التحرش بين السياسة والحقوق

325

خلال الأسابيع اللي فاتت ظهر رأي كده، على إثر حالة التحرش الشهيرة بتاعت "كوفي أون ذا ران"، ملخص الرأي "إن يا جماعة مقارنة بحالات الاغتصاب والتحرش اللفظي والجسدي المتفشية في المجتمع، فالولد بتاع التجمع ممكن منقولش عليه متحرش لأنه عمليا مزودش العيار وانسحب واعتذر لما البنت قالت له إنك بتضايقني."


البعض شاف إن ده رأي منطقي ومقبول، البعض الآخر شاف أن صاحب هذا الرأي هو متحرش برضو، لكنه ماسك نفسه، وفي قناعتي أن الاتنين على خطأ وهفسر ليه لاحقًا، بس خلينا نعدي الأول على أربع حوادث تحرش أخرى شهيرة ظهرت في الفترة اللي فاتت:

١- حادث المتحرشين بالأطفال في حديقة الحيوان، واللي أثبت أن التحرش هو منطق استباحة بشكل عام، وكل مبررات "لبس البنت" طلعت فشنك، لأن الضحايا كانوا أطفال.

٢- حادث وسط البلد واللي تم التحرش فيه ببنتين ولما قاوموا، اتضربوا كمان من المتحرشين، وقاموا راحو القسم بجحوا واتهموا البنتين بضربهم وشتمهم كمان وبقى محضر قصاد محضر، ودا بيورينا أن إزاي كمان بقى في متحرش بجح وعارف يتحايل على القانون، اللي هو أصلا معيب وغير منصف ولا تتعاون أجهزة الدولة في تطبيقه.

٣- حادث دمنهور، اللي تم فيه التحرش بتلات فتيات محجبات من شارع بأكمله، وده بيورينا إزاي أن التسامح مع التحرش حول الموضوع لسلوك جمعي بيستبيح أي طرف ضعيف عادي.

٤- حادث مقتل زوج على شاطئ البحر لما حاول يتصدى لمتحرش بمراته، وطبعا الموضوع عمره ما هيوصل لجريمة قتل مع سبق الإصرار يعني القاتل آخره ١٠ سنين سجن !


الخط في شهر واحد امتد من تتبع ومعاكسة بايخة، وانتهى بقتل !


نعود للموضوع الرئيسي وهو منطق مدى سخافة وسفالة السلوك علشان نوصفه تحرش ولا لأ.


العيب الرئيسي في هذا المنطق هو أنه بيسحب حق أساسي للإنسان وهو "الحق في بيئة آمنة"، سواء للنساء أو للأطفال، لمنطقة التفاوض، أي السياسة، والقاعدة الأساسية أن الحقوق لا تخضع للمساومة أو للاجتزاء، زيه زي الحق في الحياة مثلا، أو الحق في المحاكمة العادلة، أو الحق في حرية التنقل، إلخ إلخ إلخ.

مينفعش تقول لأي شخص تعالى هنديك نص عدالة، أو هنسيبك تسافر الصعيد بس سيناء لأ، ولا هنعيشك نص حياة، كذلك الحق في البيئة الآمنة، سواء في البيت أو العمل أو الدراسة أو المواصلات أو الشارع، وبناءً عليه فالمنطق اسد، وليس بالضرورة أن يكون حامله متحرش، لكنه ببساطة بيطالب النساء بالتنازل عن جزء من حقها اللي هو شخصيا مش هيقبل يتنازل عنه لنفسه، وأعتقد أن بقى حاجة عادية عند رجال كتير في مجتمعنا المصون بتخاف تنزل من بيتها لمناطق معينة أو في أوقات معينة من السنة خوفا من حالة عدم الانضباط اللي بتبقى حاصلة في الشارع، فيخاف عربيته تتكسر ولا محله يتسرق ولا حتى يتثبت في ساعته ولا موبايله، فما بالك بالنساء بقى؟!


طبعا الدولة مطنشة الموضوع ومش مهتمة، أو مهتمة وعاجبها الموضوع لأنها عارفه كويس أن مجتمع بينهش في بعضه بهذه الصورة عمره ما هيقف يحاسبها على فساد، ولا انتهاكات ولا سيادة قانون ولا نيلة !

تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك