يوتوبيا الرحاب

330


في زيارتي الاولي لمدينة الرحاب الشقيقة (مش شقيقة اوي يعني) كان الموضوع أشبه بدخولي لعالم أخر، مدينة لا تشبه القاهرة ولا تشبه مصر كلها.

 لكن في كل الأحوال فهي مدينة لطيفة مليئة بالأشجار والخضرة والزينة، واشارات المرور والمواصلات المنظمة بشكل مرعب، ولا أحد يدخل من بوابة المدينة بدون تصريح أو اثبات شخصية علي الأقل وسبب واضح لدخوله.

وبالطبع جميع العربيات هناك من الطراز الحديث ومعظم سكان المدية بالتأكيد من الطبقة فوق المتوسطة بكثير الا العمال وحراس الفيلات والعمائر ..

وبالرغم من توفر وسيلة مواصلات لمعظم سكان المدينة (سياراتهم الشخصية) الا ان لفت نظري الأتوبيسات المكيفة الحديثة المتاحة بشكل منظم (كل نصف ساعة) في مواقف متعددة ومعروفة في المدينة وبتاخدك لبره المدينة لكذا مكان ..

ببساطة تسألت علي حسابي الشخصي علي تويتر بتلقائية، ليه الدولة متوفرش عيشه زي دي ومواصلات زي دي في الأماكن اللي فيها تعداد سكاني أكبر من الرحاب وللناس التي لا تملك عربيات شخصية..

كانت اجابة معظم الناس عليا انه باقي الشعب (الجاهل- الفقير) مش هيوافق يدفع نفس اللي بيدفعوا سكان مدينة الرحاب مقابل الخدمات والعيشه اللطيفة دي.

اذاً كًنك فقير لا يحق لك ان تعيش عيشه مريحة او تركب موصلات أدمية او تلاقي موصلات اصلاً بشكل يومي ومنظم، يعني ببساطة دي الحاجات الي بنحطها تحت مسمي "عدم المساواة" او  "الطبقية".

الناس كانت شايفه انه ازاي انا عايزه اساوي عيشه الفقير بعيشه ناس دافعه ملايين في بيوتها في الرحاب! فا من الطبيعي يلاقوا مقابل لعيشه تشبهه عيشه الغرب المتمدن، لكن الشخص العادي الي بيدفع تمن الاتوبيس العام بالعافية طبيعي انه يعيش عيشه غير مريحة وغير ادميه، دا عقابه انه اتولد فقير او انه مش بيسرقوبينهب في البلد.

والحقيقة مش عاية اكون شخص سطحي واجمع بس اعتقد دا شيء كلنا ممكن نكون شايفينه، انه نسبة كبيرة من الطبقة الأرستقراطية الغنية الي عايشه في مصر حالياً هما الي نهبوا البلد قبل الثورة ومازالوا يعني، معظم (وليس الكل) الي عارفين يعيشوا حياة كريمة حالياً ( في وضع البلد دا وبعد التعويم) زيي الي عايشينها سكان الرحاب هما غالباً الي واخدين حق الغلابة الي مش عارفين يعيشوا نفس عيشتهم..

وفي خمسين سبب تاني ( غير انه الفقير جاهل وهو الي جابه لنفسه كما يوصف البعض) يخلي الفقير ميعرفش يعيش عيشه نضيفه، وهي انه مثلاً متولدش ولاقي نفسه في مجتمع محظوظ معاه فلوس فا بالتالي لم يحصل علي نفس فرص التعليم الخاص الاجنبي والسفر للخارجفا بالتالي هيكمل يعيش نفس عيشته لانه من الاول لم يتوفر له وسيلة للتقدم الفكري والتعليم من الدولة..

ففكرة انه سكان الرحاب او غيرهم من القطنيين في مدن متحضرة تشبه يوتوبيا، بياخدوا خدمات مقابل الي بيدفعوا، فادا مش عشان هما يستحقوا دا اكتر من ما الفقير يستحقه، دا بس معناه اننا دولة ومجتمع غير عادل، وانه المنطقي ان يحصل الجميع علي نفس الخدمات والحقوق وبعدها انا كشخص اقرر هاخد انهو طريق في حياتي العملية والاجتماعية، لكن معظم الي بيتولدوا في مصر مبيكنش عندهم اختيار اصلا غير انهم يكملوا علي نفس النهج الي مشيوا عليه اهلهم والطبقة الي اتولدوا نفسهم فيها وعشان اي حد يخرج بره الفقعه دي بيدفع تمن دا خسائر كتير جدً ويا يوصل يا ميوصلش، وطرق الوصل للرقي في مصر مش كلها طرق مشروعة او متاحة بما يرضي العدل،.

ففي النهاية يعني كًن ان الشعب كله لا يحصل علي نفس القدر من العدل في الحياة اليومية واتاحة الخدمات دالانه احنا دولة ونظام لا يؤمن بالمساواة مش لأي سبب تاني.


تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك