نقطة النور

482


برغم حبي للكتابة والتدوين منذ الصغر إلا أنني لا أجيد التعبير بالكتابة عما أشعر، فالكلمات تهرب مني، لكني في اجة ماسة للمحاولة، فاغفروا لي تعثري واسمحوا لي أن أشارككم ما في جوفي لعل العالم يتسع قليلا أمامي. 

على أعتاب عامي الخامس والعشرين، لكني أشعر بالخمول، والقيود التي تكبلني وتحكم قبضتها على قلبي وتتملك جسدي بأكمله، وحين أود الصراخ أجدها تمنع صوتي، وتحجب رؤيتي، فأشعر بالخوف ويزداد شعوري مع مرور الأيام.

ما يزيد مخاوفي تلك اليد الصغيرة التي تتعلق بي، صغيري الذي يمنحني الحب والتقبل دون مقابل أو انتظار، أخشى أن أقصر في حقه أخشى عليه من الأيام والشوارع الناس، أخشى من نفسي أن أسلبه حريته بدافع الخوف. 

الحياة أصبحت ضاغطة، إيقاعها السريع يزيد من توتري، ويسلبني الاستمتاع حتى في أوقات المرح، يرهقني حكم الآخرين والسماح لأنفسهم بالتدخل سواء من قريب أو حتى من بعيد أكره تلك النظرات التي تحدق بي وتلومني على ترك صغيري والنزول للعمل، حتى تلك السيدة في عيادة الطبيبة التي وبختني بقوة وحملتني ذنب وزن صغيري الضئيل. 

لماذا نثقل على بعض بتلك القسوة، لا أحد يعلم معاركنا الداخلية ما نصارعه وما يفتك بقلوبنا، لا أحد يعلم بذلك الحزن الذي يعتصر قلبي وأنا أترك صغيري، ولم يسمع أحد صوته وهو ينديني، بينما أنا غارقة في طاحونة العمل، فانتبه لأدرك أنه مجرد أوهام.

لدي رغبة جامحة أن أترك تلك المدينة عديمة الروح المثقلة بالهموم والتي يحمل غبارها كرهًا وضغينه، وأعيش في منزل يطل على السماء بعيدا عن العوادم والضوضاء به شرفه تطلعني على العالم، اتنسم منها الصباح وأشرب قهوتي دون أن يراني أحد أو تحدق بي إحداهن وتستنكر طريقة وضعي للملابس على حبل الغسيل. 

أعمل دون ضغوط دون مواعيد وبصمة حضور وانصراف،  أحيانا أشعر أني حالمة حد الغباء، لكني سرعان ما أفكر مليا فيما أنا بحاجته فأجد أنها أحلام بسيطة مشروعة، حياة هادئة بعيدًا عن لزحام المزيف والتدخل المرهق في حضرة زوجي وصغيري وأحبتي. 

عاركتني الظروف التي حاولت أن تبعدني عن شريك حياتي بمنتهي القسوة، وحققت ما كنت أتمناه، ولكني أخشى أن تتحول حياتي التي بدأت بطوفان إلى روتين النهر ذي السدود، به حياة لكنه خالٍ من الروح التي تكسب للحياة معنى وقيمة. 

أريد حياة عادية ليست استثنائية، أفعل ما أحب برفقة من أحب دون تفكير أو حسبان، أنا على يقين أننا نختار حياتنا،  ولكن نحن بحاجة إلى القوة التي تدفعنا لنقطة النور كما قال الكاتب بهاء طاهر في إحدى رواياتي المفضلة "نقطة النور"، فأنا أبحث عن واحة في صحراء الحياة كأبطال قصته.

لم أكل يومًا من قراءتها، لعلي أعثر يوما على نقطة النور..سلام ومحبة لكاتب العمل ولكل من تحمل كلماتي المثقلة وقرأها للنهاية.


تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك