انتهاك لدواعي الشرف

376

كثيرا ما نسمع تبريرات مثل " بنعمل دا علشان مصلحتا " أو " لازم و ضروري عشان متغلطش " و قد نسمع " دا مكرمة و عفة للبنت " عند سؤالنا عن مدي جدوي جريمة تشويه الاعضاء التناسلية المعروفة بالختان . 

طبقا لمنظمة الصحة العالمية الختان هو" أي عملية تتضمن إزالة جزئية أو كلية للأعضاء التناسلية الأنثوية الخارجيَّة لِسبب ثقافيّ أو اجتماعيّ أو أي سببٍ آخر غير طبي " و ينقسم لعدة أنواع تتدرج في الخطورة 

النوع الأول : عادة ما يشار إليه بقطع البظر وهو استئصال البظر جزئياً أو كلياً .

 النوع الثاني : عادة ما يشار إليه بالاستئصال ويعني التخل من البظر والشفرين الصغيرين جزئياً أو كلياً

النوع الثالث : عادة ما يشر إليه بالختان التخييطي: ويعني تضييق الفوهة المهبلية بعمل سداد غطائي  ويتم تشكيل السداد بقطع الشفرين الصغيرين، أو الكبيرين ووضعهما في موضع آخر أحياناً من خلال التقطيب، مع استئصال البظر أو عدم استئصاله .

النوع الرابع : جميع الممارسات الأخرى التي تُجرى على الأعضاء التناسلية الأنثوية بدواع غير طبية، مثل وخز تلك الاعضاء و ثقبها و شكها و حكها و كيها .

من المضاعفات التي قد تظهر فوراً بعد إجراء تلك الممارسة الاصابة بالالام المبرحة و النزيف و العدوي و مشاكل بالتبول و التئام الجروح فضلا عن الصدمة و الوصول للوفاة .

و توجد مضاعفات اخري طويلة الأمد كالمشاكل التبول و المشاكل المهبلية و مشاكل بالدورة الشهرية و المشاكل الجنسية و الخاصة بالعلاقة الحميمية و ارتفاع نسبة خطر حدوث مضاعفات اثناء الولادة و بالطبع المشاكل النفسية مثل الاكتئاب و التروما . 


حاولت تجاهل الذاتية او عرض افكاري و تساؤلاتي في هذا المقال إيمانا مني بأحقية  الناجيات من تلك التجربة المريرة بالتعبير عن انفسهن بناء علي تجربة حقيقية لكن لا يسعني سوي تذكر  ما دار في ذهني عند سماعي التبريرات لأول مرة التي كانت تتمحور حول حمايتها من خطر العلاقات خارج  اطار الزوا و أردت عن اسأل من يتبني ذلك الرأي عن رأيه في بتر أذرع الناس مخافة أن يحملوا بها السلاح للقتل أو سجن بعض الأشخاص مخافة أن يرتكبوا بعض الجرائم ؟ سيبدو الكلام سفيها بشكل كبير لانه لا يمكن ان تتم المحاكمة و يصدر الحكم بناء علي احتمالية ارتكاب جريمة ما .

اذن لم  تفعلون ذلك مع النساء  لم تعتقدون في  احقيتكم في اصداركم حكم بالبتر علي العضو الانثوي  لطفلة لا تملك حق الرفض بل حتي لا تملك الوعي و الادراك بانه يتم انتهاكها  لاحتمالية المساس بشرفكم المزعوم . لم تعتقدون أن النساء شرفكم و اجسادهن ملك لكم في الأساس . 

في الواقع المجتمع يتعامل مع تلك المرأة بان يربيها منذ ولادتها علي أن ذلك العضو منطقة محرمة لا يجب المساس بها ابدا او كشفها علي اي انسان ثم يتم اجبارها علي تعريتها امام حلاق صحة  او طبيب او ممرض و يتعامل السكين او الموس مع جسدها ثم عليها مواجهة ألم التبول و ذكري الانتهاك و مرارته و بالطبع تنشأ لتتم تربيتها ان تصاب برهاب بالجنس و تخشاه  فمخافة ذلك تم بتر جسدها ثم يأتي يوم الزفاف و عليها الان  ان ترمي كل ما نشأ بداخلها من مشاعر رهبة و ذكريات و ترحب الان بالجنس الذي لطالما تربت انه غول و تمارسه بسعادة وسط الزغاريد و الاحتفاليات ! 

المجتمع في الواقع يتعامل مع المرأة انها انسان الي يجب التحكم به بالريموت كونترول بداية قمنا بتشويه جسدك كي تصابي برهاب الجنس فنتمكن من تليمك كالدمية لزوج المستقبل لا تعرف لا تشعر لا ترغب فيصبح ليس مضطرا لتكبد عناء اسعاد شريكته و اما الان فعليكي ان تقومي بدورك المقدس في اشباع رغبة زوجك  و لا ترفضي مطلقا و الا اصبحتي امراة باردة و ناشز و تستحقين اللعن و بالطبع تستحقين الخيانة .



لا يدرك الغالبية أن الشهوة الجنسية و الرغبة مصدرها المخ و ليس الجسد أي أنه عندما يبدأ المراهقين باكتشاف أجسادهم و رغباتهم او حتي عندما نتعرض لتساؤلات الأطفال عن الجنس  ما يحتاجون اليه هو قدرا من المعرفة حول الجنسانية و الصحة الاجابية و كيفية حماية أنفسهم من الاستغلال الجنسي و النظر للجنس الاخر كشريك مستقبلي و العلاقة الحميمية السوية  من دون اكراه و كيفية حماية  أنفسهم من العدوي و الوقاية من الأمراض .

المخ هو المسيطر علي رغبات البشر المختلفة من الطعام و الشراب و التنفس و الجنس و غيرها مما يدركه من احتياجات  ان تقيد أحدهم بالكرسي لن يمنع عقله من التفكير بالركض و لن يمنعه من الركض فور حل قيوده  و أن ترتكب جريمة الختان بالتالي لا يمنع المرأة من التفكير المنطقي الفطري بالجنس أو أن تمارسه في وقت ما لأنه لا يمكن التحكم بالشهوة عن طريق الجسد .

بينما يكون ضرر الختان في تقليل شعرها مما يهدد مستقبلها الجنسي و قدرتها علي ممارسة العلاقة الجنسية   أو لانجاب او تقبل جسدها  و تختلف ردود افعال النساء المختونات فمنهن من مارست علاقات جنسية خارج اطار الزواج فقط انتقاما من الاسرة علي انتهاكها و منهن من اصيبت برهاب الجنس و منهن من أقسمت علي عدم تعريض ابنتها للتجربة و منهن من تصرح  برغبتها في ختان ابنتها بسبب عدم ادراك الايذاء و التصالح معه مخافة مواجهته .

الانتهاك و الايذاء لن يكون أبدا بديلا للتوعية و المعرفة . انتهاك الاطفال غير المدركين أو القادرين علي طلب المساعدة او رفض الفعل الواقع جريمة و عندما تنفذ بطلب و ترحيب من الاشخاص لذين من المفترض انهم المساحة الامنة كالأسرة تصبح أبشع . 



المادة 242 مكرر من قانون العقوبات المصري طبقا لتعديلات 26 اغسطس 2016 تنص علي :

 مع مراعاة حكم المادة "61" من قانون العقوبات  ودون الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تجاوز سبع سنين كل من قام بختان لأنثى.

ويقصد بختان الأنثى فى حكم هذة المادة، كل إزالة لجزء أو كل لعضو تناسلى للأنثى بدون مبرر طبى .       وتكون العقوبة السجن المشدد إذا نشأ عن هذا الفعل عاهة مستديمة، أو إذا أفضى ذلك الفعل إلى الموت.

كما  يعاقب بالحبس مدة لا تقل ن سنة ولا تجاوز ثلاث سنوات، كل من قدم أنثى وتم ختانها على النحو المشار إليه بامادة "242" مكرر من هذا القانون . 

برغم وضع القانون عقوبات لمرتكبي جريمة الختان الا ان القانون يعد غير فعال و غير مطبق و لا يحقق النتائج المرجوة منه بردع الاسر عن ختان بناتهن لانه يفتقر لاليات التنفيذ ناهيك عن الثغرات التي يمكن استخدامها للافلات كالعقوبة بان يذكر الطبيب انه كان يوجد ضرورة طبية رغم ادراكه كمتخصص انه لا توجد ابدا مشكلة طبية يكون الختان حلا لها .

عادة ما يعتمد القانون المصري علي تغليظ العقوبات كوسيلة لحل جرائم العنف ضد النساء بدلا من ايجاد اليات لتقليل معدل الجريمة و للتوعية المتزامنة مع اصدار القوانين و نلاحظ ذلك في جرائم التحرش و العنف و غيرهم لكن نتيجة  للقبول المجتمعي لجرائم العنف ضد النساء كجرائم الشرف و الختان و الزواج المبكر دائما ما يحدث تواطؤ مجتمعي لحماية الجناة بل و التحايل علي القوانين كلجوء الاهل لما يعرف بالتسنين و هو تزوير اوراق ميلاد الفتاة بجعلها اكبر سنا في الاوراق الرسمية  بهدف تزويجها قبل بلوغ سن الرشد و غالبا ما يتجاهل الاهل و الجيران و المأذون و الشهود تلك الواقعة متعمدين لاتفاقهم مع فكرة تزويج القاصرات .

و يصبح الأمر اصعب حيث ان القائمين علي تنفيذ القانون هم نفسهم من المجتمع الذي ما زال يتقبل تلك الجرائم فكثيرا ما نجد قضاة يصدرون احكاما مع وقف التنفيذ في جرائم شر  او يتم تبرئة متحرشين او تبرئة أطباء مرتكبين لجريمة الختان  و كم من ضباط يرفضن تقبل بلاغات من النساء لانهم لا يعترفون بتلك الانتهاكات في الاساس .

التخلص من جريمة الختان لا يكمن في تجريم قانوني و عقوبات فقط او ببيانات الازهر و دار الفتوي و الاعلانات التلفيزيونية فقط بل بفتح المجال للمبادرات و المشاركات و التوعية بحقوق الانسان و المساواة بين الجنسين و ادراج الثقافة الجنسية و مبادئ نبذ العنف و التمييز من ضمن أولويات التعليم . 

.

 



تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك