الفن بعد 23يوليو .. بالأمر المباشر

196

بعد ثورة 23 يوليو ب40 يوم تقدم الرئيس محمد نجيب قائد الثورة ببيان  وجه كلمة فيه للسينمائيين كان عنوانه "الفن الذي نريده"،

جاء فيه: "إن السينما وسيلة من وسائل التثقيف والترفيه وعلينا أن ندرك ذلك، لأنه إذا ما أُسيء استخدامها فإننا سنهوى بأنفسنا إلى الحضيض، وندفع بالشباب إلى الهاوية".


وبعد أقل من شهرين من هذا البيان، نُشر في مجلة الكواكب مقال بعنوان "رسالة إلى الفن"، جاء فيه على لسان محمد نجيب: "يمكننا القول إن الفن كان في مصر قبل ثورة 23 يوليو وربما ما زال حتى الآن، صورة للعهد الذي قامت نهضتنا للقضاء عليه، كانت الميوعة والخلاعة ـ إلا في القليل النادر ـ هي سمات المسرح والسينما والغناء، فما من فيلم إلا وأقحمت عليه راقصة، وإذا كان قد حدث في الماضي فلأنه كان صورة من العهد الذي كنا نعيش فيه، أما اليوم فإننا لا نستطيع أن نقبل من الفن ولا من المشرفين عليه شيئًا من هذا الذي كان يحدث في الماضي".

إلى أي مدى حققت السينما المصرية ما أتي في بيان الرئيس الراحل بعد ثورة 52؟



أول فيلم سياسي يعرض بعد قيا الثورة مباشرة هو "مصطفى كامل" الذى عرض فى 14 نوفمبر 1952، وفي عام 1953م ظهرت جموعة من الأفلام الوطنية، والأفلام التي تناقش القضايا السياسية، والمواجهة بين الحاكم الظالم، وبين الثوار مثل: "أرض الأبطال" لنيازي مصطفى، و"حكم قراقوش" لفطين عبد الوهاب، وفي مايو 1954م عرض أول فيلم عن الإصلاح الزراعي بعنوان "الأرض الطيبة" لمحمود ذي الفقار.


من الأفلام "الله معنا" لأحمد بدرخان، وعرض في 14 مارس 1955م وهو أول فيلم يخرج عن الضباط الأحرار إلى نور السينما، والذي ركز على موضوع الأسلحة الفاسدة، والاتجار بها خلال حرب فلسطين. 


ارتفع متوسط عدد الأفلام الروائية الطويل، خلال السنوات العشر الأولى من عمر الثورة، إلى 60 فيلما فى السنة، وزيادة دد دور العرض إلى 354 دار 1954 .


أحمد بدرخان  نقيب السينمائيين، توجه بخطاب مباشر لمجلس قيادة الثورة لإعلامهم بأهمية دور هذا الفن في نهضة الأمة، فقد أدرك النظام سريعا هذا الدور، فقام بإنشاء مصلحة الإرشاد القومي، ثم وزارة الثقافة، ثم صندوق دعم السينما، الذي تحول إلي مؤسسة السينما بعد التأميم للمؤسسات الاقتصادية.


وبعد ذلك مباشرة بدأت مرحلة جديدة فى علاقة الثورة بالسينما، حيث صدر قرار إنشاء أول مؤسسة عامة للسينما فى مصر والوطن العربى عام  1957، المؤسسة المصرية العامة للسينما، وكانت تهدف إلى رفع المستوى الفني والمهني للسينما، وإقامة أسابيع للفلام المصرية بالخارج، وأسابيع للأفلام الأجنبية في مصر.


وبالتالي وبحسب  ما أشار إليه الكاتب رجائي النقاش، في كتابه"كلمات في الفن"  كان لأبد للسينما المصرية بعد ثورة يوليو  أن تتجهه إلى السينما الإيطالية حيث التعبير عن الواقعية لكن ما حدث، هو استيراد السينما المصرية الأفكار التجارية من السينما الأمريكية فكان إجمال المستورد منها سنويًا 75 % من إجمالي الأعمال.

ورغم أنه من بداية الثلاثينات من القرن الماضي، كانت السينما المصرية دائمًا في خدمة السلطة، ترسخ للوضع القائم، وقتصرت معالجتها لعدد من القضايا بقدر كبير من السطحية وبقصص حب ساذجة، دون مشكلات، فضًلا عن عدد قليل من المخرجين والكتاب  الذين حاولوا التغريد خارج السرب كفيلم "لاشين"، قبل الثورة.


اختلف عدد من النقاد مع وجهة النظر الشاملة لمضمون المحتوى المقدم في الأفلام المصرية قبل ثورة 23يوليو، ورأي أن  ما أتي به قدر كبير من المبالغة، وأنه ليس من الضرورة أن يكون اللواء محمد نجيب قادر على  تقيم السينما المصرية أو تحديد ظواهرها  وتوجهاتها، بالقدر الكافي.


هذا بجانب أن السينما المصرية تحولت إلى  صناعة راسخة بناء على فكر وطني وقومي، اعتبارًا من  تربة استوديو مصر وتحولت إلى صناعة ثقيلة على المستوى الفكري ولا يمكننا أن ننسى أن السينما نشأت وتتطورت  بالتوزي مع نمو الحركة الوطنية ومن أرهاصات ثورة 19 لدستور 22 لمعاهدة 36.

فقد أمتلكت السينما المصرية الشجاعة في مهاجمة النظام الملكي في بعض الأفلام كفيلم لأشين والسخرية من الأستعمار في فيلم شمشون ولبلب والأنتصار لطبقة الفقراء في  فيلم العزيمة وسوق السلاح، وفاطمة.. فضًلا عن أنه قبل الثورة بسنوات قليلة وصلت السينما  لمستوى عالي من الفكر والفن بجانب الجراءة في نقد المجتمع والنظام.


وأنه بين سنتي 48،49 وصلت نسبة الأفلام التى يمكن اعتبارها من الروائع إلى الربع تقريبًا وهو معدل كان يصعب جدًا ونادرًا الوصول إلية، من بينهم فيلم غزل البنات والتعاطف مع المدرس الغلبان التى أعتبرته بنت الباشا ألعوبة يمكن تشكيلها.


تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك