close

خرائط القمع تتّسع… والإفلات من المحاسبة لا يتوقف

في العدد العاشر من نشرة “سطور محذوفة”، ترصد “زاوية ثالثة” خريطة القمع المتسعة في مصر: اعتقالات تعسفية، تدوير سجناء، وفيات في السجون، قمع إعلامي، احتجاجات عمالية، وخصخصة للقطاع الصحي، وسط إفلات تام من المحاسبة.
Picture of زاوية ثالثة

زاوية ثالثة

في العدد العاشر من نشرة سطور محذوفة، نرصد صورة مختلطة من الأحداث الحقوقية والاجتماعية والسياسية، تعكس حالة من التوتر بين المواطنين والسلطات على أكثر من صعيد، شهدت البلاد موجة من الاعتقالات والتحقيقات مع ناشطين وصحفيين ومحامين، ترافقها مطالب دولية بوقف الاحتجاز التعسفي واحترام حقوق الإنسان، بينما استمر تسجيل حالات وفاة داخل السجون وأقسام الشرطة.

في الوقت ذاته، تصدرت الاحتجاجات العمالية وملفات الفقر والممارسات الاقتصادية المشهد الداخلي، حيث يقف عمال البناء على السقالات بلا حماية قانونية، ويجد المواطنون أنفسهم أمام احصائيات رسمية تتعارض مع واقعهم اليومي، في حين شهدت انتخابات الشيوخ إجراءات قسرية وعزوفًا شعبيًا عن المشاركة.

 

إخلاء سبيل مدير البحوث بالمبادرة وناشطين بعد توقيفهم دون أسباب واضحة 

في 27 أغسطس، أخلت نيابة أمن الدولة العليا سبيل كلٍّ من كريم عنارة، مدير البحوث بـ المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والناشطين أحمد خليفة ونائل حسن، في القضية رقم 6592 لسنة 2025 حصر أمن دولة عليا، وذلك بضمان شخصي أو محل الإقامة.

 احتُجز عنارة لأكثر من 12 ساعة بعد توقيفه في الساحل الشمالي، حيث أفادت أسرته بتعرضه للتعصيب والتقييد قبل نقله إلى القاهرة الجديدة. النيابة واجهته باتهامات بينها الانضمام لجماعة إرهابية وإذاعة أخبار كاذبة، على خلفية منشور واحد أعاد مشاركته على “فيسبوك” عام 2023، قبل أن تقرر إخلاء سبيله.

في المساء نفسه، ظهر خليفة وحسن أمام النيابة عقب القبض عليهما فجرًا من منازلهما في الإسكندرية والإسماعيلية. ووجّهت إليهما اتهامات مشابهة، بينها الترويج لأفكار جماعة أُسست على خلاف القانون، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

القضية تمثل خامس مواجهة جنائية للمبادرة المصرية خلال أربع سنوات، بينما يحمل خليفة تاريخًا من الحبس الاحتياطي الطويل الذي عطّل دراسته الجامعية، أما حسن فسبق اعتقاله عام 2017 على خلفية معارضته لاتفاقية تيران وصنافير.

رفاعة الطهطاوي يطالب بتشكيل لجنة تقصّي حقائق دولية بشأن أوضاع سجن بدر (3)

نشر مركز الشهاب لحقوق الإنسان،  مناشدة من السفير محمد رفاعة الطهطاوي، رئيس ديوان رئاسة الجمهورية الأسبق، والمحبوس في قطاع (2) بسجن بدر (3)، أعلن فيها استمراره مع 58 من زملائه في إضراب عن الطعام منذ أكثر من 45 يومًا، احتجاجًا على ما وصفه بـ”انتهاكات جسيمة وحرمان من الحقوق الطبيعية” داخل السجن.

وقال الطهطاوي إن وزارة الداخلية نفت وجود أي إضرابات أو محاولات انتحار بين السجناء، في حين “تجاوز عدد محاولات الانتحار 16 حالة، بعضها وقع داخل قاعات المحاكمة أمام القضاة”، مشيرًا إلى أن بعض المضربين نُقلوا إلى العناية المركزة بعد تدهور أوضاعهم الصحية.

كذلك دعا الطهطاوي إلى تشكيل لجنة تقصّي حقائق دولية لزيارة قطاع (2) ورفع تقرير إلى مفوضية حقوق الإنسان في جنيف، مؤكدًا أن ذلك ينسجم مع التزامات مصر الدولية. واقترح أن يرأسها الدكتور محمد البرادعي، أو عون الخصاونة في حال تعذر ذلك، وأن تضم في عضويتها شكري فؤاد وجورج إسحق، دون علمه بوفاتهما منذ سنوات بسبب عزلة المعتقلين.

إعادة تدوير سجناء سياسيين: جلال البحيري ووائل عبد الغني ضمن القائمة

أكدت منظمات حقوقية مصرية، بينها الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، إعادة تدوير عشرة سجناء سياسيين على ذمة القضية رقم 2369 لسنة 2023 حصر أمن دولة عليا، من بينهم الشاعر جلال البحيري والصحافي وائل عبد الغني. وتشير المنظمات إلى أن هذه الممارسة، المعروفة باسم “التدوير”، باتت شائعة في مصر، حيث يُعاد احتجاز سجناء أنهوا مدد عقوباتهم أو حصلوا على البراءة عبر إدراجهم في قضايا جديدة بنفس التهم تقريبًا، مثل “نشر أخبار كاذبة” أو “الانتماء إلى جماعة محظورة”.

البحيري، الذي قضى عقوبة بالسجن ثلاث سنوات بعد إدانته بـ”إهانة المؤسسة العسكرية” على خلفية قصيدة ساخرة، كان من المفترض أن يُفرج عنه في يوليو 2021، إلا أنه أعيد تدويره في قضايا جديدة ليبقى محتجزًا منذ مارس 2018، ودخل عامه الثامن في السجن. في 19 أغسطس 2025، خضع لتحقيق جديد أمام نيابة أمن الدولة العليا. أما عبد الغني، فقد حصل على حكم بالبراءة في ديسمبر 2023 بعد اعتقاله في سبتمبر من العام نفسه، لكنه أُعيد إدراجه لاحقًا في قضية أخرى بذات التهم، ليبقى في الحبس.

القائمة شملت أيضًا: أحمد عمارة (الغربية)، رجب الجداوي (كفر الشيخ)، أحمد بكر (الجيزة)، محمد الياسرجي، السيد سالم (الشرقية)، عادل بيداري (الشرقية)، إضافة إلى اثنين لم يُكشف عن هويتهما.

المنظمات الحقوقية اعتبرت هذه الممارسات انتهاكًا صارخًا للحق في الحرية والأمان الشخصي، وتجاوزًا للدستور وضمانات المحاكمة العادلة، مؤكدة أن الهدف منها هو إطالة أمد الحبس الاحتياطي والتنكيل بالمعارضين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.

نوصي للقراءة: “في غياهب الجُب”.. استمرار حالات الإخفاء القسري في سيناء

الأمم المتحدة تدعو مصر إلى إنهاء الاحتجاز التعسفي والإفراج عن المعارضين السياسيين

دعت المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة،  الثلاثاء 26 أغسطس 2025، السلطات المصرية إلى وضع حد لاحتجاز وحبس المعارضين السياسيين ومنتقدي الحكومة تعسفيًا ولفترات طويلة، حتى بعد انقضاء مدة العقوبة أو تجاوز الحد الأقصى للحبس الاحتياطي، مطالبة بالإفراج الفوري عن جميع المحتجزين الذين تخطوا هذه المدد.

وأشار البيان الصادر عن المفوض السامي لحقوق الإنسان إلى حالة الشاعر جلال البحيري، الذي ألقي القبض عليه في 3 مارس 2018 بمطار القاهرة على خلفية بلاغ يتهمه بـ”إهانة رئيس الجمهورية”، كذلك أشار البيان إلى استمرار الحبس التعسفي بحق ناشطين بارزين، من بينهم علاء عبد الفتاح، والمحامية هدى عبد المنعم (66 عامًا)، العضو السابق في المجلس القومي لحقوق الإنسان، والمحامي الحقوقي إبراهيم متولي حجازي، مؤسس رابطة أسر المختفين قسريًا.

وأُلقي القبض على المحامية الحقوقية هدى عبد المنعم في نوفمبر 2018، واحتُجزت قسرًا 21 يومًا قبل التحقيق معها في ما عُرف بـ”قضية التنسيقية”.

أُحيلت قضيتها إلى محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ التي قضت بسجنها خمس سنوات مشددًا، يعقبها خمس سنوات مراقبة شرطية. فيما واجهت اتهامات بالانتماء إلى جماعة محظورة وتأسيس كيان حقوقي وتقديم دعم مالي، كما تعرضت لانتهاكات منها الحرمان من الزيارة وإدراجها على قوائم الإرهاب.

وأكدت المفوضية أن هذه الممارسات تتعارض مع التزامات مصر الدولية في مجال حقوق الإنسان، وعلى رأسها حظر الإخفاء القسري والاحتجاز التعسفي، مجددة مطالبتها السلطات المصرية باحترام القانون والإفراج عن جميع من تجاوزوا مدد الحبس الاحتياطي أو أنهوا أحكامهم.

تجديد حبس عرابي والروبي وأشرف عمر دون حضورهم الجلسة

جددت الدائرة الثانية جنايات بدر، الإثنين 25 أغسطس، حبس عدد من المتهمين في قضايا نيابة أمن الدولة العليا، من بينهم أحمد عرابي، وشريف الروبي، ورسام الكاريكاتير أشرف عمر، دون عرض أي منهم على المحكمة رغم طلب محاميهم- من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية- حضورهم عبر تقنية الفيديو كونفرانس من داخل سجن العاشر 6. 

وقضت المحكمة، بتجديد حبس الثلاثة احتياطياً لمدة 45 يوماً، من دون تمكينهم من حقهم في الحضور أو الاستماع لدفاعهم، ودون الالتفات إلى أن عرابي والروبي قد تخطيا المدة القصوى للحبس الاحتياطي المنصوص عليها في المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية.

“إرهاب القاهرة” تقضي ببراءة جميع المتهمين في القضية 145 أمن دولة

قضت الدائرة الثانية إرهاب المنعقدة بمجمع بدر الأمني ومركز الإصلاح والتأهيل ببدر، اليوم، ببراءة جميع المتهمين في القضية رقم 4007 لسنة 2025 جنايات 6 أكتوبر أول، والمقيدة برقم 637 لسنة 2025 كلي أكتوبر، والمعروفة برقم 145 لسنة 2023 حصر أمن الدولة العليا.

وبحسب المفوضية، تضم القضية ستة متهمين، ألقي القبض عليهم في فترات متفرقة، وتعرضوا لاختفاء قسري تجاوز ثلاث سنوات ونصف قبل ظهورهم أمام نيابة أمن الدولة العليا، التي قررت لاحقًا إحالتهم إلى المحاكمة. وكانت النيابة قد وجهت للمتهمين اتهامات بـ”تولي قيادة جماعة إرهابية” و”الانضمام إليها” و”حيازة مطبوعات”، قبل أن تنتهي المحكمة إلى الحكم ببراءتهم جميعًا بعد جلسات استمرت لأشهر.

استدعاء لينا عطا الله للتحقيق أمام نيابة أمن الدولة بعد نشر تقرير عن سجن بدر (3)

استدعت نيابة أمن الدولة العليا، يوم الاثنين 4 أغسطس 2025، الصحفية لينا عطا الله، رئيسة تحرير موقع مدى مصر، للتحقيق في القضية رقم 6182 لسنة 2025 أمن دولة عليا، وذلك بعد يومين من نشر الموقع تقريرًا استقصائيًا حول أوضاع الاحتجاز والانتهاكات الحقوقية في سجن بدر 3، تضمن رسالة مسربة منسوبة إلى نائب محافظ الإسكندرية الأسبق حسن البرنس.

 

وكانت وزارة الداخلية قد أصدرت بيانًا في أعقاب التقرير زعمت فيه أن الرسالة “مفبركة”، وأعلنت اعتزامها اتخاذ “إجراءات قانونية” ضد من وصفتهم بـ”مروّجيها”، في خطوة أثارت مخاوف واسعة من استغلال الأدوات الأمنية والقضائية لإسكات الصحافة الاستقصائية. وخلال الجلسة رفضت النيابة السماح للصحفية إيمان عوف، ممثلة نقابة الصحفيين، بحضور الجلسة، في ما اعتبره حقوقيون انتهاكًا صريحًا لحق عطا الله في التمثيل النقابي والدعم المهني، ومؤشرًا على توجه مقلق لتقييد أدوار النقابات المهنية في حماية الصحفيين.

ودعت عددًا من المنظمات الحقوقية السلطات المصرية إلى:” إسقاط جميع القضايا المفتوحة ضد لينا عطا الله وصحفيات وصحفيي مدى مصر فورًا، ووقف أية ملاحقات جديدة بحقهم، ووقف استخدام نيابة أمن الدولة العليا وأدوات مكافحة الإرهاب في التعامل مع قضايا الصحافة والنشر. 

كذلك طالبت برفع الحجب المفروض على المواقع الثلاثة المستقلة المحجوبة مثل زاوية ثالثة ومدى مصر والمنصة، وضمان حرية الوصول إلى المحتوى الإعلامي المستقل، وشددت على ضرورة  الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الصحفيين المحتجزين بسبب عملهم، ومراجعة القضايا المقامة ضدهم لضمان امتثالها للمعايير الدولية، ووقف إدراج الصحفيين في الخارج ضمن قوائم الإرهاب، والكف عن ممارسات القمع العابر للحدود، كذلك دعت إلى ضمان تمكين النقابات المهنية من أداء دورها في حماية الصحفيين والدفاع عن استقلالهم.”

 

منظمات حقوقية تستنكر استمرار الإخفاء القسري للشاعر عبد الرحمن القرضاوي 

أعربت منظمات حقوقية عن قلق بالغ إزاء استمرار الإخفاء القسري للشاعر والمعارض السياسي المصري-التركي عبد الرحمن يوسف القرضاوي، الذي مضى على اختفائه أكثر من 200 يوم، منذ اعتقاله في لبنان بتاريخ 28 ديسمبر 2024، وترحيله قسرًا إلى دولة الإمارات في 8 يناير 2025، في انتهاك صارخ لمبدأ عدم الإعادة القسرية والالتزامات الدولية ذات الصلة.

تم ترحيل القرضاوي من لبنان بناءً على طلب إماراتي اتُهم فيه بـ”نشر أخبار كاذبة” و”الإخلال بالأمن العام” بعد نشره انتقادات للسلطات المصرية والإماراتية والسعودية، وكان آخر تواصل له مع أسرته في مارس 2025 داخل منشأة احتجاز غير رسمية بأبو ظبي. وطالبت المنظمات الحقوقية بالكشف عن مكانه وضمان حقه في التواصل مع أسرته ومحاميه، وحملت السلطات اللبنانية مسؤولية ترحيله وانتهاك حقوقه.

التحقيق مع المحامية الحقوقية ماهينور المصري

أخلت نيابة أمن الدولة العليا سبيل المحامية الحقوقية ماهينور المصري بكفالة خمسين ألف جنيه (نحو ألف دولار)، على ذمة القضية رقم 6322 لسنة 2025 حصر أمن الدولة العليا، بعد اتهامها  بإذاعة أخبار وبيانات وشائعات كاذبة خارج وداخل مصر “من شأنها الإضرار بالمصلحة العامة وإضعاف هيبة الدولة”. 

استمر التحقيق مع ماهينور لأكثر من ست ساعات، وأبلغت النيابة ماهينور وفريق دفاعها أن عددًا من المواطنين من محافظات مختلفة حرروا ضدها 13 بلاغًا،  فيما أوضحت النيابة خلال التحقيق أن التحريات بشأن البلاغات المذكورة أثبتت “صحة الواقعة” والتي تتمحور حول استخدام المصري “حسابًا على مواقع التواصل الاجتماعي للإسقاط على مؤسسات الدولة وغياب العدالة”. 

منذ 2019 تواجه المحامية الحقوقية ماهينور المصري سلسلة من القضايا أمام نيابة أمن الدولة العليا، بدأت بالقضية 488 ثم 855، قبل إخلاء سبيلها في 2021. في أبريل 2024 أُلقي القبض عليها مجددًا مع ناشطات نسويات أثناء وقفة تضامنية مع فلسطين والسودان، وأُخلي سبيلها بكفالة على ذمة القضية 1567. ومؤخرًا تلقت أسرتها إخطارًا بإدراجها متهمة في القضية الرابعة منذ 2019، واستدعائها للتحقيق مجددًا.

إطلاق سراح المحامي رامي عبدالمنعم بعد احتجازه بمركز شرطة البدرشين

أُفرج في 7 أغسطس، عن المحامي رامي عبدالمنعم علي مصطفى، بعد احتجازه في مركز شرطة البدرشين رغم صدور قرار بالعفو عنه منذ أواخر يوليو الماضي، لأسباب صحية طارئة تتعلق بعضلة القلب، وذلك تمهيدًا لنقله إلى قسم شرطة حلوان لإتمام إجراءات الإفراج- وفقًا للمحامي أحمد فؤاد أبوحنيش. 

وأوضح أبو حنيش أن  رامي عبد المنعم قد ظل محتجزًا لفترة غير محددة داخل حجز مركز شرطة البدرشين، وفقًا لشهادات زملائه، رغم صدور قرار العفو بحقه، ما يُعد مخالفة صريحة للقانون ويعرض حياته للخطر. وأفاد محامون وزملاء أن إدارة المركز أخرت تنفيذ القرار بشكل متكرر، بحجة مواقف شخصية من مأمور القسم، رغم تواصلهم مع القيادات الأمنية والنقابية دون جدوى. وجاء الإفراج عن المحامي بعد سلسلة من التحديثات المتتالية من زملائه، تضمنت نقله أولًا إلى تخشيبة الجيزة، ثم إلى قسم حلوان، قبل أن يُسمح له بالعودة إلى منزله صباح اليوم، وسط حالة من الارتياح بين زملائه وعائلته.

وفاة مواطن سوداني داخل قسم الأهرام بالجيزة بعد 21 يومًا من الاحتجاز

توفي المواطن السوداني مجاهد عادل محمد أحمد داخل قسم شرطة الأهرام بمحافظة الجيزة، متأثرًا بمضاعفات مرض السكري، بعد احتجازه لمدة 21 يومًا، وفق ما أكدته أسرته، وهو من أبناء مدينة دنقلا، ويعمل موظفًا بمطار الخرطوم، كان قد وصل إلى مصر لمرافقة والده المريض بالسكري قبل وفاته. وكانت السلطات المصرية تنوي ترحيله إلى السودان، فيما فشلت محاولات ذويه للإفراج عنه لتمكينه من تلقي العلاج.

وفاة محتجزين داخل قسم شرطة المنشية بالإسكندرية وسط اتهامات بالتعذيب والإهمال الطبي

رصدت لجنة العدالة وفاة محتجزَين داخل قسم شرطة المنشية بمدينة الإسكندرية يوم 16 أغسطس 2025، في ظروف وصفتها بـ”المأساوية”، نتيجة التعذيب والإهمال الطبي، إضافة إلى الازدحام الشديد وارتفاع درجات الحرارة داخل غرف الاحتجاز.

ووفقًا للمحامي محمد رمضان، فقد توفي المحتجز رمضان السيد حسن بعد تعرضه للتعذيب على أيدي ضباط القسم، الذين تناوبوا الاعتداء عليه بالضرب لإجباره على الإدلاء بمكان شقيقه المطلوب القبض عليه. كما توفي المحتجز الثاني، ويدعى محمد أحمد سعد، أثناء قضائه حكمًا بالحبس ستة أشهر في قضية تعاطي مواد مخدرة، حيث أصيب بحمى شديدة وإعياء نُقل على إثرها إلى المستشفى، قبل إعادته إلى القسم مجددًا حيث تدهورت حالته ولفظ أنفاسه الأخيرة.

وأوضحت لجنة العدالة أن حرمان المحتجزين في مصر من حقوقهم الأساسية، وتجاهل أوضاع الاحتجاز المأساوية خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة، يمثل انتهاكًا صارخًا للدستور والمواثيق الدولية التي التزمت بها مصر.

وطالبت اللجنة بفتح تحقيقات مستقلة وشفافة حول ملابسات الوفاتين ومحاسبة المسؤولين، إلى جانب إصدار قانون شامل يجرم التعذيب بشكل صريح بما يتماشى مع اتفاقية مناهضة التعذيب التي وقعت عليها مصر. كما دعت إلى إنشاء آلية رقابة مستقلة على أماكن الاحتجاز لتحسين ظروفها وضمان عدم تكرار مثل هذه الحالات.

وبحسب بيانات اللجنة، فقد ارتفع عدد الوفيات داخل السجون وأماكن الاحتجاز في مصر منذ بداية عام 2025 إلى 37 حالة وفاة، وذلك بعد توثيقها 50 حالة وفاة خلال عام 2024.

وكانت “زاوية ثالثة”  قد وثقت 24 حالة وفاة داخل عدد من أقسام الشرطة في محافظات مختلفة في الفترة من يناير 2024 وحتى يونيو 2025. بخلاف الواقعة التي شهدتها مدينة بلقاس في 27 يوليو الماضي.

من جهتها قالت الباحثة الحقوقية سارة حمزة في تصريح إلى زاوية ثالثة أن السلطات المصرية لم تتخذ أي إجراءات جادة لوقف ظاهرة الموت داخل أماكن الاحتجاز، مشيرة إلى غياب مساءلة شفافة أو تحقيقات مستقلة في الغالبية العظمى من الحالات، حتى في حالات الوفاة الناتجة عن اعتداءات بين المحتجزين، حيث تبقى وزارة الداخلية مسؤولة قانونيًا عن سلامة النزلاء.

وتوضح سارة أن تكرار هذه الوفيات يعكس خللًا هيكليًا في نظام إدارة الاحتجاز، وغياب أي رقابة مستقلة أو إصلاح جذري، مؤكدة أن أقسام الشرطة مغلقة أمام زيارات منظمات المجتمع المدني ولا توجد آليات رقابية فعالة للتحقق من ملاءمة هذه الأماكن.

خدش الحياء وقيم الأسرة

في الثاني من أغسطس 2025، بدأت الحكومة المصرية حملة أمنية ضد صانعات محتوى على مواقع التواصل، خاصة تيك توك، بتهم “خدش الحياء” و”الاعتداء على قيم الأسرة المصرية”، استنادًا لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات (175 لسنة 2018).

ورقة بحثية لمؤسسة المرأة الجديدة بعنوان “تأملات ومعاني في دليل البلوجر المثالي” رصدت الحملة، مشيرة إلى غموض مفاهيم “الأخلاق المجتمعية” وكيف يُستَخدم القانون لاستهداف النساء أكثر من الرجال، حتى في حالات الدفاع عن النفس، مثل توثيق الاعتداءات.

تسعى الورقة من خلال هذه التحليلات إلى طرح إشكاليات تشريعية وجندرية عميقة، تتعلق بأساسيات العدالة الجنائية والمجتمعية، كما تبرز الحاجة إلى إعادة النظر في مفاهيم الجرائم الإلكترونية ومفاهيم “الأخلاق” كأساس لتبرير الإجراءات الأمنية، بعيدًا عن تحيّزات ثقافية أو تمييزية تجاه النساء.

مؤسسة بنت النيل أكدت أن هذه التهم مطاطة وغير واضحة قانونيًا، وغالبًا ما تُستخدم للسيطرة على النساء ومراقبة حياتهن العامة والخاصة، خاصة اللواتي يخرجن عن الصور النمطية. وأشارت إلى أن مصطلح “قيم الأسرة المصرية” يفتقر لتعريف دقيق، ما يضعف أساس المساءلة القانونية.

وختمت المؤسسة بالتأكيد على ضرورة حماية حرية التعبير وحقوق النساء، وضمان وضوح النصوص القانونية بما يتوافق مع الدستور المصري ومعايير العدالة والمساواة.

في حديثه إلى زاوية ثالثة، يرى المحامي الحقوقي حليم حنيش أن الحملة الأخيرة تكشف عن أزمة أعمق في العقلية الأمنية والسياسية للدولة، موضحًا: أن الدولة ترى الحل الوحيد في مواجهة كل وأي شيء في القبضة الأمنية.

وينتقد حنيش غياب معيار قانوني محدد لمفاهيم مثل “الحياء” و”القيم الأسرية”، وهو ما يفتح الباب أمام تأويلات اجتماعية متباينة: “قد يُعد المحتوى مسيئًا في مدينة، بينما لا يُعتبر كذلك في أخرى، وهو ما يعكس هشاشة الأساس القانوني لهذه الاتهامات.” ويختم حنيش بالإشارة إلى أن حملات التحريض والبلاغات لا تجري بمعزل عن غيرها، بل تقودها في الغالب المجموعات نفسها التي تهاجم اللاجئين والمعارضين وتتبنى خطابًا طائفيًا.

 

نوصي للقراءة: الداخلية تشهر سيف “الأخلاق” في وجه “التيكتوكرز

احتجاجات عمالية وتسويات حكومية

في أغسطس 2025، تداخلت مشاهد الاحتجاجات العمالية في مصر مع تحركات حكومية لتعزيز حقوق العمال، في شهر حمل مزيجًا من الاعتصامات، التسويات الودية، وإجراءات تشريعية جديدة.

في مدينة شبرا الخيمة، قاد أكثر من ألف عامل بشركة “مصر تايوان” للملابس الجاهزة اعتصامًا واسعًا على خلفية تأخر صرف رواتبهم، المرتبطة بشهري سبتمبر وأكتوبر، في واحد من أبرز التحركات العمالية التي لفتت الأنظار. وفي الإسكندرية، تمكن عمال “العامرية للغزل” من تعليق إضرابهم بعد مفاوضات انتهت بحصولهم على أجر أيام الإضراب كاملة بتاريخ 14 أغسطس، ما عُدّ انتصارًا لهم في مواجهة إدارة الشركة.

أما في محافظة الدقهلية، فقد شهدت مدينة شربين تسوية ودية لنزاع عمالي، بعد حصول عاملة على تعويض يتجاوز 200 ألف جنيه عقب تقديمها شكوى فصل تعسفي، في مؤشر على حضور المسارات القانونية والودية لحل النزاعات الفردية.

في موازاة ذلك، كثّفت وزارة العمل أنشطتها الميدانية خلال الشهر، حيث أطلقت ندوات توعوية في عشر محافظات، إلى جانب تحديث بيانات اللجان النقابية وتنفيذ حملات تفتيش داخل مواقع العمل، بهدف ضمان حقوق العمال وتعزيز معايير السلامة المهنية. كما أعلنت الوزارة عن إصدار 87 قرارًا تنفيذيًا مكمّلًا لقانون العمل الجديد 2025، المقرر دخوله حيز التنفيذ في سبتمبر المقبل، بما يحمله من بنود تسعى لحماية حقوق العمال وتحسين بيئة العمل.

 

أعمار على السقالات.. وحقوق على الورق

وثق تقرير نشرته زاوية ثالثة معاناة آلاف عمال البناء في مصر، ممن يقفون يوميًا على السقالات تحت شمس قاسية أو برد قارس، بلا مظلة قانونية تضمن حقوقهم، أو حماية فعلية تقيهم من السقوط والخطر. أحمد عبد الحميد، 42 عامًا –اسم مستعار بناءً على طلبه– واحد من هؤلاء، يتنقل بين الورش والمشروعات في القاهرة الكبرى منذ سنوات، بنظام اليومية، دون عقد أو تأمين صحي، يعمل حتى ساعات متأخرة من الليل لقاء أجر بالكاد يكفي للمعيشة والمواصلات.

أوضاع عبد الحميد ليست استثناءً، بل صورة متكررة لقطاع يضم مئات الآلاف من العمالة غير المنتظمة، وفق تعريف قانون العمل الجديد رقم 14 لسنة 2025، الذي يضع عمال البناء ضمن الفئات الأكثر هشاشة إلى جانب الباعة الجائلين وموزعي الصحف. ورغم تقديرات وزارة العمل بوجود نحو 1.1 مليون عامل غير منتظم، تذهب تقديرات نقابية وأممية إلى أرقام مضاعفة تتجاوز 12 مليونًا، أي أكثر من نصف القوة العاملة في مصر داخل القطاع غير الرسمي.

المعضلة تتعمق أكثر مع ملف التأمينات الاجتماعية. فبحسب كمال عباس، المنسق العام لدار الخدمات النقابية والعمالية، تُحصّل اشتراكات تأمينية كشرط للحصول على تراخيص البناء، لكن بأسماء وهمية أو لعمال غير موجودين على أرض الواقع، فيما يبقى العامل الحقيقي على السقالة خارج المظلة. ويضيف: “المفتشون لا يزورون مواقع العمل، البيانات تُؤخذ من الشركات، لكن الميدان مختلف تمامًا”. هذه الفجوة بين النص القانوني والممارسة تُبقي ملايين العمال بلا حماية حقيقية، رغم أن المادة 17 من الدستور تنص بوضوح على حق كل مواطن في التأمين الاجتماعي.

في المقابل، حاولت الدولة منذ 2018 إدماج عمال البناء في منظومة التأمين الصحي الشامل، عبر قرارات وزارية بضم فئات المقاولات والتشييد والمحاجر. إلا أن غياب قاعدة بيانات دقيقة، وضعف التنسيق بين الوزارات، أبقى كثيرًا منهم خارج التغطية. 

القانون الجديد لعام 2025 خصص مواد واضحة لحصر العمالة غير المنتظمة، وإنشاء صندوق مستقل لتقديم إعانات طارئة وخدمات اجتماعية وصحية لهم. لكن الباحث العمالي حسن البربري يشير إلى أن المشكلة ليست في النصوص، بل في غياب آليات التطبيق، حيث يظل قطاع البناء إلى حد كبير خارج الإطار الرسمي. ويستشهد بمشهد من الميدان: “في عزّ أغسطس، كان عمال يطلون سور جامعة القاهرة دون أي وسيلة وقاية، يضعون كراتين على رؤوسهم اتقاءً للشمس”.

 

الفقر بين الأرقام الرسمية والواقع المعيشي

شهد الشهر جدلًا واسعًا حول بيانات الفقر في مصر، بعدما اتهم النائب د. فريدي البياضي الحكومة بـ”التلاعب في الأرقام” عبر حذف مؤشر الفقر النقدي لأول مرة منذ نصف قرن، والاكتفاء بمؤشر “الفقر متعدد الأبعاد” الأقل دقة في التعبير عن الواقع المعيشي.

البياضي أكد في بيان حصلت زاوية ثالثة على نسخة منه أن ذلك يمثل مخالفة صريحة للدستور، وخاصة المواد (68، 27، 8)، معتبرًا أن إدخال الدعم النقدي والعيني في حساب الدخل يخفض النسبة المعلنة للفقر بشكل مصطنع. وتزامن هذا مع تقديرات مستقلة رفعت نسبة الفقر النقدي إلى نحو 35.7% في 2023، ما يكشف فجوة واسعة بين الأرقام الرسمية وتجارب المواطنين اليومية.

وكان البنك المركزي خفض أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس ليصل سعر الإيداع إلى 23% والإقراض إلى 24%، بعد تراجع التضخم السنوي إلى 13.9% في يوليو. ورغم أن الخطوة تعكس تحسنًا نسبيًا، إلا أن الضغوط المعيشية ما زالت مستمرة، وسط مخاوف من أن خفض الفائدة يخدم احتياجات الحكومة التمويلية أكثر من تخفيف أعباء المواطنين.

 

نوصي للقراءة: زيادة الحد الأدنى للأجور في مصر.. بين الأرقام والواقع المعيشي

انتخابات الشيوخ في مصر: حشود قسرية ومشاهد عزوف

على مدار يومي الرابع والخامس من أغسطس، جرت انتخابات مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، وسط مشهد مألوف: لافتات حزبية تسيطر على محيط اللجان، تصريحات رسمية عن “إقبال كثيف”، وتغطيات إعلامية تؤكد على “العرس الديمقراطي”، بينما تعكس الوقائع الميدانية صورة مغايرة، يتصدرها العزوف الشعبي والتكرار النمطي لسيناريوهات انتخابية فقدت زخمها منذ أعوام.

رصدت تقارير ميدانية حالات حشد منظم في سوهاج، الإسكندرية، بورسعيد، والدقهلية، بمشاركة جهات حكومية ودينية وتعليمية، في مقابل دعوات مقاطعة لاقت صدى واسعًا في مطروح احتجاجًا على قضايا محلية. وأصدرت أحزاب معارضة بيانات توثق التجاوزات، مثل تأخر فتح اللجان، غياب الحبر الفسفوري، والدعاية داخل اللجان، واعتبرت أن الانتهاكات تقوّض نزاهة العملية الانتخابية.

المشهد السياسي العام اتسم بالانغلاق؛ فمجلس الشيوخ يضم 300 عضوًا، ثلثهم بالتعيين الرئاسي، و200 بالانتخاب وفق نظام القائمة المغلقة المطلقة، وهو ما يمنح القوائم الموالية السيطرة الكاملة. “القائمة الوطنية من أجل مصر” احتكرت الترشح بنظام القوائم، ما جعل المنافسة شكلية، بينما قاطعت الحركة المدنية الديمقراطية الانتخابات رفضًا للنظام الانتخابي القائم وغياب الضمانات.

خبراء وسياسيون وصفوا الانتخابات بـ”الهزلية”، معتبرين أنها تخلو من مضمون ديمقراطي حقيقي وأن نتائجها محسومة مسبقًا، مع استمرار السلطة في استخدام مؤسسات الدولة للحشد، وتحويل العملية الانتخابية إلى واجهة شكلية لتجميل المشهد السياسي دون تأثير فعلي على موازين السلطة أو تمثيل المجتمع.

 

نوصي للقراءة: 70 مليون للمقعد: من يشتري طريقه إلى برلمان مصر؟

خصخصة الصحة

تتجه وزارة الصحة المصرية لطرح نحو 40 منشأة صحية أمام القطاع الخاص خلال الأشهر المقبلة، استنادًا إلى القانون رقم 87 لسنة 2024، الذي ينظم منح التزام إدارة وتشغيل المستشفيات الحكومية للقطاع الخاص. تشمل هذه الخطوة مستشفيات قائمة وأخرى قيد الإنشاء، وتأتي في إطار توجه أوسع لتعزيز دور القطاع الخاص في الخدمات العامة. وبينما تبرر الحكومة القرار بأنه يهدف إلى تحسين جودة الرعاية الصحية وتخفيف العبء المالي عن الموازنة، يثير الإجراء جدلًا واسعًا ومخاوف من تقليص فرص محدودي الدخل في الحصول على العلاج المجاني أو المدعوم. 

القانون الجديد يتيح إبرام عقود التزام مع شركات محلية وأجنبية لإنشاء وتشغيل وتطوير المستشفيات العامة لفترات تصل إلى 15 عامًا، مع استثناء مراكز الرعاية الأولية وصحة الأسرة، بالإضافة إلى أنشطة الدم والبلازما. ورغم النص على استمرار الرقابة الحكومية، يرى منتقدون أن الضمانات غير كافية لحماية حق المواطنين في خدمات صحية ميسّرة. في المقابل، تقدّم المحامي خالد علي بدعوى قضائية للطعن على القانون، معتبرًا أنه يمسّ الحق الدستوري في الصحة ويعزز منطق الخصخصة على حساب العدالة الاجتماعية. 

تتزامن هذه الخطط مع توسع رسمي في المبادرات الصحية خلال السنوات الماضية، مثل التأمين الصحي الشامل وحملات “100 يوم صحة” و“100 مليون صحة”، التي وفرت ملايين الخدمات الطبية المجانية. لكن خبراء يشيرون إلى أن هذه المبادرات مؤقتة ولا تعالج أزمات هيكلية مثل نقص الكوادر الطبية، تهالك البنية التحتية، وضعف التمويل. ورغم زيادة عدد المستشفيات الحكومية والجامعية، يبقى الإنفاق الحكومي على الصحة أقل بكثير من النسبة الدستورية (3% من الناتج المحلي)، إذ لم يتجاوز 1.17% في موازنة 2024/2025، مع اعتماد مفرط على إنفاق الأسر المباشر بنسبة 71%.

إلى جانب ضعف التمويل، تواجه المنظومة أزمة في الموارد البشرية نتيجة هجرة واسعة للأطباء بسبب تدني الأجور وضعف بيئة العمل، ما أدى إلى انخفاض معدلات توافر الأسرة والأطباء مقارنة بالمعايير الدولية. ويرى خبراء أن خصخصة المستشفيات لن تعالج هذه الأزمة بل قد تفاقمها، عبر تقليص الخدمات المجانية وتسريح العاملين، بما يحول المستشفيات العامة تدريجيًا إلى كيانات ربحية تخضع لمنطق السوق.

كما يثير دخول شركات أجنبية واستثمارات دولية واسعة في القطاع الصحي مخاوف إضافية من تحويل الرعاية الصحية إلى نشاط تجاري بحت. ويحذر باحثون من غياب الشفافية وضعف الرقابة في عقود التخصيص، ما قد يؤدي إلى تراجع الخدمات المقدمة للفئات الأشد احتياجًا. ويؤكد خبراء الصحة العامة أن الأزمة الحقيقية تكمن في ضعف الإنفاق العام وتآكل البنية الصحية، وأن أي إصلاح جاد يجب أن ينطلق من تعزيز مسؤولية الدولة في تمويل وتأمين الرعاية الصحية لجميع المواطنين بعيدًا عن منطق الربحية.

نوصي للقراءة: خصخصة الصحة: مستثمر يفوز.. حكومة تربح ومواطنون خارج اللعبة

نزاعات نزع الملكية: محور دار السلام نموذجًا

في قلب قرية أولاد خلف بسوهاج، وجدت أسرة محمد شيبة، ومعها نحو عشرين أسرة أخرى، نفسها بلا مأوى منذ عامين بعد إزالة منازلهم لصالح تنفيذ محور الدكتور محمد سيد طنطاوي (دار السلام)، وهو مشروع قومي بطول 28 كيلومترًا يربط بين سوهاج وقنا. التعويضات التي صرفتها الدولة لم تفِ بقيمة الممتلكات الفعلية، في ظل ارتفاع أسعار الأراضي والمساكن، وعدم توفير بدائل سكنية مناسبة، ما دفع بعض الأسر للعيش في أكواخ من البوص بلا خدمات أساسية.

الأزمة لا تتوقف عند حدود سوهاج؛ ففي يوليو 2025 صدر قرار جديد بنزع ملكية 194 عقارًا بمحافظة قنا لصالح المحور نفسه، بعد تعذر الاتفاق مع الملاك، ليتواصل مسلسل النزاعات حول قيمة التعويضات وغياب التراخيص البديلة للبناء. وفي الدقهلية أيضًا، صدرت قرارات مماثلة لنزع ملكية 85 عقارًا ضمن تطوير طريق المنصورة – جمصة.

الأهالي يؤكدون أن ما صُرف لهم لا يغطي حتى نصف قيمة الأراضي أو المباني المزالة، فضلًا عن تعطل الوعود الرسمية بمنح تراخيص بناء على أراضٍ بديلة. نواب البرلمان انقسموا: بعضهم وصف التعويضات بـ”المجزية”، وآخرون أقرّوا بأن الملف ما زال معلقًا بين وزارة الزراعة والجهات التنفيذية. بينما يرى مختصون أن المشكلة تتجاوز التعويض المالي لتصل إلى غياب آلية قانونية واضحة تعترف بالضرر الاجتماعي والاقتصادي الناتج عن نزع الملكية.

منذ 2014، تسارعت قرارات نزع الملكية باعتبارها أداة حكومية لإنشاء محاور مرورية ومشروعات سكنية، لكن خبراء العمران يرون أن هذه السياسات تهدد النسيج الاجتماعي وتفتقر إلى رؤية تخطيطية شاملة. يشيرون إلى فجوة كبيرة بين قيمة التعويضات وأسعار السوق، وإلى أن مفهوم “المنفعة العامة” يُستخدم بشكل فضفاض، ما يضع المواطنين أمام واقع قاسٍ: خسارة منازلهم وأراضيهم مقابل مقابل مالي محدود لا يتيح لهم العودة إلى نفس المستوى المعيشي.

نوصي للقراءة: سوهاج – محور دار السلام: من منازل العمر إلى أكواخ البوص

“ألفيوفاكت”: حقنة الحياة الغائبة.. أطفال مبتسرون يواجهون الموت في حضّانات مصر

في مصر، يواجه آلاف الأطفال المبتسرين أزمة متكررة بسبب نقص حقنة ألفيوفاكت، الدواء المنقذ لعلاج متلازمة الضائقة التنفسية الناتجة عن عدم اكتمال نمو الرئة. وعلى الرغم من أن الحقنة تُصنف كعلاج أساسي داخل الحضّانات، فإن الحصول عليها يظل تحديًا يوميًا للأمهات، إذ تختفي غالبًا من المستشفيات الحكومية، ويُطلب من الأسر تدبيرها عبر السوق الخاصة بأسعار باهظة تتجاوز 7 آلاف جنيه للجرعة الواحدة.

الإحصاءات تعكس حجم المأساة: نحو 1.9 مليون طفل يولدون سنويًا في مصر، ومن بينهم ما يُقدّر بعشرات الآلاف من المبتسرين. وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن المضاعفات الناتجة عن الولادة المبكرة تمثل 20% من وفيات الأطفال دون الخامسة في البلاد. في هذا السياق، يصبح نقص ألفيوفاكت عاملًا مضاعفًا للخطر، خصوصًا أن الدواء لا يملك بدائل محلية أو جنيسة، ويُستورد بتكلفة حساسة لسعر الصرف والسياسات الجمركية.

القفزات السعرية الحادة فاقمت الأزمة: من نحو 4,400 جنيه قبل سنوات قليلة، إلى أكثر من 7,400 جنيه في 2024، بل وصل في السوق السوداء إلى 12 ألف جنيه للحقنة الواحدة. هذا الارتفاع وضع الأسر أمام معادلة قاسية بين إنقاذ حياة الرضيع أو الانهيار المالي، بينما تفاوت الأسعار بين المستشفيات الحكومية والقطاع الخاص أثار تساؤلات حول عدالة التوزيع والرقابة.

ورغم إدراك وزارة الصحة وهيئة الدواء لأهمية العقار، ظلت الردود الرسمية غامضة أو صامتة. شهادات أطباء وذوي أطفال من مستشفيات كبرى –مثل الدمرداش، الشاطبي، المنصورة الدولي، وأسيوط الجامعي– كشفت عن وفيات فعلية نتيجة غياب الدواء. وفي بعض الحالات اضطرت أسر إلى نقل أطفالها مئات الكيلومترات بحثًا عن الحقنة، أو اللجوء إلى وسطاء غير قانونيين لتأمينها.

 

 للاطلاع على التقرير على منصة زاوية ثالثة: “ألفيوفاكت”: حقنة الحياة الغائبة.. أطفال مبتسرون يواجهون الموت في حضّانات مصر

تعديل قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

وافق مجلس الوزراء على مشروع تعديل بعض أحكام قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2018، شمل تعريف الشخص ذي الإعاقة، وتحديد إعفاء السيارات ووسائل النقل الخاصة بذوي الإعاقة من الضريبة الجمركية وضريبة القيمة المضافة لشخص واحد كل 15 عامًا، مع شروط صارمة حول ملكية السيارة واستخدامها وعدم التصرف فيها خلال خمس سنوات، ومحاسبة الورثة عند الوفاة. كما شددت التعديلات العقوبات على التزوير أو تقديم بيانات غير صحيحة للاستفادة من الحقوق والمزايا، لتصل إلى السجن عشر سنوات وغرامات تصل إلى 200 ألف جنيه.

ورغم ذلك، انتقد حقوقيون التعديلات لمبالغتها في العقوبات، وعدم معالجتها المشكلات الفعلية للأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم، مثل صعوبة التسجيل للحصول على بطاقة الخدمات المتكاملة وقلة أعداد البطاقات، إضافة إلى غياب الحوار المجتمعي والمشاركة مع ممثلي ذوي الإعاقة والمجلس القومي لهم في صياغة هذه التعديلات، واعتبروا توقيت إقرارها غير مناسب، خاصة مع قرب نهاية دور الانعقاد البرلماني واستعداد الحكومة لمراجعة التزاماتها الدولية أمام لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

 

نوصي للقراءة: جرافات التنمية تقتحم حي الريسة في العريش

 

تعيين خريجات الحقوق بمجلس الدولة خطوة تاريخية نحو المساواة بين الجنسين 

أكدت النيابة الإدارية حرصها على دعم وتمكين الكفاءات النسائية ضمن صفوفها، تنفيذًا لتوجيهات رئيس الهيئة والمجلس الأعلى للنيابة، بما ينسجم مع استراتيجية تمكين المرأة المصرية 2030. وتولت المستشارة يارا عنبة الإشراف القضائي على الجمعية العمومية لنادي “ورش سكك حديد أبو زعبل”، لتصبح أول سيدة تنتدب لهذه المهمة، في خطوة تعكس تبني النيابة لمعياري الكفاءة والجدارة دون تمييز، فيما تجاوز تمثيل المرأة بين أعضائها 42%. كما شاركت عضوات النيابة في الإشراف على انتخابات مجلس الشيوخ، مساهمات في ضمان نزاهة العملية الانتخابية.

من جانبها، اعتبرت مبادرة “المنصة حقها” أن القرار الجمهوري رقم 447 لسنة 2025، بتعيين 46 خريجة من بين 207 مندوبي مساعد بمجلس الدولة بنسبة 22% لأول مرة، يمثل تحولًا تاريخيًا، إذ تم التعيين وفق التقدير الجامعي والتقييم العلمي بعيدًا عن الطرق الاستثنائية السابقة، ما يعكس انتصار الدستور والقانون وفتح الباب أمام تكافؤ الفرص للمرأة المصرية في القضاء. وأشارت المبادرة إلى أن الإنجاز جاء تتويجًا لجهود مستمرة منذ 2014، مع التأكيد على ضرورة متابعة أدوار القاضيات وتمكينهن، وصون الحقوق والمساواة بين المواطنين كأساس قوة الدولة. 

من النبطشية إلى السخرة .. تدهور معايير العمل الطبي اللائق في مصر

شهد القطاع الصحي في مصر مؤخرًا أحداثًا صادمة أبرزت أزمة بيئة العمل بالمستشفيات، تمثلت في استقالة جماعية لثلاث عشرة طبيبة من قسم النساء والتوليد بإحدى المستشفيات الجامعية، ووفاة الطبيبة الشابة سلمى نتيجة الإرهاق الشديد وتدهور ظروف العمل. كذلك شهدت مستشفى سيد جلال الجامعي بالقاهرة، مساء الأحد، واقعة اعتداء على طبيب امتياز خلال أداء عمله، ما أسفر عن إصابته بجرح قطعي في الوجه.

وأوضح الطبيب محمد بسيوني، المجني عليه، أنه فوجئ بدخول مريض في حالة هياج، مصاب بجروح قطعية إثر مشاجرة، وكان يوجه السباب للأطباء داخل المستشفى، قبل أن يستولي على مشرط ويعتدي به عليه في وجهه. وأكد بسيوني أن أمن المستشفى لم يتدخل لحمايته، وأن المريض لم يتم التحفظ عليه إلا بعد الواقعة، ليجري تسليمه لاحقًا للشرطة التي اتخذت الإجراءات القانونية بحقه.

ووثق تحقيق نشرته زاوية ثالثة، ظروف قاسية لبيئة عمل الأطباء في مصر، وشهدت السنوات الاخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات استقالات الأطباء من العمل الحكومي خلال الفترة من 2020 إلى 2025، حيث بلغ إجمالي الاستقالات أكثر من 21 ألفًا في سبع سنوات، مع تسجيل 4,261 استقالة في عام 2022 وحده، بمعدل 13.5 استقالة يوميًا. وفي الفترة من 2019 إلى مارس 2022، بلغ عدد الاستقالات 11,536، بما في ذلك 934 في الأشهر الأولى من 2022، واستمرت الاستقالات في الارتفاع، حيث سجل عام 2023 أكثر من 4,300 استقالة، وفي 2025 أعلنت جامعة الإسكندرية عن 117 وظيفة شاغرة بسبب استقالات جماعية، مع معدل يومي يصل إلى 12 طبيبًا.

ويؤكد الدكتور خالد أمين، -الأمين العام لنقابة الأطباء-، في تصريح خاص لمنصة زاوية ثالثة، أن أزمة المنظومة الصحية في مصر تتفاقم بشكل يومي، وأن ما يحدث لا يمكن وصفه إلا بـ”العبث الكامل”، مشيرًا إلى أن “الضغوط المتراكمة التي يتعرض لها الأطباء أصبحت لا تُطاق، وبيئة العمل في المستشفيات والمؤسسات الصحية الحكومية لم تعد تحتمل، وهو ما يدفع الكثير من الأطباء إما للاستقالة أو للهجرة خارج البلاد، أو حتى ترك المهنة تماماً”. 

يوضح أمين أن الأطباء يواجهون أوضاعاً اقتصادية شديدة التدهور، إذ “يتقاضى الطبيب أجراً لا يليق إطلاقاً بطبيعة العمل ولا بمستوى المسؤولية، ويتعرض لمعاملة إدارية مهينة، كأن يُجبر على تسجيل بصمة الحضور والانصراف رغم كونه في غرفة العمليات أو وسط إجراء طبي طارئ، هذا لا يحدث في أي مكان بالعالم”.

ويتابع: “في مقابل هذه الظروف المهينة، نجد تصاعداً في ظاهرة ترك الخدمة، بل إن بعض الأطباء يرفضون من الأساس التعيين في المستشفيات الجامعية أو الحكومية، لذلك الوضع تحول إلى ما يشبه المحرقة المهنية. المهام الموكلة لطبيب واحد اليوم كانت موزعة على خمسة في الماضي، وبالتالي أطباء شباب ينفجرون من الضغط، وزملاؤهم يشهدون يومياً على ذلك”.

ويشير إلى أن النسخة الأولية لقانون المسؤولية الطبية خلقت حالة من الذعر بين الأطباء، موضحًا: “نحن نرى كيف يجري تصوير الطبيب اليوم كمتهم جنائي، والتعامل مع الخطأ الطبي كجريمة جنائية مباشرة، دون تحقيق علمي أو حكم قضائي نهائي. الإعلام والسوشيال ميديا يساهمان في التشهير بالأطباء، ولا يوجد حتى الآن قانون يحميهم من ذلك”.

ويحذر أمين من خطورة الاستمرار في تجاهل شكاوى الأطباء، مضيفاً: “أي مريض غير راضٍ عن نتيجة علاج أو تدخل جراحي أصبح يملك أداة ترهيب مباشرة للطبيب عبر البلاغات والتشهير، هذا يجعل حتى من يملك عيادة خاصة أو مركزاً طبياً غير قادر على الاستمرار، لأن المطالب الإدارية والضرائبية تنهكه. فواتير إلكترونية، ضرائب مبالغ فيها، مصاريف لا تنتهي، وفي المقابل لا توجد أي تسهيلات تحفزه على البقاء داخل المنظومة”.

ويضيف أن الدول الخليجية والأوروبية باتت تقدم تسهيلات غير مسبوقة لاستقبال الأطباء المصريين، حيث “كانت الهجرة الطبية سابقاً تحتاج إلى ستة أو سبعة أشهر لإنهاء الإجراءات، أما الآن، فالأمر يتم في غضون ثلاثة أو أربعة أشهر فقط، رغم أن قيمة العقود انخفضت نسبياً هناك، لكنها لا تزال أعلى كثيراً من الداخل، خاصة مع تآكل قيمة الجنيه وصعوبة الحياة في مصر”.

ويؤكد أمين في حديثه معنا أن أصوات الأطباء لا تجد من يستمع إليها، مضيفًا: “حين حاولت طرح هذه الأزمات بشكل مسؤول، فوجئت بتحويلي إلى النيابة العامة، وكأن المطلوب من الطبيب أن يصمت فقط. بدلاً من الحوار، اختارت وزارة الصحة طريق البلاغات الأمنية. وكأن الطبيب أصبح تهديداً أمنياً، لمجرد أنه يطالب بحقوقه أو يعرض معاناة زملائه”.

وفي سياق أخر أعلنت نقابة الأطباء، استدعاء أحد الأطباء المتخصصين في أمراض النساء والتوليد للتحقيق أمام لجنة آداب المهنة بالنقابة، وذلك على خلفية مقطع فيديو متداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي يسيء للمهنة.

وأكدت النقابة في بيان لها، رفضها القاطع لمثل هذه السلوكيات التي تتنافى مع قدسية مهنة الطب، ومع القيم الإنسانية والمهنية والأخلاقية التي تفرض احترام خصوصية المرضى وصون كرامتهم.

وشددت النقابة على أنها لن تتهاون في اتخاذ الإجراءات الرادعة بحق أي عضو يسيء للمهنة أو يخل بواجباتها، مؤكدة التزامها الكامل بحماية شرف المهنة والحفاظ على ثقة المجتمع في الأطباء ورسالتهم السامية.

 

نوصي للقراءة: كيف يُفرّغ القطاع الصحي المصري من كفاءاته بصمت؟

المركز المصري يطعن لوقف قرار رفع تكاليف الرعاية والعلاج بمستشفيات الصحة النفسية

أقام محامو المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية دعوى قضائية برقم 86235 لسنة 79 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، وكيلاً عن عدد من المتضررين من أوصياء وأولياء المرضى، إلى جانب مختصين ومهتمين بمجال الطب النفسي، ضد كل من: وزير الصحة، الأمين العام للأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان، رئيس المجلس القومي للصحة النفسية، ومدير مستشفى العباسية للصحة النفسية وعلاج الإدمان، وذلك بشأن قرار رفع تكاليف الرعاية والعلاج في مستشفيات الصحة النفسية.

 

وطالب المركز في الدعوى بوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير الصحة رقم 220 لسنة 2025 فيما يتعلق بقوائم الأسعار المستحدثة، وما يترتب على ذلك من آثار، أهمها العودة للأسعار السابقة قبل صدور القرار، وعدم فرض أي قيود مالية مجحفة على علاج المرضى النفسيين ورعايتهم وإقامتهم، بما يشمل الأوصياء والقائمين على رعايتهم بمستشفيات الصحة النفسية وعلاج الإدمان التابعة للأمانة العامة. من بين المدعين: الدكتور أحمد حسين، الأمين العام المساعد السابق بمجلس نقابة الأطباء، وطبيب بمستشفى العباسية للصحة النفسية.

 

 وأوضحت الدعوى أثر القرار على الحالات الواقعية للمدعين. المدعي الأول، عامل يومية (نجار) يبلغ من العمر 64 عامًا، يرعى نجله المصاب بالفصام (40 عامًا)، وكان يسدد 1800 جنيه شهريًا أثناء إيداع نجله في المستشفى لمدة 18 شهرًا، قبل السماح له بالعلاج في العيادات الخارجية. ومع تفاقم حالة الابن واعتدائه على والده، أودع مرة أخرى في المستشفى منذ أكثر من شهر ونصف، وطُلب من الأب دفع 5400 جنيه شهريًا، وهو مبلغ يفوق قدراته المالية.

 أما المدعية الثانية فهي وصية على شقيقها المودع في مستشفى العباسية منذ أكثر من عامين ونصف، وكانت تتحمل سابقًا 1800 جنيه شهريًا بالإضافة إلى مصاريف الطعام والعلاج، لكنها فوجئت بالمطالبة بدفع 5400 جنيه شهريًا للإقامة فقط، بخلاف مصاريف الطعام والعلاج، وهو ما يفوق قدرتها المادية.

رعاية طبية آمنة للنساء: أجسادنا ليست للتجريب أو الاستعراض

في سياق آخر أدانت مبادرة رعاية طبية آمنة للنساء والطفلات، حادثتين متتاليتين قالت إنهما كشفتا حجم الاستهانة بحقوق النساء والطفلات في جسدهن ورعايتهن الصحية: الأولى تمثّلت في إجراء جراحة تكميم معدة لطفلة عمرها تسع سنوات في خرق صارخ للمعايير الطبية والأخلاقية، والثانية في ظهور طبيب نساء يرقص داخل غرفة العمليات حاملًا مولودًا حديث الولادة في مشهد استعراضي ينتهك قدسية الجسد ولحظة الولادة.

وأكدت المبادرة أن الطفلة في التاسعة لا تملك القدرة القانونية ولا النفسية ولا الجسدية للخضوع لمثل هذا التدخل الجراحي الخطير، وأن مسؤولية البالغين من الأهل والأطباء هي توفير بيئة صحية آمنة وداعمة، لا فرض حلول جراحية تمسّ نموها وحياتها، كما أن تصوير جسد امرأة لحظة الولادة وتحويلها إلى خلفية لاستعراض طبيب هو انتهاك فج للخصوصية وكرامة المريضة، ويعكس تغلغل ثقافة ترى الجسد الأنثوي ملكًا للغير، قابلًا للتصوير والتهكم.

في مواجهة هذه الانتهاكات، طرحت مبادرة رعاية طبية آمنة للنساء والطفلات مدونة سلوك معنى يُفترض أن يلتزم بها مقدمو الخدمات الصحية عند التعامل مع النساء والفتيات، ونطالب وزارة الصحة بتعميمها على جميع المستشفيات العامة والخاصة، ومن أهم بنودها:

الخصوصية والسرية: احترام جسد المريضة، وحظر التصوير أو مشاركة بياناتها دون موافقة واعية ومسبقة.

الموافقة المستنيرة: لا يُتخذ أي قرار طبي إلا بمشاركة المريضة أو الفتاة بحسب نضجها، وبشرح وافي للمخاطر والبدائل.

كرامة المريضة: الامتناع عن أي سلوك استعراضي أو ترفيهي داخل بيئة طبية.

المساواة وعدم التمييز: رفض أي ممارسة قائمة على وصم الجسد أو التعامل معه كمشكلة يجب “إصلاحها”.

مراعاة النوع الاجتماعي: تدريب إلزامي للأطباء والكوادر الصحية على كيفية التعامل المهني المراعي للنساء والفتيات واحتياجاتهن الخاصة.

المساءلة والعقاب: أي خرق لهذه البنود يُعد انتهاكًا مهنيًا وأخلاقيًا يستوجب التحقيق والعقوبات من النقابة والوزارة.

واختتمت بيانها قائلة: “إن أجساد النساء والطفلات ليست ملكًا لغيرهن، ولا مسرحًا لاستعراض أو خضوع لضغوط اجتماعية”، مطالبة وزارة الصحة ونقابة الأطباء بالتحرك الفوري لاعتماد هذه المدونة المهنية وتطبيقها، ضمانًا لحق النساء والفتيات في رعاية صحية آمنة، قائمة على الاحترام والكرامة والحق في القرار.

 

نوصي للقراءة:  كيف يُفرّغ القطاع الصحي المصري من كفاءاته بصمت؟

اتهامات حقوقية بإعدام أسود ونمور في حديقة حيوان الجيزة 

كشفت الناشطة دينا ذو الفقار عن وقوع كارثة في حديقة حيوان الجيزة، حيث أُجريت أعمال ردم وبناء والحيوانات لا تزال داخل الأقفاص، ما أدى إلى فقدان بعض الأنواع وإعدام الأسود والنمور والأشبال بذريعة تقليل النفقات، وفق توصية الجانب الأجنبي. وأكدت أن الحديقة تضم حيوانات مهددة بالانقراض وفق اتفاقية سايتس، وأن التطوير تم دون خطة واضحة أو إشراف كافٍ، مطالبة بإعادة الكفاءات المصرية المتخصصة ومحاسبة المسؤولين.

من جهتها، تقدمت مؤسسة حماية الحيوان بشكوى رسمية للنيابة الإدارية والنائب العام بسبب إعدام الحيوانات، مشيرة إلى سوء الظروف المعيشية والإهمال الذي أدى إلى نفوق أعداد كبيرة، وعدم السماح للجهات الرقابية بالاطلاع على أوضاع الحيوانات أثناء التجديدات، ما أثار الريبة والقلق بشأن ما يجري داخل الحديقة.

 

وأكدت المؤسسة أن الواقعة تهدد سمعة مصر في حماية الحياة البرية، مطالبة بمتابعة الجهات الرسمية، بما في ذلك الهيئة العامة للخدمات البيطرية والإدارة المركزية لحدائق الحيوان، لضمان مساءلة المسؤولين والحفاظ على ما تبقى من الحيوانات.

وفي سياق آخر أحالت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة دعوى قضائية تطالب بوقف استخدام الحيوانات في عروض السيرك داخل مصر إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد التقرير القانوني اللازم.

 الدعوى التي حملت رقم 67597 لسنة 79 قضائية شق عاجل، أقامها المحامي نادي عمر وكيلًا عن لبنى محمد رشاد، رئيس مجلس أمناء مؤسسة حماية الحيوان بأبو صير البدرشين، وطالبت بوقف العروض التي تعتمد على الحيوانات واستبدالها بالمهارات البشرية والابتكار الفني، بما يتوافق مع نصوص الدستور المصري وأحكام الشريعة الإسلامية.

Search