الدول لا تقوم على جثث مواطنيها

954

أغلبية الناس في مصر, وللأسف من ضمنهم النظام الحاكم, مقتنعين إن قتل النظام للمواطنين خارج نطاق القانون هو تمن مقبول لحماية الدولة. الناس دي بتدعي إن النظام من حقه يقتل المواطنين بدون محاكمة بحجة حماية السيادة, متناسيين إن أكبر علامة على اختراق سيادة الدولة من عدو خارجي هي إن العدو ده ينجح في قتل مواطنين من ادولة. فلما الدولة نفسها تقتل مواطنيها فده ببساطة هو بداية خرق الدولة لسيادتها. المشكلة إن الناس دي مش بتتعلم من التاريخ, عندك مثلا سوريا إنهارت كدولة في اللحظة اللي بشار الأسد قرر يقتل آلاف المتظاهرين. 

 

من ناحية تانية, بنشوف الدول العظمى اللي لم تشهد أي خلل في سيادتها أو حكمها على مر مئات السنين زي أمريكا وبريطانيا عمرها ما تورطت في مذابح جماعية لمواطنين بيحملوا جنسياتها في تاريخها الحديث, طبعا الدول دي ليها جرايم كتير بس كلها ضد غير مواطنيها واللي صنفتهم كأعداء خارجيين. عمر الدول دي ما صنفت مواطن ليها على إنه عدو وقررت تقتله ميدانيا بدون محاكمة. لمواطن اللي يرتكب جريمة يخضع للقانون ويحاكم بحسب القانون, عشان كدة الدول دي عاشت سنين طويلة ومستمرة لأنها عرفت إن قيمة وجودها وسيادتها هي من قيمة حياة مواطنيها. 

 

هنا بقى في مصر بنشوف النظام بيرتكب مذابح وقتل جماعي معتقدا انه بكدة بيحمي الدولة وسيادتها, وهو مش مدرك إن ارتكابه مذبحة زي مذبحة رابعة دي أكبر دليل على فقدانه السيادة. احنا ممكن نتفق على إن معتصمين رابعة ممكن يكونوا ارتكبوا جريمة بحسب القانون المصري زي مثلا إشغال الطريق أو الإزعاج, بس مافيش أي جريمة من دول عقوبتها الإعدام الميداني خصوصا من دون محاكمة. حتى ولو كان من ضمن المعتصمين حد أرتك جريمة قتل, كون إن الدولة تقرر تطبق عقوبة جماعية وإعدام ميداني لكل الاعتصا بدون تحقيق ومحاكمة فده في حد ذاته تنازل كامل من الدولة عن مبدأ سيادة القانون اللي هو المصدر الوحيد لشرعية الحكم وسيادة الدولة. 

 

اللحظة اللي الدولة تستحل دماء مواطنيها وتقرر تقتلهم بدون محاكمة وبدون تطبيق للقانون هي لحظة انهيار الدولة ونهاية سيادتها. الناس اللي يهمها سيادة الدولة لازم يعرفوا إن قبولهم للقتل هيكون تمنه سقوط الدولة اللي بيدافعوا عنها لأنه ببساطة بيقضي على مقومات سيادة الدولة واستمراريتها. اللي قلبه على مصر وعايزها تفضل دولة لها سياتدها لازم يرفض ممارسات لأنظمة الحاكمة اللي بتحمي نفسها والتمن بيكون سيادة الدولة وسيادة القانون. ا تضيعوش مصر عشان تحموا نظام حاكم, لو النظام الحاكم غبي وغشيم ما تشجعوهوش في غشمه لأنه نظام بيضيع نفسه بنفسه وبيدمر مصر معاه. أرفضوا اللي حصل في رابعة, ارفضوا أي مذبحة خارج نطاق القانون, دافعوا عن قيمة الدولة مش النظام اللي حاكمها, لأن الانظمة اللي زي دي مش بتدوم كتير, مصر هي اللي فاضلة لنا. 

 

تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك