11 فبراير .. وهل سقط النظام ؟

348



مرت أكثر من ثمان سنوات على ثورة 25 يناير التي أطلقتها القوى الشبابية في مصر، واليوم 11 فبراير يمثل ذكرى التنحي للرئيس المعزول محمد حسني مبارك، يوم ألقى فيه اللواء عمرسليمان بيان يؤكد فيه للشعب المصري الذي تمركز في كل ميادين مصر حينها، تخلي مبارك عن منصب رئيس الجمهوري، منذ هذه اللحظة وأصبح الوضع مختلف تمامًا عن اللحظة السابقة له، فقد تخلي مبارك عن المنصب وترك ورائه نظام كامل لم يتزعزع من مكانه ليتعمد في كل لحظة إلا يحقق شئ من مطالب الميدان والتي تمثلت في:

"عيش - حرية - عدالة اجتماعية"، رحيل النظام الحاكم بما فيه الرئيس ووزراؤه ورموزه، محاكمات لقتلي الشهداء، إلغاء حالة الطوارئ، محاكمات عاجلة للفاسدين، برلمان منتخب يقوم بوضع التعديلات دستورية.

فكان تنحي مبارك هو بداية الانقضاض على الثورة من رموز الدولة العميقة وأعمدة نظام حكمه فبدلاً من أن يتم ومحاكمة رموز النظام بقوانين الثورة إذا بالدعوات تخرج لمحاكمة  بالقوانين العادية وأدلتهم وأدواتهم ومستنداته التي أجادوا تستيفها وترتيبها ليحكم القضاء بما أمامه من أوراق وأدله لا ترقي لإصدار أحكام إدانة بل تحمل أدلة البراءة لنظام إستمر 30 عاما يمص دماء المصريين ويمتهن كرامتهم وسلب حريتهم ويرتكب أبشع الأساليب حتى يسهل قيادهم.

لك في ذكرى التنحي ما الذي تحقق من أهداف ثورة 25 يناير في مصر؟ بعيدًا عن أن هناك   انقسام واضح تشهده الساحة السياسية، إذ اختلفت آراء الشباب حسب تجاربهم وانتماءاتهم السياسية.



الأوضاع الإقتصادية:

اعتبرت ثورة يناير نقطة تاريخية فارقة،  إلى أن الثورة لم تحقق بعض أهدافها، ومنها العدالة الاجتماعية، فكما وصفها البعض الثورة لم تؤتِ ثمارها بعد، خاصة ففي ظل النظام الحاكم عاد كل شئ كما كان قبل الأوضاع الإقتصادية تدنت بشكل ملحوظ وأصبحت الطبقات المعدومة تنهار وطال أثار التعويم للجنة المصري الأخضر واليابس، خصوصًا بفرض الضائب والرسوم وغلاء الأسعار ليظل الشعب لاهثاً وراء لقمة العيش، وحتى لا يجرؤ على رفع رأسه مرة أخرى.

إلغاء حالة الطوارئ:

حتى الآن كل 6 أشهر يتم تمديد حالة الطوارئ في البلد منذ عزل الرئيس محمد مرسي، اعتمد الرئيس الحالي على سياسية التقشف تنفيذًا لمطالب صندوق النقد الدولي وذلك للحصول على الدفعات المحددة من القرض حتى وصل حجم الدين الخارجي لمصر إلى 80.8 مليار دولار نهاية الربع/1 من 2017-2018.

فتح المجال العام:

الحياة السياسية في مصر، وصلت القمع وتكمي الأفواه ذروته حتى أصبح عدد المعتقلين السياسيين في مصر في عام 2019 لا يحصى وكذلك الأمر في عدد المختفين قسريًا فضلًا عن عمليات التصفية التي يتم الإعلان عنها يوميًا من قبل المؤسسة العكسرية.

وفقًا لمنظمة "هيومان رايتس ووتش" التي ذكرت أن الاضطهاد المتزايد واستخدام تهم مرتبطة بالإرهاب ضد ناشطين سلميين يرمزان لاستراتيجية الحكومة بإسكات الأصوات المنتقدة قبيل الانتخابات الرئاسية المخطط لها في مارس 26-28"، وذكر التقرير بأن "هيومن رايتس ووتش و13 منظمة حقوقية أخرى ذكرت بأنها تنقص (المتطلبات اللأدنى لانتخابات حرة وعادلة)".


الاعتقالات والسجون: 

في اللقاء الصحفي بين الرئيس المصري عبد الفتاح السسي والرئيس الفرنسي ماكرون،  رد السيسي على حديث ماكرون عن تدهور الحريات في مصر واعتقال عدد كبير من المعارضين بما فيهم المدونين أكد السيسي أن مصر لن تقم بالمدونين في لهجة حادة ووجهه غاضب.

فكان قبل عام 2013، عدد السجون “الرسميّة” 42 سجناً بحسب بيانات وزارة الداخلية، وفي عام 2016 قامت الحكومة  بإنشاء سجن جديد في محافظة الأقصر، بتكلفة 100 مليون دولار، و يعد هذا السجن الجديد رقم 17 في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، و تنشأ السجون بقرار مباشر من رئيس الجمهورية.


إلغاء التوريث والتعديلات الدستورية:

من أهم مطالب الميدان الذي حاول الشباب المصري إلا يتخلى عنها ويغفلها أن توضع بعض من التعديلات الدستورية تُلزم بأحترام قوانين هذه الدولة، إلا أن البرلمان الحالي الذي يمثل ثلث نوابه من المعينين بقرار من الرئاسة بإقحام التعديلات الدستورية جديدة على الدستور تتمثل في أهم بنودها بإمداد مدة الرئاسة من 4 أعوام إلى عامين، أو مد فترة الرئيس مدى الحياة.

عبرت هذه الحالة تمامًا عن المتحقق من مطالب الثورة كاملة، فلا تملك الثورة من مطالبها  خبزها ولا تتمتع بالحریة التي كانوا يطمحون الیها ولا يشعرون بالكرامة الإنسانية التى خرجوا وثاروا من أجلها .

لكن يمكن القول أن الثورة التى تغير ملامح التاریخ لن تكون نهايتها سهلة ولا نتائجها مرضیة، وتحقيق القيم التي قامت من أجلها الثورة تحتاج الى وقت والى رغبة صادقة لتنفيذه، فكما قال عمر طاهر في مقال سابق"ثورة يناير كانت فرصة ذهبية، أثق أنها لم تضِع، لكنها تعانى إرهاقاً شديداً، بعد أن تعامل معها كثيرون بالطريقة التي يتعامل بها مواطن مصري أصلى مع سيارة معطلة فوق كوبرى أكتوبر، طريقة 'افتح الكبوت كده؟'، مع تقديم خلطة من الجهل المغرور والفتاوى الاستعراضية، تتحرك السيارة لفترة، ثم تتوقف من جديد بخسائر أكبر".

تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك