25يناير .. شجن وذكريات

831

الكتابة عن ثورة ٢٥ يناير في ذكراها بتكون مؤلمة جدا، الواحد بيبقي مش عارف يحكي يقول آيه، احكي عن  التراكمات اللي أدت للثورة! عن حركة كفاية وشباب من اجل التغيير ثم ٦ ابريل ثم عودة البرادعي ثم صفحة خالد سعيد ثم التنسيق والخروج يوم ٢٥؟ حكيت كتير قبل كده.


التحضيرات والتكتيكات قبل وأثناء وبعد؟ احكي عن يوم ٢٨ يناير؟  معركة كوبري قصر النيل؟ احكي عن الميدان؟ إالمستشفي  الميداني؟  المجتمع المثالي في ال ١٨ يوم ؟ موقعة الجمل؟ المسيرات والمنشورات كل يوم في الأماكن الشعبية؟  المقابلات والتنسيقات ؟ يوم التنحي؟ والفرحة المشوبة بالحذر؟ اجتماعات المجلس العسكري؟ الاشتغالات؟ المليونيات؟ استفتاء مارس والنقطة الفاصلة.


احداث كتير تستأهل الحكي عنها، واحداث كتير تثير شجن، الثورة كانت حلم جميل، لو كان أتحقق كان غير كتير في مصر ، والثورة أظهرت المجتمع بتفاصيله، ظهرت قيم جميلة في ال ١٨ يوم محتاجينهم في مصر زي المحبة والمودة والتعاون والتنظيم وتقسيم الادوار، وظهرت أسوأ القيم والتصرفات كذلك اثناء الثورة وما بعدها، شوفنا انفلات أمني وجحافل الفوضي والسرقات في الشوارع واقتحام لمحلات، شوفنا برضه اللجان الشعبية وتعاون الجيران، شوفنا  تصرفات انتهازية وشوفنا  تناحر وكراهية بين الناس وتخوين عند كل خلاف بسيط، وشوفنا ناس بتكذب وتستخدم كل الوسائل غير المشروعة من أجل الوصول لأهدافها.


المجتمع في مشاكل من زمان، مشاكل قديمة متغلغلة، ناتجة عن تراكمات عشرات السنين، ونتجة عن تربية غلط وتعليم غلط ، وحكومات غلط، وقيم سيئة زرعتها السلطة في الشعب ولا تزال تزرعها لغاية ما أصبحت قيم راسخة صعب جدا اقتلاعها ، وده بيبان في تعامل المصريين في بعض الازمات، وده بيبان في تعامل المصريين مع بعض في الغربة، وده بيبان في تعامل المصريين مع بعض في الطوابير، في الزحمة المرورية لما كل واحد يبقي بس هو اللي عايز يعدي وطز في الباقي، الفساد مش بس فساد حكومة ومسئولون، لأ فيه قطاعات ضخمة عيشيتها قايمة علي الفساد، مش أقلية، ومش بس موظفين حكومة، أفتكر كام مرة اجبروك تدفع رشوة وإكرامة، وكام مرة انت نفسك لقيت نفسك بتتحاسب علشان تخلص بدري. الموضوع معقد.


من كام يوم كنت قاعد مع واحد صاحبي ينفطر ، ونفكر، هل فعلا فيه أمل؟ كان ممكن يكون فيه أمل لو كانت الثورة نجحت وقدرت بعد الصعوبات تؤدي لبناء نظام ديمقراطي راسخ، وتكون قواعد إدارة الدولة قايمة علي الشفافية  والمحاسبة والحكم الرشيد، حتي لو كانت الثورة نجحت وأفرزت نظام ديمقراطي ، ودستور توافقي، واعلاء فكرة دولة القانون بجد، والحكم الرشيد بجد، برضه كنّا هانحتاج سنين طويلة علشان نغير القيم والعادات والتقاليد السيئة المترسخة اللي الشعب اتعلمها طوال  فترة حكم الأنظمة الاستبدادية السابقة، تخيل بقي واحنا دلوقتي بقينا أسوأ من عهد مبارك وأسوأ من ٢٤ يناير، تخيل اذا كان الأصل دلوقتي هو الاقصاء والتخوين ،و ان نفاق السلطة هو الاساس وليس العمل والاجتهاد  والعدل، يعني لِسَّه كتييييير علشان تحصل حاجة تاني، ولسه بعدها كتير علشان نقدر نوصل لصيغة حكم مناسبة، ولسه كتير جدا علشان الناس تتعود بعد كده علي قيم زي احترام الاخر والتسامح والتعايش، واحترام الاختلاف، وعلشان تطبق فعلا دولة العدل ودولة تكافؤ الفرص ودولة القانون ، فعلا وليس قولا كما هو الان. لِسَّه بدري، بس لازم نحاول.


هل خلاص الذكريات هي ما تبقي من ٢٥ يناير؟ وهل أصبحت هي كمان بكائيا؟ وهل الهزيمة هي المصير النهائي، هل مجرد هزيمة في معركة ؟ ولا لِسَّه فيه فصول تانية، والفصول دي هاتبقي ناتجة عن آيه؟ 

في السجن قرأت عن موجات الديمقراطية وبعض التجارب الآخري، وإن التغيير الناجح هو اللي ليكون فيه الموجات نحو الديمقراطية عددها اكثر من الموجات المضادة للديمقراطية، ولكن لازم يكون فيه موجات نحو الديمقراطية وموجات  ارتدادية، ثورات وثورات مضادة، ولازم عدد كتير من السنين بين كل موجة والتانية، ودوام الحال من المحال، في كل تجارب الدنيا كده.

لازم تراكم ومحاولات وفشل ومحاولات وفشل، وتراكم وبناء، وساعات بتحصل نقاط فاصلة فجأة تغير مسار الاحاث، بل احيانا بيكون التفاوض والحكم المشترك والتغيير طويل المدي أفضل وأكثر استقرارا من التغيير المفاجئ أو العنيف أو الثوري، هي الدنيا كده.


أسئلة كتير بتيجي طول الوقت، هل الراديكالية المفرطة والمطالب الجذرية كانت هي الصح دائما؟هل كان الاحسن بعض المرونة في بعض المواقف بهدف الحفاظ علي الأرواح؟ للأسف التخوين والصوت العالي كان هو اللي بيسوق في ٢٠١١ و٢٠١٢، مش معني كلمة مرونة إنها تبقي براجماتية مفرطة زي اللي عمله الاخوان اعتقادا منهم إن موالاة العسكر ضد الثورة هايوصلهم للسلطة، ولكن يمكنولكن هل اتعلمنا أي شئ ؟ مش باين للأسف، وحتي لو رجعنا تاني ل ٢٤ يناي ٢٠١١ هانكرر نفس الأخطاء بحذافيرها، مش باين إن حد اتعلَّم.


الملائكة والشياطين.


لا كل الثوار ملايكة، ولا كل أنصار مبارك شياطين، موقعة الجمل كانت مترتبة بعناية لتصفية الثورة وفض الميدان، لكن معظم اللي هاجموا الميدان كانوا مصريين غلابة، فاكرين إن مساندة مبارك هاتحميهم، لكن سبحان الله السحر انقلب علي الساحر، وأصبحت موقعة الجمل نقطة فاصلة دعمت الثورة بدل من تصفيتها.


المحرضين ضد الثورة كانوا من أصحاب المصالح اللي خايفين من انتهاء المصلحة والسبوبة والأراضي والصفقات، لكن الجنود اللي تم استخدامهم للهجوم علي الثورة كان من البسطاء، فاكرين مصطلح المواطنين الشرفاء؟

اشتباكات كتير حصلت بين مصريين ومصريين، حتي يام الاخوان كان اشتباكات بين مصريين ومصريين، كل طرف شايف التاني عدو لابد من الخلاص منه.

حتي ٣٠ يونيو وما بعدها كانت بين مصريين ومصريين، صحيح اجهزة الدولة العميقة هي اللي خططت للعودة ، لكن اللي نزل ضد حكم الاخوان ماكانوش من سكان المريخ، فيه ملايين الناس نزلت خوف من الاخوان وخوف من المستقبل، حتي لو كان فيه تحريض ومبالغة في اخطائهم في وسائل الاعلام لكنهم مابذلوش أي جهد في مراجعة اخطائهم ولا في طمأنة قطاعات واسعة كانت خايفة متهم، للأسف ساهموا كتير في تأكيد كل المخاوف

وهم من كانوا يعلمون قبل أي شخص بما يحاك لهم، بل ساهموا في الإسراع به عن طريق العنجهية والغور، ورفضوا كل التحذيرات وكل الوساطات وكل النصائح وكل الفرص، وساهموا في تلبيس نفسهم في الخيط وتلبيساتها كلنا معاهم.


هل ممكن يكون فيه أو تعلم من أي شئ؟

ماعتقدش… يعني مثلا هتلاقي في التعليقات كمية بذاءة لا حصر لها، من طرفي الصراع علي السلطة،(ايوة الموضوع كان صراع علي السلطة والمصالح الاقتصادية وليس حرب علي الدين كما يُزعم الاخوان وليس حرب لتقسيم البلد كما تزعم الأجهزة) والاتنين لا يجيدون إلا التخوين أوالتكفير والبذاءة في مهاجمة كل من يختلف معهم.


ايوة انتصرت الثورة المضادة، في المعركة دي، بسبب اخطاء الثوار،وهي من وجهة نظري كانت الصوت العلي في أمور قد يكون تحكيم العقل هو الأفضل،التخوين ، التكفير، كراهية الاخر، التآمر، والخطأ الأكبر للفصيل  الاكبر…. البحث عن المكاسب الفردية واستعجال السلطة والانفراد بها واقصاء الاخر، واقصاء باقي الشركاء اللي فتحوا الباب واللي اعطوهم بدل الفرصة عشرين.


لكن امتي ممكن يكون فيه أمل في يوم من الايام؟

لما الكل يعمل مراجعات، ويتعلم من الأخطاء،  ويبقي فيه نبه في يوم من الايام للاتفاق علي مسار يشارك فيه الجميع، بسلمية وتسامح وتصالح وتشارك وقبول للاخر رغم الاختلاف، حكومة وتار إسلامي ومعارضة مدنية.



تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك