ثورة يناير .. أكبر زلزال في حياتي

524


سنين مروا على ثورة يناير، الثورة اللي غيرت كتير، بس للأسف التغيير ده مكنش على صعيد المجتمع والدولة زي ما كنا بنأمل، لكنه كان على صعيدنا الشخصي على حياتنا وإختيارتنا ونظرتنا للأمور، وزي ما فيه حاجات كان التغيير فيها ايجابي فيه حاجات تانيه كان التغيير فيها سلبي لدرجة سيئة جدا.

ثورة يناير لما قامت في عام 2011 كان عندي تقريبا وقتها 22 سنة، روح الشباب والتفاؤل والأمل وبكرة اللي مستنينه كانوا دايما هما اللي بيحركوني، لما قامت الثورة انا كنت وقتها عضو في حركة شباب من أجل العدالة والحرية ، وكانت تجربة المجال العام بالنسبالي جديدة وملهمة ، لكنها كانت بالنسبة لأهلي فضيحة وكارثة، زي كل الأهالي اللي شايفين ان البين عيب انها تخرج في مظاهرات أو تشارك في أي حاجة لها علاقة بالمجال العام.

لكن في الحقيقة انا كنت مصره على خوض التجربة وده بسبب اني كنت رافضه لأوضاع كتير مش بس في إطار النظام والحكم والقبضة الأمنية لن كمان في إطار القيود المجتمعية اللي مع الوقت قررت التخلص منها، ثورة يناير اتسببتلي في حالة من الزلزلة الداخلية كل حاجة جوايا من مفاهيه وأفكار اتغيرت، حتى نظرتي للأمور إتغيرت.

كان أول التغيير بلنسبالي هو مجال عملي، عمل الصحافة كنت استهواه ولكن مكنش عندي المعلومات اكافية اللي تجاوبني على سؤال ابدأ إزاي ومنين،حقيقي انا بدأت شغل صحافة من قبل الثورة عام 2010 بعد مساعدة احد الاصدقاء، لكن الثورة غيرت في طرق تناولي للموضوعات وكمان في طريقة كتابتها، ومع الثورة ومن بعدها بدأت موضوعاتي يحصل فيها تغيير نوعي حتى وصلت لمرحلة أزعم إنها أفضل بمراحل من البدايات.

اشتغلت في الصحافة واتطورت وكملت على الرغم ان مجال تخرجي بعيد تماما عن مجال الصحافة بس حبي للحقايق والتغيير خلاني كملت، وفي الحقيقة مخرجتش بره اطار جرائد المعارضة اللي لحد وقت قريب كانت صوت الشارع ده بل تأميم الاعلام والصحافة لصالح الدولة.

قامت الثورة وعدة الأيام واكتشفت اني أصبحت ناقمة على حاجات كتير وكان فيه اسئلة كتير بتدور جوايا ، واول سؤال كان " أنا ليه لابسه حجاب وأنا عمري ماحبيته ولامقتنعه بيه" وبعد تفكير في الاجابة اكتشفت اني كنت لابسه علشان أرضي العائلة فقط، العائلة اللي كانت طول الوقت شيفاني فرع عوج وسطهم بسبب تصرفاتي اللي هي المشاركة في المجال العام ونزول مظاهرات وهكذا.

لكن في الحقيقة بعد إجابتي على موضوع الحجاب اتأكدت تماما انه مينفعش ادعو الناس للتغيير وانا مش قادرة اغير من مفاهيم حواليا على لااقل ولا قادرة اخد قرار من وجهة نظري ميخصش أي فرد في الحياة غيري، لان الحقيقة انا عديت السن القانوني وأصبحت على درايه كامله بالصح والغلط، ومن هنا قررت اني اخلع الحجاب وفعلا قدرت أعمل كده، لكن الأمر لم يقف عن النقطة ديه ، فأهلي كان ليهم كم من الاعتراضات المهولة، وحاولوا اكتر من مرة انهم يضغطوا عليا لعودتي ارتدي الحجاب تاني لكن اصريت على هذا الأمر، وهما برضه أصبحوا اكثر اصرارا على رأيهم فيا اني الفرع العوج الموجود بالعائلة.

قبل الثورة مكنتش أعرف يعني ايه حرية اصلا ، مش فاهمة الكلمة ولا مستوعباها، كان جوايا رفض لحاجات كتير حوليا بس مكنتش عارفة أحطها في سياقها الصحيح لاني مش عارفه رفضي ده اسمه ايه، لكن في الحقيقة كل ده اتغير كتير بعد الثورة رفضي للأمور بقى على أسس قدرت أعرف أنا عايزة ايه والمفروض اعمل ايه.

الثورة غيرت فيا كتير، خلتني افضل قادرة ارفض واقرر، قادرة اعمل اللي انا شيفاه صح، وخصوصا ان احنا عايشين في مجتمع المرأة فيه عار والمفاهيم فيه مختلطة والعيب فيه محدش عارف هو عيب ليه ، مجتمع فيه كل حاجة وعكسها.

لكن زي ما الثورة غيرت فيا للأحسن هي كمان سابت فيا أثر تغير للأسوأ، وخصوصا مع هزيمة الثورة ، وضياع الأمل والحلم، هزيمة الثورة اتسببتلي في وضع نفسي سيء لحد دلوقتي مش عارفه اتعافى منه، وخصوصا انا فيه كده من أصحابنا وعشرة العمر بقوا ما بين مطاردين اميا واضطروا انهم يهربوا بره البلد، والجزء التاني جوه السجن بتضيع سنين من عمره بسبب حلم، في الحقيقة انا كل الاخبار من حبس وقتل وخراب بتحصل حوالينا، خلت تفكيري كله بينحصر بس في اني لازم أسافر، وبقى الحلم الأفضل بالنسبالي هو اني أسيب البلد وأمشي.

السفر بالنسبالي بقى حلم نفسي احققه وخصوصا بعد التضييق اللي حصل في مجال الصحافة بسبب سيطرة الدولة عليه وأصبح وضعي في العمل طول الوقت على كف عفريت، انا نفسي اربي ابني كويس من غير لادم ولا حبس وتقييد ولا عنف ولا طائفية ولا كره نفس اربيه في نور وحب وأمل، ومبقاش عندي اختيار تاني يعافر يمكن بكره يجي أحسن يا أما اسافر، في النهاية  هفضل شايله في قلبي ليناير كتير من حب وهتفضل هي أهم نقطة تحول في حيات. 


تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك