واحة الغروب .. سافر حبيبي

265

سافر حبيبي وداخلي يودعني ، بكى وبل المحارم وانا قلت ايه يعني 

وانا قلت ايه يعني ، معاها بشوف محمود عبدالظاهر ، مأمور واحة سيوة ، الجسور ، ما بيخافش من الموت فكان لازم يخافوا بعد ما قتلوا اللي سبقه ليهم . محمود بطل رواية واحة الغروب لبهاء طاهر ، عبر عنه تتر المسلسل المأخوذ عن الرواية بمنتهي العظمة ، اقرب لما يكون للتطابق ، حسيت روحه هايمة مع المزيكا وبتجري في صحراء سيوة بحثا عن ملاذ ، عن أمان لروحه ، محمود متهور. عاش تجارب كتير. ، من ثورة عرابي اللي منحها كيانه ،وجاريته اللي حبها وهو لا يبالي بالفرق الطبقي ، مع كل جرح كان بيقول ايه يعني رغم الوجع ويكمل  لحد ما الحياة نفسها فقدت معناها في عينيه وبقي باحث عن راحته ، عن موته بس ، لعل كآبته وسؤاله الدايم انا عايش ليه ينتهي ؟! 


محدش قرأ واحة الغروب الاوتفائل اوي بالمسلسل ، محدش قرأ عن محمود ومليكة والشيخ يحيي ، الا وحب يشوفهم لحم ودم قدامه ، لعله يشوفهم اكتر ويشبع من تفاصيلهم اللي حبها 

لكن علي قد ما كان التتر مبشر جدا جدا ، كانت حلقات المسلسل حتي الان غير مبشرة ، بعيدة كتير عن روح الرواية ومحمود عبدالظاهر 

اولا من البداية 

سر جمال روايات بهاء طاهر هي تفردها ، انك معاها كن صوابعك بتتلمس توب مغزول برقة متناهية ، اللمس يداعب روحك ، لا الجمال يغمرك فيموت الشوق ، و لا شوق يقسي عليك فتبعد ، بهاء طاهر ابطاله كلهم متشابهين وان اختلفت التفاصيل  ، مكسورين رغم عزة نفسهم العظيمة ، مكسورين داخليا وواخدين موقف وجودي مطلق من الحياة ، موقف انها لا تستحق ، موقف بيقول فين المعني ؟ 

من شرق النخيل لقالت ضحي للحب في المنفي وواحة الغروب ، تشوف البطل حزين ، مكتئب ، رافض للحياة وبيتمني الموت ، لكنه ماشي في الزحام ، سايب نفسه للتيار يشده ويجرفه ويرميه مطرح ما يحب ، قد ايه ذيذ تشوف واحد رافض الحياة بشكلها الحالي وهي من حواليه ما بتقفش . بتجري بصراعاته وامواجها المتلاطمة ، قد ايه ساعتها بتشوف قيمة حاجات كنت مخدوع فيها ، زي المال ، الجاه . النفوذ والحياة الرغدة ، الجنس والاسرة ، حتي الحب بيفقد رونقه

في رواية واحة الغروب تبدأ الاحداث وتشوف محمود ، تحس قد ايه هو بعيد ن الحياة كأنه شايفها من ورا لوح زجاجي ، تسأل عن السبب والاسباب مش واضحة، تلاقيه منغمس في حياته ، متزوج ، بيحب مراته ، شغله فيه مهمة قاسية جدا هي جمع الضرائب من واحة سيوة بعد ما اتقتل مأمورها السابق ،لكنه غير منغمس بشكل كلي . تبدأ يحركك الشغف ، يشدك لاجل ما تكمل ،التناقض بينه وبين مهمته، بين وبين زوجته كاثرين بيثري خط الاحداث ويشدك اكتر ، بقيت عاوز تشوف محمود الحزين المنعزل داخل ذكرياته هيتصرف ازاي مع كل اللي بيحصل حواليا ، بقيت مش مهتم تعرف ايه اللي وصله لكدا قد ما انت عاوز تطمن عليه 


اصل الحالة دي مش غريبة ، دي حالة كلنا بنعيشها ، بنوصل ليها ولو اختلفت الاسباب ، ومادام حسينا بصدق محمود ونبله بنتعاطف معاه حتي لو معرفناش السبب 


في المسلسل اختلت حالة الرواية ، وتم الاسهاب في ذكريات محمود ، ايام عرابي وجاريته ، ولقائه بكاثرين ، احداث شدتنا لحالة محمودوخصوصيتها ، مش حزنه الانساني العام اللي بنشترك فيه كلنا 


فيه قاعدة في كتابة الأدب بتقول ما تذكرش تفاصيل بدون مغزي ، بدون سبب يثري العمل ، كأنك بترسم لوحة صخمة وكل تفاصيلك بتخدم الحالة ، لكن في المسلسل تفاصيل كتير مش فاهم سببها ، تفاصيل عن واحة سيوة واهلها وافراحها حتي بهاء طاهر نفسه في النص الاصلي ما اهتمش بيها ، طريقة الزواج وطقوسه ، طقوسه اللي تحتل حلقة كاملة ، رغم روعة التصوير وجمال المكان ، لكن فين الحدث. فين القصة فين التطور 


اهل واحة سيوة ما بيتكلموش العامية ، لسانهم مختلف عن اهالي القاهرة والاقاليم ، فمنطقي مع قصة بتدور كلها في الواحة ان منفذي العمل يتكلموا بالعامية المصرية الاصيلة ، طبعا دا مقبول ، طب ليه منة شلبي / كاثرين مصممة تتكلم عربي مكسر بيأثر علي تماينا معاها واستمتاعنا بالحوار


خالد النبوي اوقات اشعر بيه متماهي اوي مع الدور ، مع محمود عبدالظاهر ، المأمور الجسور وأوقات احسه بعيد جدا . خالد ممثل عظيم ، لكن كاريزمته قوية للغاية ، حاضرة في كل ادواره ، بيلبس عباية الدور لكن حضوره حي . مع محمود للاسف لازم التخلي الكامل ، محمود عبدالظاهر ملحمة متكاملة من الحب والحزن والفقد والوطنية محتاجة ممثل يغرق فيها بس لاجل ما يتمكن من تفاصيلها 



وللحديث عن الواحة بقية 


تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك