كشك الفتوي

193

فوجئنا بأن وزارة الاوقاف بدأت مبادرة الاسبوع ده بنشر أكشاك للفتوى فى محطات المترو وكان رد فعل الناس ما بين اللى بينتقد بسخرية - وأنا منهم - واللى بيقول: "وماله؟ وفيها إيه؟ م دى حاجة كويسة". أحب اوضح ليه هى مش حاجة كويسة وبالذات فى الوقت والظروف اللى إحنا فيها.

أولا: فيه مبدأ مهم فى الدين الإسلامى إسمه فقه الأولويات. وده معناه إن الواحد لازم يشوف إيه الأهم ويبديه على أى حاجة تانية. وبالبلدى فى الأمثال الشعبية أهالينا زمان قالوا "اللى يجتاجه البيت، يحرم على الجامع". فما ينفعش إن وزارة الأوقاف فى وقت فيه أزمة غلاء شديدة والناس اللى بتركب المترو بالذات بتعانى الأمرين علشان تاكل وتعيش، والدولة ومؤسساتها، بما فيها وزارة الأوقاف، عمالين يطلبوا من الناس تبرعات وزكاة وصدقات للمستشفيات وللمدارس ولتوصيل المياه والصرف الصحي للقرى الفقية ولتحيا مصر وللمشاريع - يعنى تقريبا لكل الخدمات الأساسية - وتكون أولوية الوزارة إنها تصرف فلوس لعمل أكشاك للفتوى فى محطات المترو مع إن خدمة الفتوى دى والحمدلله متوفرة من دار الإفتاء لكل الناس عن طريق الإتصال بالبرامج الدينية المنتشرة بجرعات مكثفة فى كل محطات التليفزيون، وعن طريق رسائل التليفون وبالتليفون وبالبريد أو بالذهاب لدار الأفتاء.

ثانيا: فى الوقت اللى البلد فيه بتعانى من مأساة الفتنة الطائفية وإضطهاد المسيحيين ومشكلة خلط الدين بالسياسة اللى هى السبب فى كل مشاكل المنطقة وهى الأساس لظاهرة التطرف الدينى والإرهاب، وفى وقت الغالبية خايفة من التطرف ومن طمس الهوية المصرية علشان كده نزلوا ضد الإخوان اللى إتهمهم الناس بإنهم هتحكموا فى كل شئ باسم الدين، مع كل الظروف دى أكيد مش مناسب إن الأوقاف تنشر أكشاك للفتوى فى محطات المترو! للإنصاف لو كان ده حصل وقت الإخوان كانت الدنيا قامت وماقعدتش وكانت الناس ماتت من الرعب من إن مصر هيكون فيها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر زى السعودية.

ثالثا: وزارة الأوقاف - وهى من أغنى الوزارات علشان بتملك أراضى وعقارات تساوى المليارات فى مصر والسعودية وتركيا واليونان من أيام اسرة محمد على لما الناس كانت بتوقف أملاك - فى ظل الظروف الإقتصادية الصعبة اللى إحنا فيها، الأولى لوزارة إنها تركز فى حصر الأملاك دى وتنتبه لإدارتها والإستفادة منها وإستثمارها بدل ما هى مهملة وغير مستغلة أو لسه بتأجر قصور وأراضي منها بملاليم ماتساويش إيجار كشك من الأكشاك اللى عملتها للفتوى.

رابعا: الناس الشقيانة اللى بتركب المترو علشان تروح شغلها أو مصالحها أو لدراستها، هتدخل كشك الفتوى علشان تسأل الشيخ وبعدين هتضطر تسيبه وتجري قبل ما يكمل الفتوى علشان تلحق المترو لما يوصل المحطة؟ فتكون النتيجة انه يكون عندنا فتاوى من عينة "ولاتقربوا الصلاة"؟ هل محطة المترو هى المكان المناسب لتقديم الفتاوى؟ الفتوى والإرشاد مكانهم الجوامع والمساجد ودار الإفتاء، والأكشاك لبيع الجرايد والمجلات والسجاير والحلويات مش لتقديم الفتوى 'تيك أواى'.

خامسا: الأولى إن الاوقاف تهتم، بالتعاون مع الازهر الشريف، بتطوير الخطاب الدينى للقضاء على التطرف والعنصرية وإحياء روح وتعاليم الدين الإسلامي الصحيحة اللى بتدعو للمساواة والعدل والرحمة والتسامح والعيش فى سلام مع الناس، والدعوة للعلم والبحث والقراءة لنشر الدين الصحيح اللى كان أول دعوة وكلمة نزلت فى قرآنه هى: "أقرأ" ووصية رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم هى: "إستفت قلبك وان أفتاك الناس وأفتوك".

تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك