في العدد الحادي عشر من سطور محذوفة، نرصد تقاطعات متوترة بين السياسات العامة والحقوق الأساسية في مصر. من داخل السجون إلى مستشفيات الصحة النفسية، ومن البرلمان إلى الشارع، تتكثف الوقائع: دعوى قضائية لوقف رفع تكاليف العلاج، تحركات برلمانية بشأن أزمة الدواء، وحملات حقوقية لحماية العاملات والزراعيين والمهددين بالتهجير. نتابع أيضًا تداعيات قانون الإجراءات الجنائية، وانتهاكات سجون بدر، واحتجاز نشطاء “أسطول الصمود”، وسط مطالبات بالإفراج والعلاج والتعليم. وفي الخلفية، أزمة اللحوم، وتحديات البيئة، واختفاءات قسرية لا تجد جوابًا.
المبادرة المصرية: سجن بدر يجمّل القمع
قال تقرير حقوقي جديد صادر عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إن مجمع سجون بدر، الذي افتتحته السلطات المصرية منتصف عام 2022، لا يعكس تحولًا حقيقيًا في أوضاع الاحتجاز، بل يستمر فيه نمط من الانتهاكات المرتبطة بالعزل ومنع التواصل وغياب الرقابة المستقلة، رغم تقديمه في الإعلام الرسمي كسجن نموذجي يعتمد على التقنيات الحديثة.
التقرير، الصادر في سبتمبر 2025 تحت عنوان «الدعاية والواقع: سجن بدر في ضوء القانون والمعايير الحقوقية»، هو محاولة لتوثيق ما يجري خلف جدران المجمع، استنادًا إلى شهادات سجناء وأسرهم ومحامين، ويغطي الفترة من منتصف 2022 حتى منتصف 2025.
وفقًا للمبادرة، يعتمد مجمع بدر، الذي يضم ثلاث منشآت رئيسية، على بنية أمنية شديدة الانغلاق، تشمل المراقبة بالكاميرات داخل الزنازين والممرات، إضاءة صناعية مستمرة، ومنع شبه تام للتعرض للضوء الطبيعي أو الهواء الطلق. كما يُمنع إدخال الكتب والصحف، ويخضع المحتجزون لرقابة دائمة، في ظل غياب التفاعل المباشر مع موظفي السجن.
تشير المبادرة إلى أن عددًا من المحتجزين نُقلوا إلى بدر من سجون العقرب وطره منذ أكثر من عامين، ولم يُسمح لهم حتى لحظة كتابة التقرير بلقاء ذويهم أو محاميهم، رغم أنهم في حالات حبس احتياطي لا يخضعون لأحكام تمنع الزيارة.
رصد التقرير عدة حالات إضراب عن الطعام داخل بدر 2 و3، احتجاجًا على ظروف الاحتجاز، ومنها منع التريض والرعاية الصحية، والحرمان من الاتصال بالعالم الخارجي. وتشير الإفادات التي نقلها التقرير إلى أن إدارة السجن لم تستجب لتلك الإضرابات، ولم تُمكّن المحتجزين من تقديم شكاوى رسمية أو مقابلة محامين، ما زاد من شعور العزلة وانعدام الأمان.
وثّق التقرير عددًا من الحالات التي توفي فيها محتجزون داخل المجمع دون إعلان فتح تحقيقات بشأنها.
من أبرز هذه الحالات: أنس السيد محمد، طالب جامعي توفي داخل بدر 3 في مايو 2023، بعد تدهور صحته وعدم الاستجابة لطلبات أسرته المتكررة بنقله إلى المستشفى. وعماد حسن، الذي ظل محبوسًا انفراديًا لأشهر داخل المجمع، رغم إصابته بمرض عضال، ولم يتلقَّ الرعاية الطبية اللازمة. حالات أخرى لم تُذكر أسماؤها، مرتبطة بالإضرابات عن الطعام، أو التدهور الجسدي نتيجة الإهمال.
تقول المبادرة إن النيابة العامة لم تفتح تحقيقات مستقلة في هذه الحالات حتى لحظة صدور التقرير، كما لم يُسمح لأي جهة حقوقية مستقلة أو وسيلة إعلامية بزيارة المجمع أو التحقق من أوضاعه بشكل مباشر.
يشير التقرير إلى أن النيابة العامة لم تُجرِ أي زيارات مفاجئة إلى بدر منذ افتتاحه، بينما اقتصر دخول المجلس القومي لحقوق الإنسان على زيارة واحدة عام 2022، جرت بتنسيق مسبق مع وزارة الداخلية، دون نشر نتائج تفصيلية أو توصيات علنية.
كما لاحظت المبادرة أن وزارة الداخلية لم ترد على عشرات البلاغات التي تقدم بها أهالي المحتجزين، والمتعلقة بمنع الزيارات والرعاية الطبية واحتجاز السجناء في ظروف غير إنسانية.
خلص التقرير إلى أن الشكل المعماري الحديث والتجهيزات التقنية داخل سجن بدر لا تُعبر عن تحسّن فعلي في المعاملة أو احترام الحقوق الأساسية، بل تُستخدم كواجهة لإخفاء الانتهاكات داخل بيئة أكثر انغلاقًا وصعوبة في الرصد.
ودعت المبادرة إلى فتح تحقيقات قضائية مستقلة في حالات الوفاة والانتهاكات الموثقة داخل المجمع؛ كما دعت إلى تعديل لائحة تنظيم السجون لضمان الحق في الزيارة والرعاية والتظلم، والسماح لمنظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام المستقلة بزيارة مجمع بدر وغيره من السجون؛ بالإضافة إلى إنهاء استخدام المنشآت العقابية كأدوات سياسية لتسويق صورة مغايرة للواقع.
الجبهة المصرية: السلطة التنفيذية تسيطر على تشريعات البرلمان
قالت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان في تقرير جديد، إن مجلس النواب المنقضية دورته (2020–2025) كرّس هيمنة السلطة التنفيذية على العملية التشريعية في البلاد، وأهدر إلى حد بعيد الدور الرقابي المفترض له، بينما غابت لجنة حقوق الإنسان عن القيام باختصاصاتها الجوهرية، وانشغلت بقضايا ثانوية لا تمس صميم ملف الحريات.
وأوضحت الجبهة أن البرلمان أقر خلال دورته 879 قانونًا، لم يُقدم النواب سوى 16 منها، مقابل 13 قانونًا فقط اشتركت فيها الحكومة مع نواب غالبًا ما ينتمون إلى حزب “مستقبل وطن” المدعوم من أجهزة الدولة، بينما جاءت أغلب القوانين الأخرى من الحكومة منفردة. ورغم أن الدستور يقر بحق النواب في التقدم بمشروعات قوانين، إلا أن اللائحة الداخلية لمجلس النواب تعطي أولوية لمشروعات القوانين الحكومية، وهو ما أدى إلى تهميش كامل للمبادرات البرلمانية المستقلة، بحسب التقرير.
وأضافت الجبهة أن أغلب التشريعات التي أُقرت كانت ذات طابع سلطوي، وتضمّنت انتهاكات مباشرة للحقوق الأساسية، من أبرزها قانون الإجراءات الجنائية الجديد الذي أقره البرلمان في أبريل 2025، وقانون مكافحة الإرهاب المعدل، وقانون حماية المنشآت العامة الذي أزال صفة الاستثناء عن مشاركة الجيش في الأمن الداخلي، ومكّن القضاء العسكري من محاكمة المدنيين، فضلًا عن قوانين فصل الموظفين بناءً على “قرائن” أمنية، وقانون الأوبئة الذي يجرّم نشر المعلومات في الظروف الصحية الطارئة.
وبحسب التقرير، فإن لجنة حقوق الإنسان، التي يرأسها النائب طارق رضوان من حزب مستقبل وطن، لم تبادر بتقديم أي مقترحات تشريعية تعزز الحريات أو تصحح هذه القوانين، ولم تُظهر اعتراضًا يذكر على مضامينها، بل شاركت في دعم بعضها مثل قانون اللجوء، رغم مخالفته الصريحة للمواثيق الدولية، وقانون الإجراءات الجنائية الذي “شرعن” الاستثناءات الأمنية تحت غطاء القانون العادي.
كما انتقدت الجبهة الأداء الرقابي للجنة، معتبرة أن أدوات الرقابة البرلمانية إما لم تُستخدم أو استُخدمت لأغراض خدمية ومحلية بحتة لا صلة لها بالمساءلة، مشيرة إلى أن اللجنة نظّمت زيارة واحدة فقط لأحد السجون خلال خمس سنوات، وكانت منسقة مسبقًا مع وزارة الداخلية، مما يثير الشكوك حول جديتها، بحسب التقرير.
وشددت الجبهة على أن اللجنة انخرطت في أنشطة إعلامية وتوعوية عامة بدلًا من الاضطلاع بدورها التشريعي والرقابي، وانشغلت بعقد لقاءات مع هيئات حكومية وإعلامية للرد على ما أسمته “ادعاءات خارجية”، دون أن تصدر وثائق أو مواقف واضحة بشأن الملفات الحقوقية الجوهرية مثل التعذيب، التدوير، الإخفاء القسري، وقمع حرية التعبير.
واختتمت الجبهة تقريرها بالتأكيد على أن لجنة حقوق الإنسان لم تتفاعل مع أكثر من 343 توصية تلقتها مصر في الاستعراض الدوري الشامل الأخير بمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، داعية إلى مراجعة شاملة للتشريعات القائمة، وتفعيل الرقابة الحقيقية، ومأسسة مشاركة اللجنة في صياغة القوانين المرتبطة بالحريات، وتحويل توصيات المجتمع الدولي إلى خطط رقابية وتشريعية معلنة.
تحركات برلمانية لمواجهة أزمة الدواء في مصر
شهد مجلس النواب تحركات جديدة بشأن أزمة الدواء، تمثلت في تقديم أسئلة لرئيس الوزراء ووزير الصحة حول ارتفاع الأسعار ونقص بعض الأصناف، بالإضافة إلى الدعوة لتشديد الرقابة على صرف أدوية الأطفال دون وصفة طبية.
قدمت النائبة سميرة الجزار سؤالًا حول استمرار ارتفاع أسعار الأدوية رغم استقرار الدولار، مشيرة إلى استمرار الأزمة نحو ثلاث سنوات وتأثر أصحاب الأمراض المزمنة بنقص الأدوية وارتفاع أسعارها. وأوضحت أن نحو 100 شركة دواء تطالب بزيادة أسعار 500 صنف بنسبة تتراوح بين 10% و30%، محذرة من تأثير ذلك على توافر الأدوية في فصل الشتاء. كما انتقدت بطء إجراءات تسجيل وتحليل الأصناف الجديدة، وغياب دور نقابة الصيادلة في الرقابة على السوق.
وفي سياق متصل، أيد النائب خالد طنطاوي تحذيرات هيئة الدواء بشأن صرف أدوية السعال والبرد للأطفال دون وصفة، مؤكدًا مخاطرها وآثارها الجانبية، ومطالبًا بتفعيل الحظر على المضادات الحيوية إلا بوصفة مكتوبة، وتعزيز آليات الرقابة والتوعية لتصحيح المفاهيم الخاطئة لدى أولياء الأمور.
دعوى قضائية لوقف رفع تكاليف العلاج بمستشفيات الصحة النفسية
أقام المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية دعوى أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للطعن على قرار وزير الصحة رقم 220 لسنة 2025، القاضي برفع تكاليف الرعاية والعلاج والإقامة بمستشفيات الصحة النفسية، نيابةً عن متضررين من المرضى النفسيين وأوصيائهم، إلى جانب مختصين في الطب النفسي.
وطالب المركز بوقف تنفيذ القرار وإلغاء الأسعار الجديدة، والعودة للعمل بالأسعار السابقة، مشددًا على أن القرار يفرض أعباء مالية باهظة تتجاوز قدرة المرضى وذويهم، كما يتعارض مع الدستور والالتزامات الدولية لمصر في مجال حقوق الإنسان، ويهدد حق المرضى في الحصول على علاج نفسي لائق وإنساني.

القبض على نشطاء من أسطول الصمود المصري
77% من المصريين يواجهون الكوارث بلا إنذار
أظهر تحقيق أجرته زاوية ثالثة وجود ثغرات كبيرة في منظومة الإنذار المبكر للكوارث الطبيعية في مصر، حيث يظل ملايين المواطنين في القرى النائية والمناطق العشوائية بلا أي تحذير، رغم وجود أنظمة رصد الزلازل والأمراض والسيول والموجات الحارة في بعض المحافظات. ويعتمد المواطنون غالبًا على وسائل الإعلام أو منصات التواصل أو المكالمات الشخصية لتلقي أي إنذار، ما يفضح فجوة واسعة في العدالة المناخية بين المناطق الحضرية والريفية.
وأكدت شهادات المزارعين وصغار الفلاحين، مثل خلف عزيز وعصام عودة، أن غياب التحذيرات المبكرة يؤدي إلى خسائر فادحة في المحاصيل والأراضي الزراعية، فيما تظل المبادرات الرسمية محدودة أو مقتصرة على نشرات الأرصاد الموسمية دون توفير تعليمات واضحة للوقاية أو التعامل مع الكوارث. ورغم التطوير الجزئي لأنظمة الإنذار الزراعي والزلازل والسيول، ما زالت هناك تحديات كبيرة تتعلق بالتمويل، ونقص الكوادر، وضعف الربط بين المحطات والمواطنين.
وتوضح نتائج التحقيق أن الجهوزية تختلف من محافظة لأخرى، حيث تعتمد بعض الجهات الحكومية على مراكز الأرصاد والمرشدين الزراعيين وغرف العمليات المحلية لتنسيق الاستجابة، بينما يبقى المواطن العادي خارج دائرة الإنذار المباشر. ويخلص التحقيق إلى أن تعزيز العدالة المناخية يتطلب إنشاء نظام مركزي شامل يصل إلى جميع المواطنين، مع تأهيل الكوادر المحلية، وتحسين البنية التقنية، وزيادة وعي المجتمع بكيفية التعامل مع الكوارث قبل وقوعها.
عندما تضرب كارثة… من يُنذر الفقراء؟ 77% من المصريين يواجهون الكوارث بلا إنذار
جدل حول طرح عيادات مستشفيات حكومية للإيجار
أعلنت وزارة الصحة والسكان عن طرح عيادات خارجية بثلاثة مستشفيات حكومية هي مبرة مصر القديمة، مبرة المعادي، ومستشفى هليوبوليس، للإيجار أمام الأطباء من خلال مناقصة رسمية. وأوضحت أن الهدف إتاحة الفرصة لشباب الأطباء لاستئجار عيادات مرخصة لممارسة نشاطهم الطبي بشكل قانوني خلال الفترة المسائية، مع إلزامهم بإجراء التحاليل والفحوصات والعمليات داخل المستشفى لضمان تقديم خدمة متكاملة، مشيرة إلى أن التخصصات المتاحة تشمل الباطنة والجراحة والعظام والأطفال.
ينتقد محمود فؤاد، رئيس جمعية الحق في الدواء، القرار، معتبرًا أنه يأتي في إطار توجه الحكومة للتخفيف من أعباء الإنفاق على الصحة العامة، مشيرًا إلى أن الخطوة جاءت بعد زيادات متتالية في أسعار تذاكر الكشف، وتقليص صرف الأدوية للمرضى، وارتفاع تكلفة التأمين الصحي والدواء.
وفي حديثه مع “زاوية ثالثة”، يشير فؤاد إلى أن هناك توجهًا حكوميًا متسارعًا نحو تقليص فكرة العلاج المجاني التي كرستها الدساتير المصرية المتعاقبة، وآخرها الدستور الحالي في مادته 18، وهو توجه يتجلى في عدة إجراءات تشمل رفع أسعار تذاكر دخول المستشفيات، صرف صنف واحد فقط من الأدوية، زيادة أسعار خدمات وأدوية التأمين الصحي، ورفع تكاليف العلاج على نفقة الدولة. موضحًا أن المخصصات المالية الموجهة للعلاج على نفقة الدولة غير كافية أساسًا، ومع ذلك يواجه المرضى صعوبات متكررة، مثل مطالبتهم بدفع مبالغ إضافية أو تجديد قرارات العلاج أكثر من مرة. وأضاف أن وزير الصحة أصدر قانون “منح الالتزام” الذي يتيح للمستثمرين الأجانب إدارة وتشغيل المستشفيات المصرية، وهو أمر يحدث لأول مرة في تاريخ البلاد، حيث طُرحت 40 مستشفى أمام المستثمرين، من بينها مستشفى العجوزة التاريخي ومستشفى شرق المدينة في الإسكندرية، رغم تحقيقهما أرباحًا وأدائهما دورًا مهمًا في الخدمة الصحية.
ويتساءل فؤاد عن مبررات بيع أو تأجير المستشفيات الرابحة، مشيرًا إلى أن وحدة النخاع في مستشفى زايد التخصصي، التي تُعد من الأفضل في الشرق الأوسط وتحقق أرباحًا كبيرة، طُرحت أيضًا للتصرف الاستثماري، مع خطة الوزارة لتأجير العيادات الخارجية في بعض المستشفيات خلال الفترة المسائية للأطباء، مؤكدًا أن ذلك سيُحمّل المرضى تكاليف إضافية ويستنزف معدات المستشفيات العامة على حساب المواطنين.
مصر تواجه تحدي الأمن الغذائي
ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي في يوليو الماضي بفيديو لسيدة مسنّة تقبّل يد محافظ الجيزة راجية توفير قليل من اللحمة، مشهد أثار موجة غضب واسعة بين المواطنين، ورغم اهتمام المسؤولين، أبرزت الواقعة هشاشة القدرة الشرائية لملايين المصريين أمام ارتفاع أسعار السلع الأساسية.
في ضوء تقرير تناول أزمة ارتفاع أسعار اللحوم أجرت زاوية ثالثة استبيانًا شمل 100 مشارك من مختلف المحافظات، معظمهم من الفئة العمرية 25-40 عامًا وذوي تعليم جامعي، ووجد الاستبيان أن 89% منهم تراجعت قدرتهم الشرائية، بينما أشار 96% إلى أن السبب الرئيسي هو ارتفاع الأسعار. وأفاد 43% بأن استهلاكهم للحوم أصبح مرة واحدة شهريًا فقط، فيما يلجأ 73% لشراء كميات أقل، ويشعر 79% بأن غياب القدرة على شراء اللحوم يؤثر على شعورهم بالكرامة.
بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تشير إلى أن نسبة الفقر بلغت 29.7% منتصف 2024، بينما تشير تقديرات غير رسمية إلى وجود فقر “غير مرئي” لا يشملّه الرقم الرسمي، لكنه ينعكس على القدرة على تأمين البروتين الحيواني.
عندما تصبح اللحوم ترفًا طبقيًا.. مصر تواجه تحدي الأمن الغذائي
السيسي يرد قانون الإجراءات الجنائية للبرلمان
بعد أسابيع من الجدل، قرر الرئيس المصري إعادة مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى البرلمان، استجابة لاعتراضات واسعة من قوى سياسية ومنظمات حقوقية. البيان الصادر عن الرئاسة أشار إلى أن الهدف هو مراجعة المواد المثيرة للجدل وتعزيز الضمانات الدستورية، خاصة ما يتعلق بحرمة المسكن وبدائل الحبس الاحتياطي.
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية طالبت بأن تكون أي تعديلات قائمة على مبادئ أساسية مثل الفصل بين السلطات، تكافؤ الفرص بين الادعاء والدفاع، قرينة البراءة، وضمان المحاكمة خلال فترة زمنية معقولة.
من جهتها، أكدت مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون على أهمية معالجة الثغرات المتعلقة بحق النساء، سواء كمجني عليهن أو مبلّغات أو متهمات، وضمان حقهن في تحريك الدعوى مباشرة، مراعاة ظروف الحوامل والمرضعات، وحماية خصوصية قضايا العنف الجنسي. كما دعت لتطوير نظام متكامل يحفظ سرية بيانات النساء ويوفر آليات دعم نفسي وقانوني، ويعزز التوازن بين سلطات التحقيق وضمانات الدفاع.
وفي حديثه لـ”زاوية ثالثة”، يصف المحامي أحمد مختار القرار بأنه خطوة “إيجابية وواقعية”، لكنه شدد على أن معالجة ثماني مواد فقط لا تكفي، إذ يحتاج القانون برمته إلى مراجعة شاملة، مشددًا على أن تمرير القانون بصيغته الحالية كان سيؤدي إلى أزمة حتمية، نظرًا لما يتضمنه من “عوار دستوري وحقوقي” يهدد حقوق الدفاع وحرمة المنازل، ويعرّض نصوصه لاحقًا للطعن أمام المحكمة الدستورية. لافتًا إلى أن الفرصة الراهنة يجب ألا تُختزل في تعديل المواد محل الاعتراض، بل تمتد لإعادة النظر في أكثر من خمسين مادة خلافية سبق أن طرحت منظمات حقوقية ومبادرات قانونية بدائل وصياغات مختلفة لها.
وتؤكد المحامية الحقوقية انتصار السعيد، – مديرة مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون-، أن إعادة مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى البرلمان خطوة مهمة، لكنها شدّدت على أن الأهم هو أن تكون المراجعة شاملة وجادة لضمان تمكين النساء من الوصول إلى العدالة بشكل فعّال.
وفي تصريحات خاصة إلى زاوية ثالثة تقول السعيد: “لا يمكن الحديث عن قانون عصري يحمي الحقوق دون وجود نصوص واضحة تراعي قضايا العنف الجنسي، وتكفل سرية بيانات الضحايا وحمايتهن”. وأوضحت أن المؤسسة تطالب بأن يكون القانون القادم معبرًا عن الدستور، وضامنًا للمساواة وعدم التمييز، حتى لا تظل النساء الحلقة الأضعف أمام العدالة.
جلسة برلمانية طارئة: الإجراءات الجنائية يعود للمناقشة بأمر الرئيس
القضاء الإداري يمنح محمد عادل حق أداء امتحاناته
قضت محكمة القضاء الإداري بقبول طعن تقدمت به “المبادرة المصرية للحقوق والحريات” ضد قرار منع الناشط محمد عادل من أداء امتحانات الدراسات العليا بجامعة المنصورة، معتبرة الحكم خطوة نحو تمكين السجناء من استكمال تعليمهم.
عادل، الذي يقضي عقوبة بالسجن منذ أكثر من 11 عامًا في قضايا ذات طابع سياسي، كان قد أضرب عن الطعام العام الماضي احتجاجًا على منعه من الامتحان. وبحسب المبادرة، فإن الحكم يعزز النصوص الدستورية والقانونية التي تكفل حق السجناء في التعليم وتلزم مراكز الإصلاح بتيسيره.
مطالب بالكشف عن مصير أحمد حسن بعد ست سنوات من اختفائه
جددت منظمات حقوقية محلية ودولية مطالبتها بالكشف عن مصير الطالب أحمد حسن مصطفى، الذي أتم عامه الخامس والعشرين مطلع سبتمبر، بعد أكثر من ست سنوات على اختفائه منذ القبض عليه في أبريل 2019 أثناء دراسته بكلية الحقوق. ورغم صدور حكم قضائي في 2020 يُلزم الداخلية بالكشف عن مكانه، ترفض الوزارة تنفيذه حتى اليوم. أسرة أحمد تؤكد أنها لم تتلق أي معلومة رسمية عن مصيره، فيما ترى المنظمات الحقوقية استمرار اختفائه انتهاكًا صارخًا لسيادة القانون وجريمة إخفاء قسري ممتدة.
قلق حقوقي بشأن الحالة الصحية للمحامية هدى عبد المنعم
أعربت منظمات حقوقية عن قلقها البالغ إزاء تدهور الحالة الصحية للمحامية هدى عبد المنعم (66 عامًا)، المحبوسة احتياطيًا منذ نوفمبر 2018، رغم معاناتها من أمراض مزمنة وخطرة تهدد حياتها. تعرضت عبد المنعم لأزمتين قلبيتين في أغسطس الماضي، وتعاني ضيق شرايين المخ، ما أدى لعجز تام عن الحركة، فيما طلبت أسرتها مرارًا الإفراج الصحي عنها دون استجابة.
حبس أحد أهالي طوسون المعترضين على التهجير بتهمة الإرهاب
ألقت قوات الأمن القبض على عبد الله محمد السيد (29 عامًا) في 11 سبتمبر من عمله بالإسكندرية، ووجهت له نيابة أمن الدولة العليا تهم الانضمام لجماعة إرهابية، تمويلها، ونشر أخبار كاذبة، وأودعته الحبس الاحتياطي 15 يومًا. محاموه نفوا الاتهامات مؤكدين أن ما قام به هو ممارسة حقه الدستوري في التعبير عن الرأي ضمن احتجاجات أهالي طوسون ضد تهجيرهم لمشروع الطريق الدائري الجديد.
استدعاء أحمد دومة للمرة الخامسة خلال عام
أخلت نيابة أمن الدولة العليا، الاثنين سبيل الناشط السياسي أحمد دومة، بكفالة ٥٠ ألف جنيهًا، وذلك بعد استدعائه الخميس الماضي للتحقيق في قضية جديدة، في خامس استدعاء له خلال عام، وحددت جلسة يوم الاثنين 29 سبتمبر. ووفق ما أعلنه عبر صفحته على “فيسبوك”، تأتي القضية استكمالًا لسلسلة ملاحقات شملت منشوراته على مواقع التواصل حول أوضاع داخلية وأخرى إقليمية. وكان دومة قد أُخلي سبيله في أبريل الماضي بكفالة عشرة آلاف جنيه على ذمة قضية اتُّهم فيها ببث أخبار كاذبة.
إشارات متضاربة.. بين العفو عن علاء عبد الفتاح وحبس إسماعيل الإسكندراني
طعن دستوري على قانون الفصل بسبب التعاطي
في سابقة هي الأولى من نوعها، تقدم المحامي بالنقض والمدافع عن حقوق العمال، مصطفى زكي، بطعن دستوري ضد القانون رقم 73 لسنة 2021 المعروف بـ”قانون الفصل بسبب التعاطي”، على خلفية تصريح صادر عن محكمة استئناف الإسكندرية في أغسطس 2025. ويستند الطعن إلى عدة مبررات دستورية، أبرزها: إهدار حق العامل في الدفاع عن نفسه، وتحويل الفصل إلى إجراء آلي خارج رقابة القضاء، وعدم تناسب العقوبة بين التعاطي العرضي والإدمان، ومخالفة مبدأ الحماية الاجتماعية بمعاقبة العامل بالطرد دون معالجة مرض الإدمان.
يقول مصطفى زكي لـ”زاوية ثالثة” إن عدد المتضررين قد يتراوح بين 50 و100 ألف عامل، مما يشكّل أزمة اجتماعية واسعة النطاق. ويشير أيضًا إلى حالات تم فيها فصل عمال لأسباب استثنائية، مثل العجز الصحي عن إجراء التحليل في الوقت المحدد، أو تناول أدوية أثرت على النتيجة، أو حتى حالات كانت تخضع لبرامج علاجية تحت إشراف صندوق مكافحة الإدمان. “ورغم هذه الظروف، لم يُمنح أصحابها أي فرصة لتفسير أو تظلم، إذ أُخضعت إدارات الشركات والقضاة لآلية واحدة لا تراعي الفروق بين الحالات”، بحسب تعبيره.
ويشدد زكي على أن قانون العمل الجديد رقم 14 لسنة 2025 تضمن بعض المخارج، إذ اشترط أن يتم تحليل المخدرات في مستشفيين محددين، مع ضرورة فتح تحقيق وعرض الأمر على المحكمة، ما اعتُبر تعديلًا جزئيًا على آلية قانون 73. إلا أن ذكي يرى أن الحل الجذري يتمثل في تعديل القانون ذاته، بحيث يشمل آلية تدرجية للعقوبة، ويعتمد على فحوصات أكثر دقة، ويراعي الحالات المرضية والتاريخ المهني للعامل.
ويحذر من أن الإبقاء على القانون بصورته الحالية “يشكل قنبلة موقوتة”، إذ قد يدفع آلاف المفصولين، لا سيما المتعافين من الإدمان، إلى الانهيار والانزلاق نحو سلوكيات خطيرة بسبب انقطاع مصدر رزقهم، مؤكدًا أن الضغط الإعلامي والمجتمعي على المشرّع لإجراء تعديلات عاجلة لم يعد خيارًا بل ضرورة.
استغاثات عاجلة لإنقاذ البحر الأحمر وحماية حديقة الزهرية التراثية بالزمالك
كشف صيادون وسكان الغردقة عن تهديد بالغ للبيئة البحرية نتيجة رسو مراكب كبيرة تستخدم طرق صيد مدمرة قرب جزر الجفتون ومكادي، ما أدى إلى تراجع المخزون السمكي وتأثير سلبي على رزق الصيادين والسياحة. وأكد رئيس الاتحاد المصري لصيد الأسماك، محمد قداح، أن استخدام شباك صيد أسماك القرش يهدد التنوع البيولوجي، مطالبًا بفرض تتبع GPS/MMS على جميع المراكب ومراقبة الالتزام بالمناطق المحظورة.
في سياق منفصل، استغاثت المؤسسة المصرية للحقوق البيئية بوقف مشروع تطوير حديقة الزهرية التراثية لحين إجراء دراسة شاملة لتقييم الأثر البيئي وضمان الحفاظ على قيمتها التاريخية والتراثية، مع استعدادها لتقديم تصميم بديل يراعي أساليب الصيانة العالمية.
ويؤكد أحمد الصعيدي، المحامي البيئي ومدير المؤسسة المصرية للحقوق البيئية، أن المؤسسة تقدمت بشكوى واستغاثة عاجلة إلى رئاسة مجلس الوزراء للمطالبة بوقف جميع مخططات التطوير الجارية في الحديقة.
ويوضح الصعيدي في تصريحات لـ “زاوية ثالثة” أن الشكوى تضمنت عرض بديل علمي أعده عدد من المهندسين المتخصصين، يهدف إلى ترميم الحديقة وصونها بما يحافظ على مواردها الطبيعية وأشجارها النادرة والتراثية. وأضاف أن هذا المقترح يقدم تصورًا عمليًا لتطوير الحديقة دون الإضرار بمكوناتها البيئية أو مخالفة القوانين والدستور.
ويشير مدير المؤسسة المصرية للحقوق البيئية إلى أن خطط التطوير المعلنة “لا تستند إلى أي أساس علمي”، مؤكدًا أن الاستجابة للمقترح البديل من شأنها حماية الحديقة والحفاظ على قيمتها البيئية والتراثية، وفي الوقت نفسه تحقيق التطوير المنشود بشكل مستدام.
كذلك قدمت النائبة سميرة الجزار، عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، سؤالًا برلمانيًا لرئيس المجلس لإحالته لرئيس الوزراء حول خطة مزعومة لتجريف حديقة الزهرية بحي الزمالك وإزالة الأشجار والمساحات الخضراء لإقامة مطاعم وملاهي وفندق ومعارض ومسرح، معتبرة أن أي بناء على الحديقة أو ضفاف النيل يمثل انتهاكًا للدستور وحقوق المواطنين. وطالبت الجزار بإعادة دراسة الخطة بما يحافظ على الطابع البيئي والتراثي للحديقة، والالتزام باشتراطات الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، وتشكيل لجنة مشتركة لمتابعة الموضوع واستدعاء رئيس الوزراء لمناقشته.
القاضيات على منصة مجلس الدولة.. خطوة تاريخية تنتظر الاستكمال
رحبت مؤسسات نسوية بقرار تعيين أول دفعة من القاضيات بمجلس الدولة، معتبرة إياه انتصارًا تاريخيًا بعد أكثر من 75 عامًا من النضال ضد الإقصاء، منذ دعوى الدكتورة عائشة راتب عام 1949 وحتى حملة “المنصة حقها”. وأكدت مؤسسة بنت النيل أن القرار ليس منحة بل استحقاق دستوري، فيما شددت مؤسسة قضايا المرأة المصرية على أنه ثمرة جهود متراكمة لمئات الناشطات والحقوقيات عبر عقود طويلة.
ورغم أهمية الخطوة التي شملت نحو 48 قاضية من بين 207 معينين بقرار جمهوري، لفتت المؤسسات إلى أن المساواة الكاملة تتطلب خطة واضحة لزيادة نسبة النساء في السلك القضائي، بما ينسجم مع الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة 2030. وطالبت بتخصيص دفعات استثنائية لتعيين القاضيات وتفعيل النصوص القانونية التي تسمح بانضمام المحاميات للقضاء، مؤكدة أن وجود النساء على المنصة القضائية سيعزز الفهم بالأبعاد الجندرية للقضايا، ويشكل بداية لتغيير واقع النساء والفئات المهمشة داخل المنظومة القضائية.
دعوى لزيادة الحد الأقصى لنفقات المطلقات
أعلن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن محكمة القضاء الإداري أحالت، في 2 أغسطس، دعوى تطالب بزيادة الحد الأقصى للنفقة التي يصرفها بنك ناصر الاجتماعي للمطلقات وأطفالهن إلى هيئة مفوضي الدولة، وحددت 15 نوفمبر المقبل لنظرها.
وأوضح المركز أن المدعية حصلت على حكم بنفقة ألف جنيه شهريًا لكنها فوجئت بأن البنك لا يصرف سوى 500 جنيه فقط، وفق قرار وزاري يعود إلى عام 2004 ولم يُعدل منذ 20 عامًا، رغم التضخم وتضاعف موارد البنك. وأكد أن استمرار العمل بهذا السقف المتدني يُشكل انتهاكًا للدستور والاتفاقيات الدولية التي تضمن للنساء والأطفال الحق في النفقة والحياة الكريمة.
حملة مجتمعية لمناقشة الولادة الطبيعية والقيصرية في مصر
أطلقت مؤسسة إدراك للتنمية والمساواة حملة تحت شعار “#مش_كل_قيصرية_ضرورية”، بالشراكة مع مؤسسات نسوية، بهدف فتح نقاش مجتمعي حول ارتفاع معدلات الولادة القيصرية في مصر، التي تفوق المعدلات الطبيعية بخمس مرات تقريبًا، وغالبًا دون دوافع طبية حقيقية. وتستهدف الحملة تسليط الضوء على حقوق النساء في اتخاذ قرار واعٍ بشأن نوع الولادة، ورفع الوعي بالمخاطر والإجراءات المرتبطة بالولادة الطبيعية والقيصرية، فيما رحبت مبادرة “رعاية طبية آمنة للنساء” بالإجراءات التنظيمية الأخيرة لوزارة الصحة التي تهدف إلى الحد من الولادات القيصرية غير المبررة طبيًا، داعية إلى تعميم مدونة السلوك المهني لمقدمي الرعاية الطبية على جميع المستشفيات لضمان رعاية صحية آمنة تحمي خصوصية وكرامة النساء.
مطالب حقوقية بحماية العاملات الزراعيات والالتزام بحقوق العمال
قدمت منظمات حقوقية ونقابية تعازيها لضحايا حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية، الذي أودى بحياة 19 عاملة زراعية وإصابة أخريات خلال انتقالهن للعمل بأجور زهيدة وفي ظروف نقل غير آمنة، مؤكدة أن الحادث يعكس هشاشة أوضاع العاملات رغم دخول قانون العمل الموحد 2025 حيّز التنفيذ. وطالبت المنظمات وزارة العمل بتفعيل آليات التفتيش، وضمان تطبيق الحد الأدنى للأجور في القطاع الزراعي، وتحسين البنية التحتية للطرق الريفية، إلى جانب تمكين العاملات من التنظيم النقابي والدفاع عن حقوقهن.
وفي سياق متصل، أعلنت مؤسسة المرأة الجديدة تضامنها مع عمال وعاملات شركة نايل لينين جروب بالإسكندرية، الذين دخلوا في إضراب مفتوح احتجاجًا على انتهاكات متكررة شملت تأخر صرف الأجور وحرمان بعض العاملات من حقوقهن القانونية. وطالب المضربون بتطبيق الحد الأدنى للأجور، الالتزام بساعات العمل القانونية، صرف بدلات المخاطر، وتوفير معايير السلامة المهنية. وشددت المؤسسة على أن هذه الانتهاكات تمثل مساسًا بحقوق أصيلة كفلها الدستور والمواثيق الدولية، داعية وزارة العمل إلى التدخل العاجل ومحاسبة المخالفين.