"ديالا" ليست الأولى.. آلاف الأطفال في أروقة المحاكم لإثبات أنسابهم

432

قبل أيام قليلة من جلسة النطق بالحكم، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بحملة إلكترونية تحت عنوان" حق ديالا" تضامنًا مع الصحفية سماح السلام في قضيتها المقدمة ضد الفنان التشكيلي عادل السيوي، تحت وسم #حق_ديالا، واُتبع الوسم ببيان مفتوح للتوقيع، وقد تجاوز عدد الموقعين على البيان حتى الآن ٢٠٠ توقيع.

بدأت القصة فى مايو ٢٠١٧، حينما نشرت سماح صورة لها برفقة ديال، من داخل معرض الفنان عادل السيوى، الذى نظمه تحت عنوان «فى حضرة الحيوان»، وكانت الطفلة لم تكمل عامها الأول، ونشرت الصحفية الشابة، الصور على صفحتها بموقع «فيسبوك»، معلقة "ديالا عادل السيوى" فى معرض والدها.

سارع السيوى بنفى الأمر خلال منشور على صفحته بـ«فيسبوك»، معلقًا «فتاة مجهولة تزعم الإنجاب منّى»، مشيرًا إلى أنه حرر ضدها محاضر فى قسم الشرطة.

الأمر الذي دفع سماح لإقامة دعوى قضائية لثبات نسب طفلتها، حيث ذكرت سماح فى الدعوى أنها تزوجت السيوى عرفيًا، وأن الأخير سرق وثيقة الزواج من منزلها، مشيرة إلى أنها مرت بفترة عصيبة خلال الحمل، بسبب معاناتها من أمراض دفعتها للمكوث فى المستشفى لعدة أسابيع.

وكشفت سماح عن أنها سافرت مع السيوى لبيروت، ومكثا هناك فترة، ثم قررت أن تعود حتى تضع مولودها بإحدى المستشفيات المصرية.

وقالت إنها عادت بعد عملية الولادة بعد أن استردت عافيتها إى شقتها التى استأجرها لها السيوى فى الإسكندرية.

وأوضحت سماح أنها اضطرت للجوء للقضاء، بعد أن رفض زوجها الاعتراف بنسب طفلتها، وتنكر لها ولزواجه منها من الأساس، وطالبت خلال الدعوى بإجراء تحليل“DNA”للسيوى، من أجل إثبات صحة نسب طفلتها «ديالا».

وكتبت سماح على صفحتها بـ«فيسبوك»، "الـDNA بمصلحة الطب الشرعى شهادة لا تقبل الزوير.. شاهد عدل موثوق فى شهادته، وده مطلبى الأساسى من قضائنا العادل".

وفى ظل ذلك، نظرت محكمة الأسرة دعوى النسب التى رفعتها «سماح» فى القضية رقم ٩٠ لسنة ٢٠١٧، وقررت رفض الدعوى، لكن الصحفية الشابة استأنفت على الحكم، وحددت محكمة الأسرة بالتجمع الخامس، جلسة الأحد المقبل ١٥ يوليو، للبت فى الاستئناف.

تضمن بيان المثقفين: " بعد مرور عام وخمسة شهور على قضية «ديالا» التي رفعتها الصحفية سماح عبد السلام لإثبات نسب طفلتها للفنان التشكيلي عادل السيوي، وعدم خضوع «السيوي» لإجراء تحليل DNA في المؤسسات التابعة للإشراف القضائي، لم يعد أمام المثقفين والكتاب والفنانين أن يقفوا مكتوفي الأيدي حيال أزمة تدفع ثمنها «رضيعة» في مجتمع لا يزال يرزح تحت تقاليد بالية وأعراف تلوم الضحية وتبرئ الجاني في كثير من جوانبها.

ولم تعد خافيةً على أحد داخل الوسط الثقافي المماطلة التي يمارسها الفنان التشكيلي في التهرب من الخضوع لإجراء التحليل العلمي القادر على حسم النزاع، استنادًا إلى أن الخضوع للتحليل من عدمه سلطة تقديرية مخولة للقضاء ومن حق الرجل رفض الخضوع للحليل، وهو ما حدث في الدرجة الأولى من التقاضي، التي انتهت برفض دعوة الأم بناء على مطلب السيوي.

وأضاف البيان أنه من المقرر أن تعقد المحكمة أولى جلسات الاستئناف يوم الأحد المقبل 15 يوليو الجاري، ونحن لا نقف في صف طرف ضد آخر، ولا نُصدق جانبًا ونكذب الثاني، وإنما تملي علينا ضمائرنا أن نقف في صف الطرف الأضعف، وهو الطفلة ديالا، والدفاع عن حقها في اسم ونسب وهوية، ولا نتهم أحدًا بالتلفيق أو الكذب وإنما نطالب المتنازعين بالخضوع لإجراء التحليل وكشف الحقيقة، وأن يعلن السيوي للمحكمة قبوله بإجراء التحليل والانضمام لطلب المُدعية.

واختتم البيان: إن الموقعين على هذا البيان لا يتدخلون في شأن لا يعنيهم، ولا تخصهم الحياة الشخصية للأفراد، ويؤمنون بحرية الجميع طالما مُورست في إطار القانون واحترام حريات الآخرين، وإذ نعلن عن مطلبنا بإعلان الفنان التشكيلي عادل السيوي أمام المحكمة طلبه للخضوع للطب الشرعي كمطلب أصيل، فإننا لا نبتغي نتيجة معينة، ولا نسعى من ذلك إلا للحفاظ على حق طفلة في إثبات صحة  نسبها عبر الإجراء العلمي والقضائي السليم" .

في عام 1927، نشرت الفنانة المسرحية فاطمة سري بمجلة "المسرح" الأسبوعية قصة زواجها العرفي من محمد بك شعراوي ابن هدى شعراوي، رائدة حركة تحرير المرأة، وعلي باشا شعراوي، رفيق الكفاح مع سعد زغلول، ولجوءها إلى القضاء لإثبات نسب طفلتهما "ليلى" التي أيدت أبوته بعد 3 أعوام من النزاع، وهي القصة التي استوحى منها الكاتب مصطفى فيلمه "فاطمة" الذي قامت ببطولته أم كلثوم وأنور وجدي.

وفي السبعينيات، عانت الفنانة "شريهان" بنت الـ16 عاما منذ مولدها، مع والدتها في إثبات نسبها إلى عائلة المحامي عبدالفتاح الشلقاني، الذي تزوجت منه والدتها سرا، إلى أن حسمت المحكمة الأمر عام 1980 وأثبتت نسبها.

ومن بين أشهر قضايا النسب بالوسط الفني، أزمة الفنان أحمد الفيشاوي مع هند الحناوي، حيث اعترف بنسب الطفلة "لينة" له، بعد عامين من النزاع بين أروقة المحاكم، رفض خلالهما إجراء تحليل إثبات نسب، وأجرى عشرات الحوارات في الفضائيات، أنكر فيها زواجه من هند الحناوي، مهندسة الديكور، عرفيا، وأبوته لابنته.

وفي عام 2016، فجَّرت الفنانة زينة آخر قضايا إثبات النسب التي لم ينتهِ جدالها حتى الآن، حيث أقامت دعوى قضائية ضد الفنان أحمد عز، بعد زواجهما عرفيا، لإثبات نسب توأميها، لكن "عز" رفض هذه الادعاءات، رافضا إجراء تحليل الـDNA، إلى أن أسدلت محكمة الاستئناف الستارة على القضية في يناير الماضي، بتأييد نسب الطفلين التوأم إليه.

أما العام الماضي فجرت الناشطة السياسية هدير مكاوي قضيتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي لاقت تضامن من عدد كبير من أصدقائها ومتابعيها، قبل أن تتحول إلى قضية تشعل الرأي العام ليبدأ الجدل حول قضايا النسب من جديد.

الأرقام الصادرة عن محاكم الأسرة أظهرت أن عدد دعاوى"نفى النسب" قد وصل لـ5 آلاف قضية فى ٢٠١٦، وأن هناك ١٢ ألف دعوى إنكار نسب تراوحت مدد الزواج فيها من سنة إلى ١٨عامًا، وأن ٥٣٪ من تلك الدعاوى قد أقيمت خلال السنوات الخمس الأولى من الزواج، أما النسبة الباقية فكانت لدعاوى رفعت بعد أكثر من ١٠ سنوات وحتى ١٨ عامًا من الزواج، وكشفت أرقام محاكم الأسرة أيضا عن رفض ١٢٠٠ دعوى لأزواج تخطت سنوات زواجهم الـ15 و10 أعوام بسبب تغير حالتهم الصحية وعدم تطابقها عند إنجابهم الأولاد.

فيما أكدت الأرقام الصادرة عن المراكز الحقوقية، أن أكثر من ١١ ألف زوج قد تقدموا بشكاوى خلال الثلاثة أعوام الماضية بسبب صحة النسب، وبين رصد لمركز البحوث الاجتماعية والجنائية وقوع ١٥٠٠ جريمة بسبب قضايا نفى النسب خلال العام الماضى، فيما وصل عدد المحاضر المحررة فى أقسام الشرطة خلال عام 2015 بسبب الخلاف على حة النسب إلى ٤٥٠٠ بلاغ.


 


 


 


 

تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك