السوشيال ميديا تشعل الثورات

430


الاستبداد والظلم هما شيئان موجودان منذ خلق الله الإنسان فهما جزء من الشر، وعلى مر العصور كان هناك من يقف ويتصدى للظلم معرضًا حياته للخطر وفي بعض الأحوال لا تكون حياته فقط، فكلما أستخدمت الأنظمة الديكتاتورية أساليب أكثر قمعية تطورت معها أساليب المقاومة، على سبيل المثال في حقبة الثمانينات والسبعينات وما قبلهما كان يتم إستخدام المنشورات من أجل إيصال رسائل معينة للعامة، وأيضًا كانت هناك وسائل أخرى وهي الكتابة على الجدران "الجرافيتي"، ومن الوسائل أيضًا التي كانت تستخدم في تلك الحقبة لنقل بعض الرسائل المناهضة للظلم الكتابة السياسية أو النص الروائي أو النص السينمائي وأيضًا النص المسرحي، لم تندث تلك الأساليب في وقتنا الراهن ولكن قل تأثيرها على العامة، وعلى صيعد أخر كانت الأنظمة القمعية تستخدم الأساليب التقليدية لكل من يريد أن يتصدى لها فلا مجال للتكنولوجيا في تلك الحقبة، وهذا ما نقلته لنا بعض الكتب وكذلك الأفلام السينمائية التي تعبر عن تلك الحقبة، فكانو يستخدمون الشرطة السرية كما كانت تظهر في الأفلام، والشرطي السري هو ذلك الشخص الذي كان يجلس في موقف "الأتوبيسات" ويرتدي نظارة سوداء ويقرأ جريدة فراغة من نصفها، عندما نشاهد تلك الأفلام كنا نضحك كثيرًا ظنًا منا أن هذه الأشياء غير منطقية، ولكن إذا رجعت لبعض الأشخاص الذين عاصرو تلك الفترة سيؤكدون لك أنه كان يحدث بالفعل. 

السوشيال ميديا 

قد توصلنا من خلال حديثنا في الفقرة الأولى إلى أن العلاقة طردية بين الأساليب التي تستخدمها الأنظمة الإستبدادية لقمع معارضيها وبين الأساليب التي تستخدمها المعارضة في عرض رأيها بحرية على الملئ، ولذلك كان من الضروري ونحن في عام 2019 أن تظهر أساليب أخرى للمعارضة، تمكنها من التعبير عن رأيها في ظل استخدام الدولة لأحدث أساليب القمع من تجسس وإحكام القبضة على الإعلام والصحافة والسينما والمناهج التعليمية التي لا تتعلم فيها إلا ما يريدوه أن تتعلمه وكل ش أصبح عليه رقابة إما تكون ذاتية من مالكها خوفًا من البطش الذي سيتعرضله أ رقابة مباشرة من أجهزة الدولة، بدأت المعارضة في اتخاذ أساليب أخرى تعبر فيها عن رأيها وتلك الوسيلة كانت "السوشيال ميديا"، حيث تعتبر هي الوسيلة الوحيدة التي تمكن الجميع من التعبير عن رأيهم بحرية  - مش بحرية أوي يعني – وتمكنك من معرفة كل شئ يحدث حولك في وقتها بدلًا من أن تضع عيناك في شاشة التلفاز مجبرًا إلى أن تسمع معلومات كاذبة مضللة، كنت مجبرًا على سماعها وتركها تتحكم في عقلك وأفكارك قبل ظهور" السوشيال ميديا"، ولكن ما هو الشئ الذي يجعل السوشيال ميديا مميزًا عن باقي وسائل التعبير؟


في الوقت التي إستطاعت فيه الدولة وضع رقابها على كل شئ بديل لـ "اللسوشيال ميديا"، فلا خبر ينشر في صحيفة بدون موافقة أمنية ولا خبر يذاع في قناة بدون موافقة أمنية، فأصبحت كل الوسائل التي تستطيع أن تتلقى منها المعلومات موجهة لرأي واحد فقط وهو رأي الدولة، ذلك على خلاف منصات "السوشيال ميديا" التي مكنك في أن تتلقى الأخبار وقت حدوثها وأن تشاهدها فعليًا، وقد رأينا جميعًا دورها في ثورة الخامس والعشرين من يناير وكيف إستطاعت تحريك الشعب في كافة المحافظات في وقتٍ واحد، كما أنها منصات تمكنك من عرض الأفكار ونقدها ووسيلة للتبادل الثقافي بين المجتمعات، ولكن هل تترك الأنظمة المستبدة "السوشيال ميديا" خارج قبضتها؟


الإجابة بالطبع لا حيث تتطيع تلك الأنظمة مراقبة منصات "السوشيال ميديا" جميعًا، ولكن الفرق بينها وبين وسائل الإعلام من حيث تداول المعلومات أن وسائل الإعلام يتم مراجعة المادة المنشورة قبل نشرها على عكس السوشيال ميديا التي يتم نشر المعلومة ثم تتم مراجعتها من قبل الدولة، وبالطبع في ظل الإستبداد تقوم الدولة بمعاقبة من يصرح برأي مخالف لها عبر السوشيال ميديا.

تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك