ثورة 25يناير و يوتوبيا الوطن

664


مرت سبع سنوات على بدء ذلك الحدث الجلل الذي حُفر بنار ونور داخل ذاكرتي وذاكرة كل من عاصره ، فلم تكن ثورة 25 يناير مجرد أحداث قد ساهمنا بها بأي شكل من أشكال المساهمة أوالحشد أو التوثيق ولكنها كانت ميلادا آخرا جديدا قد شملنا جميعا بميدان التحرير الذي شهد تجديد عهد الوطنية والإنتماء لوطننا الحبيب مصر بميثاق كُتب من دم الشهداء. لن أكرر ما حدث لي بالميدان وما قد سبق وكررته مرارا وتكرارا حتى ملّ من روايتي المقربون لكن كل ما سأسرده  هو مواقف بطولية رأيتها بعيني وساهمت بشكل عظيم في بلورة تفكيري وتطوره واحدة فواحدة. 

مازلت اتذكر ذلك الشاب الذي لا أعرفه الذي حماني من هروات الشرطة  يوم جمعة الغضب بيديه حين تعثرت قدمي اثناء جريي من المطاردة اثناء دار الأوبرا وحين نظرت إليه وجدته يصرخ بأعلى صوت "إجري" وبالفعل جريت وأنا احمل بقلبي الكثير من الإمتنان والتقدير لشخصه ولطالما وددت ان أعرفه لكي اتقدم له بجزيل شكري. وأيضا مازلت اذكر ذلك الجندي الصغير بالسن والذي كان أحد افراد الشرطة العسكرية وكان يهم بضربي بعد فطارنا أول جمعة برمضان في ميدان التحرير وتراجع في اللحظة الاخيرة وهو يقول لي "روحي". إن هذين الموقفين وغيرهما الكثير قد ساهموا بشكل كبير جدا في تحديد مساري بعد ثورة يناير 2011. فقد مثلوا لي بداية قراري بالبدء في معركتي الشخصية لتغيير فقد بدأت أرى الزاوية الأخرى من الوطن الذي يساعنا جميعا والذي يحنو علينا جميعا بالاضافة الى ترسخ شعور أنني "صاحبة البلد" ورأيي يعتد به واساهم في تشكيل مصيرها وعلو شأنها قد جعلني التفت بشكل اعمق لمعركة التثقيف الحقوقي فبدأت اخوض هذا المجال كدارسة ثم كمدربة اعترافا مني بجميل الثورة في تفتح وعيي.

إن ثورة يناير قد علمتني الكثير والكثير فهي لي كالبوصلة التي اتجه إليها كلما يزداد احباطي ويأسي من التغيير فقد علمتني الثورة ألا أفقد رهاني على شعب مصر العظيم ، هذا الشعب الذي مهما صبر على ساد مبارك الا انه في النهاية ثار لكرامته وحقوقه. ثورة يناير أيضا جعلتني حلم بوطن كاليوتوبيا وطن احلامي الذي ينتهي منه الفساد والمحسوبية ويبدأ بعصر جديد من الشفافية والمساءلة وحرية تداول المعلومات، وطنا يكون مسئولا عنه الشعب بأكمله ويقوم فيه الشعب باختيار ممثليه المؤهلين لمثل هذه المهمة الجليلة ، وطن يخلو من الصراعات والتمييز وتسوده ثقافة حقوق الانسان. ثورة يناير نجحت في زرع الحلم بداخلي ، هذا الحلم الذي لن ايأس في تحقيقه رغم كافة الاحباطات التي في أحيان كثيرة تلوح في الأفق. وانني اؤمن جيدا اننا لن نصل لهذا الحلم الا بالعمل الجاد مني ومن رفقاء الكفاح كي نسطيع نشر الوعي بالديمقراطية الحقيقية وننجح في ان نجعل الجميع يؤمن بمباديء الثورة ، تلك المبادئ التي جمعتنا كلنا في بوتقة ميدان التحرير وجعلت من تلاحم الطبقات المختلفة من الشعب سيمفونية تغنى بها العالم قائلين " إن المصريين يعلموننا مرة أخرى " وبتكاتفنا معا ووضعنا نصب أعيننا تلك المبادئ التي ادركنا معانيها السامية في ميدان التحرير والتي دفع ثمنها غاليا شهداء الحرية ندرك أن ثورتنا مستمرة وانناسنحقق الحلم .. حلم يوتوبيا الوطن



تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك