لا لتعديل الدستور .. لا لمقاطعة الاستفتاء

317


تختلف معركة التعديلات الدستورية 2019 ، عن كل معاركنا السابقة مع نظام السيسي ، في اختلافات عدة ، تدفعنا لخوض غمارها ، والتمسك بالمشاركة في اعلان رفض التعديل الدستوري بكل الوسائل .

في عدة نقاط نجمع معا ، دوافع قراري الشخصي بالمشاركة في الاستفتاء .

- فعل احتجاجي جماعي أمن :

خلال أعوام مضت ، طلبنا من الجماهير مشاركتنا اعلان رفض السيسي بأفعال احتجاجية ، كان أقصاها التظاهر ، وهو ما تسبب بخسائر كبيرة ،على مستوى المعتقلين ،والجمهور الذي رفض دفع الثمن دون أمل واضح للحل ، وكان أدناها ، المشاركة في الانتخابات ،وهو ما كان يحمل رسالة يائسة بعدم وجود بديل يواجه السيسي بالصندوق ، ورغم الحالة التي خلقها نزول عنان لمدة أيام حتى اعتقاله ، فان انتخابات السيسي مرت كما لم يحلم بها في اليسر والسهولة.

وهو ما دفعني لتخيل الاستفتاء ، كمظاهرات احتاججية ، دون هتاف ورصاص ومدرعات ، تحرك جماعي من الشعب المصري ، هو الأول من نوعه منذ مظاهرات 30يونيو ، تحرك أمن يسهل اقناع الجماهير بالمشاركة فيه ، وقابل للقياس رغم احتمالات التزوير.


- استفتاء على بقاء السيسي في السلطة :

دائما ما تحاول السلطة وضع اضافات تجميلية ، لوجبة تعديل الدستور ، فلا يكون التعديل شديد الفجاجة بهدف بقاء الرئيس في السلطة ، ولكن نظام السيسي كان أكثر من فج في تعديله للدستور ، فالتعديل شدي الوضوح في رسالت للشعب ، الرئيس يتمسك بالسلطة ، والدولة تعدل الدستور لضمان بقاءه .

ليحول الاستفتاء الى مظلة واسعة ، تجمع كل رافضي استمرار السيسي في السلطة لمدة 12 عاما أخرى ، سواء من مناهضي حكمه أو قطاع كبير من مؤيديه ، فرصة جديدة تلوح في الأفق لمخاطبة ملايين المصريين ، دون تمييز في الخطاب ، بشكل واضح ، هل ترغب في بقاء السيسي في السلطة لمدة 12 عاما ؟؟

اذا كانت اجابتك بلا فاذهب الى الصندوق وارفض التعديلات وشارك في الدعوة والعمل على ذلك.



- الدعوة العامة المفتوحة كلمة السر دائما:

في وقت تواجه فيه التنظيمات السياسية صعوبات في العل ، تنجح دائما الدعوات العامة المفتوحة ، الثورة المصرية في الأصل كانت دعوة مفتوحة وكان ذلك سر نجاحها ، دعوة عامة بخطاب يشمل الجميع دون تفرقة ، يجعل كل مؤيد للدعوة هو صاحب دعوة بدوره ، دون مركزية أو أشخاص يسهل ضرب الدعوة عن طريقهم.

كذلك فان الدعوة العامة تجعل كل مشارك فيها مسئول عنها وعن صورتها ، فهو يحمل همها ويحميها ، الدعوة قد تحمل الأمل لقلوب جمهور الثورة وأرباب الميدان ،عودة  الايمان بقدرة الشعب على قول لاولو في ورقة بصندوق مغلق ، وحدها الدولة تملك مفاتيحه.

كما أن خبراتنا في العمل بالدعوات المفتوحة تطورت وتميزت في ظل القمع ، هناك عشرات الألاف- ان لم يكن مئات – قادرين على صنع محتواهم الاعلامي الخاص ، عبر الأدوات الرقمية وقادرون على تسويقه ، فالدعوات المفتوحة تحمل من المرونة ما يجعلها تتفادى الاصطدام بالقيود الأمنية قدر الامكان ، وبالطبع تحمل سرعة في الوصول الى المستهدفين وطريقة أبسط في ايصال الرسالة.

- السيسي يواجه ظله :

من مميزات الاستفتاء ، أن السيسي يقف وحده دون منافس ، فالاختيار سهل وغير معقد ،ولا يخلط الأوراق ببدائل أخرى ، ولا يسمح بحملات مضادة ،مثل التي طالت حمدين صباحي وخالد علي وسامي عنان من قبل، الاستفتاء على السيسي فقط ، يحاسب عن مجمل أعماله .


- مقاطعة الاستفتاء لا تنزع شرعية :

ربما تحمل مقاطعة لانتخابات وجاهة ما خصوصا في ظل غياب البديل ، فيكون اختيار الجماهير والرافضين لكل المرشحين هو العزوف عن المشاركة ، ولكن الاستفتاء بطبيعته يختلف عن ذلك ، فغياب المشاركة هو موافقة على التعديل .

خلقت مقاطعة الانتخابات في 2014 و 2018 ، حالة من السخرية خاصة مع نزول  موسى مصطفى في اللحظة الأخيرة ، ولكنها أبدا لم تنزع شرعية السيسي ، فهو الرئيس الشرعي رغم كل دعوات المقاطعة وملايين لمقاطعين.

لذلك فالمقاطعة هي الخيار الأسهل لليائسين والمحبطين ، للتنصل من المسئولية والهروب من الواقع ، ولكن تكد تماما من فرض الواقع بالقوة ، فكل يوم خلال 12 عاما قادما ، ستدفع ثمن تمرير الاستفتاء.



- استغلال حشد الدولة للاستفتاء:

في الاستحقاقات السابقة ، بذلت الدولة جهودا جبارة لحشد الناخبين أمام اللجان ، وصلت الى حشدهم قسرا للمشاركة ، رغم ما نتج عن ذلك من أصوات باطلة تخطت المليون صوت ،ولكن نجحت الدولة في تمرير انتخاباتها بشكل ما ، واستخدمت المأجورين للرقص والتهليل أمام اللجان ، المأساة الحقيقية كانت في اقتناع عدد من المقاطعين بأن الشعب يرقص أمام اللجان ، رغم ادعاءه سابقا بأن الشعب كله سوف يقاطع.

ولكن في حالة وجود دعوة عام وواسعة للمشاركة في الاستفتاء ب لا ، سوف يربك حسابات النظام ، ويجعله يفكر في جدوى حشد الجماهير الى اللجان ، وهو ما يمكن أن يسبب مأساة داخل الصناديق بنسبة الرافضين.

- خلق حالة رفض عامة للسيسي شخصيا:

مناهضو السيسي استخدموا كل الوسائل لاعلان رفضهم للسيسي ، بالكتابة على الحوائط والمشاركة في السوشيال ميديا بمنشورات وتعليقات وهاشتاجات ، فمن الطبيعي أن نعتبر الاستفتاء هو احدى وسائل اعلان رفض السيسي ، وان كانت ثمة احتمالات كبيرة بغياب النتائج الحقيقية ، فهي بالتأكيد سوف تكون أكثر جدوى من منشورات الفيس بوك وتغريدات تويتر .

كما أن خلق حالة عامة من الاهتمام بالاستفتاء والمشاركة فيه ، قادرة على تحويل الحالة ال حالة رفض شعبي للسيسي ولبقاءه في السلطة .

- احتمالات التزوير :

في لحظة ما قد تجد الدولة التزوير حلا لمواجهة أصوات الرافضين ، ولكنها لن تكون مضطرة اليه مالم يذهب رافضي بقاء السيسي الى الصناديق ، فلنذهب الى الصناديق ولنجبرهم على تزوير الأصوات ، وليشعر كل مواطن شارك في الاستفتاء بتزوير صوته ، وليعلم السيسي أيضا أنه اضطر الى تزوير الاستفتاء ليبقى في السلطة.

- "المرازية" حل أيضا:

اذا كانت أدوات القمع قد حرمتنا من كل طرق ابداء الصوت والتعبير عن الرأي ، فلماذذا نحرم أنفسنا من احدى وسائل التعبير المتاحة ، واذ كان النظام يفرض كل سياساته وقراراته "عالناشف" فلماذا نقبل بها دون أي مقاومة ، لماذا لا نشارك ونورط الملايين للمشاركة ، كنوع من "المرازية" .

- مسيرة "الساموراي" الأخيرة :

نهاية العام الجاري يصبح أصغر جيل الثمانينات بعمر الثلاثون ، وهو ما يعني أن معركة الاستفتاء على التعديلات الدستورية ، هي أخر معارك جيل ثورة 25يناير بمرحلة الشباب ، قبل الانتقال الى الكهولة ، فلتكون معركتنا الأخيرة في شبابنا تليق بجيل ثورة يناير ، قبل أن نسلم الراية الى أجيال قادمة.


أخيرا ، كل ما أتمناه أن أقف بطابور الاستفتاء لأجد عشرات المواطنين في الطوابر ، أجد بينهم وجوها ألفتها في28يناير و 11فبراير وانتخابات برلمان 2011 ورئاسة 2012 ، أتمنى أن يقف السيسي بعين زائغة ليعلن موافقة الشعب على التعديل الدستور بنسبة 60% ، أتمنى أن أخبر ابني بعد 12 عاما ، أني بذلت كل جهد لأغير مستقبله للأفضل لم أدخر في ذلك جهدا .

أخر ما أحلم به ، أن يقف السيسي مزهوا وسط منافقيه ليعلن 93% نسبة الموافقة على الاستفتاء ، ونكتفي بمشاهدة صورالمأجورين أمام اللجان ، أخر ما أريده أن أجد صديقي المقاطع المخلص للاستفتاء يسب الشعب الذي عمل بنصيحته وقاطع الاستفتاء ، بأنه السبب في بقاء السيسي ، أخشى أن يقف ابني أمامي بعد 12 عاما ليقول أنتم السبب بتمرير تعديل بقاء السيسي ،خشيتم المواجهة والتزمتم بالكنبة والكوميكس.



تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك