فستان رانيا يوسف

384


ترك الشعب المصري مشكلة البطالة والانهيار الاقتصادي والغلاء المستمر في الأسعار الذي تعاني منه البلد يومياً.

 وتجاهل معظمنا مصيبة اقتراح تصدير الكلاب للخارج للسلخ والذبح والتعذيب، ولم يشارك أو يعلق الكثير عن رد فعل مصر اتجاه السعودية وقضية قتل "جمال خاشقجي"، وانشغل البعض في لعن وتكفير تونس لإعلانهم عن قانون المساواة في الميراث.. 

ونسينا جميعاً بلا استثناء الحادث الارهابي الذي حدث منذ أسابيع قليلة (حادثة دير الانبا صموئيل) ولم يسأل أحد حتي عن حق الذين ماتوا والأسر التي دمرت حياتهم.


ورغم كل هذه الأحداث المهمة والمثيرة للجدل والنقاش، فلم يتقف الشعب المصري في الاهتمام والنقد الا علي فستان رانيا يوسف.

نعم، هذا هو الشيء الوحيد الذي أثار غضب الجميع في هذه البلد، صغير وكبير، نساء ورجال.

شئ مثير للسخرية، أليس كذلك؟ أن يكون فستان فنانة ما هو الحدث الاهم والاكبر خلال هذه الايام بالذات! 


فيا تري ما الازمة الكبيرة التي حدثت حين ارتدت رانيا يوسف فستان يكشف جزء من جسمها؟

ما الضرر العائد علي البلد او المجتمع او اي شخص في هذا العالم عندما ارتدت رانيا يوسف هذا الفستان؟!

ما الخسارة الكبري التي اصابت البلد والشعب حين ارتدت رانيا يوسف فستان لا يناسب عادات وتقاليد هذا المجتمع العجيب؟

الاجابة هي، لا شيء، لم يحدث اي شيء علي الاطلاق، لم يتضرر أحد بنسبة 1%، ولم تتأثر حتي العادات والتقاليد التي يخاف عليها المواطنين الشرفاء ويدافعون عنها

لم يتقدم أو يتأخر شيء حين ارتدت الفنانة هذا الفستان الذي بالمناسبة أكثر حشمة وستره من فستان الفنانة "جينفر لوبيز" الذي اثار اعجاب وابهار الجميع من بينهم المصريين الذين عظموا جمال جسمها رغم سنها وبدأوا بالمقارنة المعتادة بين الفنانات الاجانب وبين المأة المصرية في المطلق وكل هذا العبث الذي يقال كل مره تظهر فنانة ما اجنبية جسمها بكل جرأة فينبهر العالم العربي اجمعه ويتمني لو كانت المرأة العربية بنفس هذا الجمال، مع انه في نفس ذات الوقت اذا بدأت اي امرأة عربيه التباهي او اظهار اي جزء من جسمها حتي وأن كان شعر رأسها، تنهال عليها الشتائم والسباب..

فبغض نظر عن الازدواجية التي اصبحت مبتذله وتكلمنا عنها كثيراً، الا ان بالفعل ما يثير الدهشة هو قدرتنا علي التركيز واعطاء اهمية لأمور اتفه من ما يمكن ولا يوجد لها اي تأثير فعلي علي المجتمع حتي سواء بالسلب او بالإيجاب، ويصل التنمر والانتقاد والشتائم لدفع صاحبة الفستان (رانيا يوسف) لنشر اعتذار علي صفحتها الشخصية لارتدائها هذا الفستان الذي اثار غصب الشعب المصري!

أتدركون مدي العبث الذي اصبحنا به حتي وصل بنا الحال ان يثير غضبنا لهذه الدرجة قطعة من القماش وجزء من جسم امرأة ولا يثير غضبنا بنفس الدرجة قضية مثل قضية تصدير الحيوانات مثلا والاستهزاء بمن يهتم بها ويأخذها علي محمل الجد!

كيف وصل الحال أن يأخذ "جزء من جسم امرأة" حيذ كبير من الميديا والنقاشات الجدية في حين أن حادث مثل الحوادث الارهابية الكثيرة والمتكررة لم تأخذ ابداُ هذا القدر من الاهتمام سواء في الحجم او الوقت.

لا أعلم اذا كان تكرار هذه الحوادث غير الأدميه هو ما جعلنا نمل ولم نعد نهتم، أو أن التعود عليها هو ما جعلنا نعتاد علي أن هذا شء طبيعي وأن حياة المواطن مننا رخيصة وهذا شيء أخر أصبح طبيعي وعادي، فبدأنا نهتم بأمور أخري تكاد تكون ليس لها اي أهمية ولكنها جديدة وغير متكررة فتثير اهتمامنا وتلفت نظرنا بشكل أكبر..

ولكن آيا كان، فبالتأكيد أن هذا الوضع تعيس وبائس جداً، ويجب أن يجعلنا نتسأل كطبقة تعتبر نفسها مثقفة وواعيه عن السبب الفلسفي الذي يدفع  هذا الشعب للغضب من كشف امرأة ما لجسمها (وهو احصائياً الأعلى في مشاهدة الافلام الاباحية) ولا يغضب بربع هذا القدر حتي اتجاه حوادث أخري تستدعي كل الغضب مثل القتل والأرهاب، والتعذيب في السجون، والتحرش والاغتصاب بالأطفال.. الخ !

تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك