاتهم في صالات أقل تجهيزًا، رغم أن بطولات الأسوياء تحظى بتمويل أكبر بكثير، إلى جانب غياب الرعاة للاعبين البارالمبيين مقابل وجود رعاة للأسوياء.

وفي السياق ذاته تشكو لاعبة تنس الطاولة، البارالمبية فايزة محمود، مما وصفته بالإهمال الجسيم وإهدار الكرامة الذي يتعرض له اللاعبين من ذوي الهمم داخل الاتحاد المصري لتنس الطاولة، مشيرة إلى أن البطولة الأخيرة التي أُقيمت بالمدينة الرياضية في بورسعيد، شهدت نفس المعاناة من عدم ملائمة المرافق والبنية التحتية لذوي الهمم، على مدار ثلاث بطولات أقيمت خلال فترة لا تزيد عن أربعة أشهر، دون أي محاولة لحل المشكلة.

تقول لـ”زاوية ثالثة”: “الحمامات في المدينة الرياضية لم تكن مجهزة لذوي الإعاقة الحركية، ولا تسمح بدخول الكراسي المتحركة، وأجهزة التكييف كانت تعمل لنصف ساعة فقط ثم يتم إطفاءها، مما تسبب في حالات اختناق بين اللاعبين، وحتى سيارة الإسعاف المتواجدة في المكان رفضت نقل الحالات الطارئة إلى المستشفى بحجة تمركزها في موقعها، كما أن المسعف لم يكن يملك حتى مسكنًا للصداع”.

وتضيف: “مدير البطولة لم يكن متواجدًا خلال الفعاليات، ووجه المدير التنفيذي لاتحاد تنس الطاولة  إهانات مباشرة للاعبين من ذوي الإعاقة، واتهمنا بأننا أصحاب أغراض شخصية ومرضى نفسيين، ولكن بعد وفاة زميلنا سمير السيد، تم تشغيل أجهزة التكييف وإصلاح الحمامات، إلا أن محاولات بعض الحضور لتوثيق ذلك بالتصوير قوبلت بمشادات معهم، مؤكدة أنهم حرروا محاضر رسمية بهذه التجاوزات.

ورغم التحديات والمعوقات التي يواجهها الرياضيون من ذوي الهمم فإن مصر تحتل المرتبة الأولى بين الدول العربية من حيث عدد الميداليات في الألعاب البارالمبية، ويبلغ رصيد البلاد من الميداليات البارالمبية حتى نهاية أولمبياد باريس 2024 هو 190 ميدالية. يتكون هذا المجموع من 51 ميدالية ذهبية، و 71 فضية، و 68 برونزية.

 

قانون الأندية الجديد: تحديث تشريعي أم تدخل حكومي يهدد استقلال الرياضة؟

هل تطبق المنشأت الرياضية معايير خاصة لذوي الهمم؟

تطبق وزارة الشباب والرياضة، “كود الإتاحة” في جميع منشآتها الرياضية والشبابية الجديدة، سواء في عمليات الإنشاء الجديدة أو التطوير، منذ نهاية 2019 وبداية 2020، بتوجيهات من الوزير الدكتور أشرف صبحي، ويشمل الكود الملاعب والصالات الرياضية وحمامات السباحة ودورات المياه وكافة المرافق، بحسب محمد الشاذلي، المتحدث باسم الوزارة. 

“كود الإتاحة” يُقصد به ع المعايير الهندسية التي تُطبَّق في تصميم المنشآت الرياضية (ممرات، منحدرات، مرايا، دورات مياه ملائمة، مصاعد أو سلالم مخصصة، إلخ) لتسهيل حركة الأشخاص ذوي الهمم، كذلك تضمن قانون حقوق الأشخاص ذوي الهمم رقم 10 لسنة 2018 موادًا تتعلق بالإتاحة والتسهيلات في المرافق العامة. 

 ويُعرف الكود المصري الخاص بتصميم الفراغات الخارجية والمباني لهذه الفئة باسم “كود 601″، ويهدف إلى توفير بيئة شاملة وآمنة لهم. يضع هذا الكود معايير لتصميم المباني مثل توفير المداخل والممرات والمصاعد والمنحدرات التي تناسب احتياجات ذوي الإعاقة الحركية والحسية والعقلية. ويشمل أيضًا تحديد أماكن انتظار السيارات اللازمة لذوي الإعاقة، وعرض الأبواب، وتجهيز دورات المياه، واستخدام مواد آمنة وغير قابلة للانزلاق للأرضيات، وبدأ تطبيق الكود مؤخراً في العديد من مشروعات وزارة النقل المصرية مثل مترو الأنفاق والقطارات والقطار الكهربائي السريع لضمان تسهيل حركة ذوي الهمم.

ويقول الشاذلي في تصريح إلى زاوية ثالثة: “الوزارة تشرف على نحو 5000 مركز شباب و1200 نادٍ، بإجمالي 6300 منشأة، جميعها تخضع للتطوير وفق كود الإتاحة، كما أن المنشآت الجديدة لا يتم تسليمها إلا بعد الالتزام الكامل بالكود، فيما تُطبق التعليمات ذاتها على المنشآت التي تدخل مراحل التطوير أو إعادة الصيانة، بحيث تتوافق تدريجيًا مع متطلبات ذوي الهمم، وهناك أكثر من 3000 مركز شباب ونحو 80% من الأندية أصبحت مطابقة بالفعل، على أن يُستكمل العمل في بقية المنشآت تباعًا”.

ويؤكد المتحدث باسم الشباب والرياضة، أن الصالات المغطاة والاستادات الرئيسية مطابقة لكود الإتاحة، باعتبارها تستضيف بطولات رسمية قارية وعالمية، ولا يمكن اعتمادها دوليًا دون ذلك، وضرب مثالًا باستاد القاهرة الذي استضاف بطولات بارالمبية عالمية، ما يستلزم توافر كامل معايير الإتاحة.

وفيما يخص البطولة البارالمبية لتنس الطاولة التي أُقيمت مؤخرًا في بورسعيد وشهدت وفاة اللاعب سمير السيد، يوضح الشاذلي أن المباريات أقيمت في منشآت قديمة لحين افتتاح استاد بورسعيد الرياضي الجديد، الذي اكتمل إنجازه بنسبة 90%، وسيكون مجهزًا بالكامل بكود الإتاحة، مشيرًا إلى أن الوزير أصدر قرارًا بتشكيل لجنة للتأكد من تطبيق الأكواد الطبية خلال البطولة، موضحًا أن الفحص أثبت توافر جميع الاشتراطات الطبية.

ويتابع: “الوزارة أصدرت لائحة طبية صارمة تنص على إلغاء أي منافسة رياضية فورًا في حال عدم توافر سيارة إسعاف مجهزة بأطباء ومسعفين، مع إحالة الجهة المخالفة إلى النيابة العامة، هذه الإجراءات أسهمت في خفض معدلات الوفيات المفاجئة في الملاعب، حيث لم تسجل مصر سوى ثلاث إلى خمس حالات على مدار السنوات الست أو السبع الماضية، وهو متوسط عالمي منخفض للغاية، مقارنة بدول أوروبية تسجل أعدادًا أكبر بكثير”.

ويعتبر الشاذلي أن مصر واحدة من أكثر دول العالم التزامًا بتطبيق الأكواد الطبية والإجرائية الخاصة بسلامة اللاعبين، لافتًا إلى أن بعض الحالات الطارئة تظل خارجة عن الإرادة مثل الهبوط المفاجئ، لكن المحك الأساسي هو مدى الالتزام بالإجراءات والمعايير.

صافرة إنذار: منظومة الطوارئ الطبية الرياضية في مصر تفشل في إنقاذ الأرواح

 

من يختص بالتطبيق؟

من جهته يوضح خليل محمد خليل، رئيس الإدارة المركزية لشئون الأشخاص ذوي الإعاقة بوزارة التضامن الاجتماعي، أن قضية تطبيق كود الإتاحة، تقع على عاتق الوزارات والهيئات المعنية، بالتنسيق مع وزارة التنمية المحلية ووزارة التخطيط، مُبينًا أن الحديث عن تهيئة الأندية أو المنشآت الرياضية، على سبيل المثال، يختص به مسؤولو تلك الأندية أو وزارة الشباب والرياضة، مشيرًا إلى أن “كل وزارة مسؤولة عن إتاحة مبانيها ومنشآتها لاستخدام الأشخاص ذوي الإعاقة، وفقًا لما ينص عليه القانون”.

يقول لـ”زاوية ثالثة”: “الكود رقم 601 هو المرجعية الخاصة بتهيئة الأبنية والفراغات لتكون ملائمة لاحتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، تطبيقه في المنشآت الجديدة أمر ممكن وواجب، بينما تظل المباني القديمة تحديًا يستلزم حلولًا تدريجية”.

وفيما يتعلق بالأجهزة التعويضية والمعينات الحركية، يؤكد رئيس الإدارة المركزية أن المسؤولية موزعة بين عدة جهات، من بينها وزارة الصحة، وهيئة الرعاية الصحية، والتأمين الصحي، إلى جانب وزارة التضامن الاجتماعي التي توفرها، من خلال الجمعيات الأهلية، بعض الأجهزة والمعينات الحركية للأشخاص ذوي الإعاقة.

ويُقدر عدد الأشخاص ذوي الهمم في مصر بنحو 10 ملايين شخص، منهم 1.2 مليون حصلوا على بطاقة الخدمات المتكاملة، وفقًا لوزارة التضامن الاجتماعي، وسبق أن أظهر مسح أجراه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن نسبة الأفراد ذوي الإعاقة من بعض الصعوبة إلى المطلقة بلغت 11.0% في عام 2022، وتبلغ نسبة الإناث 11.4% مقارنة بـ 10.6% للذكور في عام 2022، بينما ترتفع نسبة الأفراد ذوي الهمم في الحضر (12.1%) مقارنة بالريف (10.1%) في عام 2022.

بدورها تؤكد الدكتورة منال حنفي، رئيسة الإدارة المركزية للتنمية والاستثمار بوزارة التضامن الاجتماعي، إن الالتزام بالكود الخاص بمباني ذوي الهمم يعد أمرًا أساسيًا يجب تطبيقه في جميع المنشآت، سواء كانت ملاعب أو قاعات أو حمامات أو غيرها من المباني. 

وتوضح لـ”زاوية ثالثة” أن الكود ينص على وجود مداخل ومخارج خاصة لذوي الإعاقة، ومواصفات محددة للحمامات، بما يضمن سهولة دخول مستخدمي الكراسي المتحركة، وتجهيزها بكافة المستلزمات التي تتيح لهم ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.

تقول: “نسبة الأشخاص من ذوي الإعاقة على مستوى العالم تبلغ 15%، وهو ما يستوجب مراعاة احتياجاتهم عند إنشاء أي مبنى جديد، وتهيئة وسائل المواصلات، لذا شهدت بعض الخطوط في مترو الأنفاق والقطارات، تعديلات بالفعل لتصبح أكثر ملاءمة لذوي الإعاقة، في حين يجب أن تُجهز بعض خطوط الحافلات الصغيرة والميكروباصات بسلالم متحركة تساعدهم على الصعود والنزول بسهولة”.

وتشدد رئيسة الإدارة أن هذه التسهيلات ليست منحة وإنما حق أصيل لذوي الهمم، لافتة إلى أن الدولة تعمل وفق خطة شاملة لمواجهة التحديات المرتبطة بالأجهزة التعويضية لذوي الإعاقات الحركية وتذليلها، معربة عن أملها في أن يكون المستقبل أفضل وأكثر عدالة لهذه الفئة.

ختامًا يمكن القول إن وفاة اللاعب البارالمبي سمير السيد في بطولة بورسعيد الأخيرة فتح ملف الإهمال المزمن الذي يواجهه الرياضيون من ذوي الهمم في مصر، سواء على مستوى البنية التحتية أو التجهيزات الطبية والفنية أو الدعم المؤسسي.

 وبينما يواصل هؤلاء اللاعبون تحقيق إنجازات لافتة رفعت اسم مصر في المحافل الدولية، يظل غياب بيئة رياضية آمنة ولائقة عقبة كبرى أمام استمراريتهم.

 وبين شهادات اللاعبين ومطالباتهم بالتحقيق والمحاسبة، وتصريحات المسؤولين التي تؤكد الالتزام بـ”كود الإتاحة” والمعايير الطبية، يبقى التحدي الأكبر في تحويل التشريعات واللوائح إلى واقع ملموس يضمن حقوق هذه الفئة ويحمي حياتها وكرامتها داخل الملاعب وخارجها.

آية ياسر
صحافية وكاتبة وروائية مصرية حاصلة على بكالوريوس الإعلام- جامعة القاهرة.

Search