حوار أن أوانه

163

 عاش جيلنا تجارب ثرية بالخبرات والتفاصيل والحكايات اللى لسه متحكتش ، وفى سنين قليلة جدا شارك الجيل ده ، أو للدقة بادر ، لثورتين فى 25 يناير و30 يونيو .. ورغم أن الاتنين اتخطفوا لحساب قوى وأطراف مضادة للثورة فى حقيقة تكوينها وتوجهاتها ، لكن التجربتين دول أكيد سابوا عند كل واحد وواحدة شاركوا فيها خبرات شديدة الأهمية ودروس بالغة الأثر . والأكيد أنه رغم أسباب كتير متداخلة ومركبة أدت للمسار الحالى وبما معناه فشل يناير فى تحقيق أهدافها وطموحات ناسه وأحلام شبابها ، لكن أظن أنه لا يصح إنكار أن جزء من هذه الأسباب كان أخطاء هذا الجيل وبالذات المسيسين فيه . المدهش أن كتير مننا بيعترف بأهمية المراجعات والإعتراف بالأخطاء والتعلم من الدروس اللى فاتت ضمانا لعدم تكرارها ، لكن حتى الآن مفيش تجربة حقيقية واحدة خلقت حوار جاد وعميق ومتنوع ما بين أسماء وأطراف مختلفة لمناقشة المراجعات دى وفين الأخطاء اللى وقعنا فيها كانت إيه تحديدا . طبعا مش المطلوب الوقوف قدام اللى فات ، لكن مطلوب الإستفادة منه للى جاى ، وأى خطوة للمستقبل مطلوب تكون درست كويس الماضى علشان متكررش أخطائه .

بناء تيار حقيقى متماسك وله جذور فى المجتمع منتمى ليناير وأهدافها وحامل رايتها يبدأ فى تقديرى من النقطة دى تحديدا ، بحوار واسع عن تجربتى يناير ويونيو وكل ما ارتبط بهما ، مش بغرض نقول مين كان موقفه صح ومين كان غلط ، لأن الكل بلا إستثناء أخطأ ، البعض فى توجهات أساسية والبعض فى مواقف جزئية ، البعض فى تعامله مع الثورة بإعتبارها هدف فى ذاتها والبعض بتعامله معاها بإعتبارها حاجة مفصولة عن السياسة ، البعض فى أنه تصور أنه يمتلك صكوكها يوزعها على اللى يتفق معها ويمنعها عن اللى يختلف معاه ، والبعض فى أن أولويته دائما كانت تحديد إحنا ضد إيه مش إحنا مع إيه .

 شخصا كنت متصور مع بدايات موجة 30 يونيو أننا استفدنا من أخطاءنا بعد يناير وأن بقى عندنا خبرات أكبر ، وتخيلت أن ده هيساعد فى منع تكرار سيناريوهات ما بعد يناير ، لكن الحقيقة أنه اتضح أن ده مكانش حاصل .. وأسوأ شئ حصل بعد 30 يونيو فى رأيى هو أن الحوار ما بين قطاعات وحساسيات مختلفة فى الجيل ده انقطعت بدرجة كبيرة على خلفية كل حد شايف أن الباقى هو اللى غلطان . وظنى أنه لا تزال الفريضة الأساسية الغائبة هى التنظيم الجامع المعبر عن يناير بمختلف تنوعاتها وألوانها ، وبرؤية عملية ومحددة لإزاى تنفذ أهدافها ، وبصفوف واسعة من المؤمنين بها وببرنامج حد أدنى يوصل لنقطة إنطلاق لدولة مدنية ديمقراطية حديثة ، لكن قبل ده يبدو أن فى مهمة أساسية لا بد منها قبل الخطوة ى ، وهى حوار مصارحة ومكاشفة ومراجعة وتقييم جماعى لشباب وقوى يناير ، الحقيقى مش المتلون والمؤمن بها مش اللى بيستخدم اسمها ، وأملى أن موقع (فكر تانى) يكون خطوة على طريق فتح الباب لهذا الحوار .

تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك